الفصل الثالث والعشرين، في خبر أمس...

373 4 19
                                    

الفصل الثالث والعشرين، في خبر أمس...الفصل الأخير.....
في خبر أمس، كنت هنا وكنت انا، وكانا وبخير، وكل شيء كان علي ما يرام، ولكن عواصف القدر جعلت آليوم وغدا من الخيبات والمعارك الخاسرة مقدما...
...... وفي كل القواعد هنا ما لها موقع من الإعراب و في حدث اليوم هناك أحداث ليس لها موقع من الحياة....
............
كانت تجلس تقرأ في إحدي الكتب، ووجهها ظهر عليه علامات التعب، نظرت للشرفة للحديقة، وشرود. قطعه صوتها  وهي تقول بشيء من الشماتة : خسرتي بالسرعة دي....
نظرت لها بصمت وثم قالت بهدؤء : خسارة، خسرت اي
نظرت عن قرب وقالت : ممكن سبب خسارتك كان غرورك
ابتسمت قائلة : عمر الكرامة ما كانت غرور...
ردت الأخري بقوة قائلة : رغم انك الأولي ولكن مش الاختيار الأول..... علي الاقل من هنا ورايح...
نظرة جانبية قائلة : ماما كانت دائما تصلي الفجر وتدعي وتقول، ربنا يبعد عنك يابنتي ولاد الحرام....
......... ولفتة للخلف، تراه يراقب وحاجبه معقود والنظرة غير موفقة منه، لوجه خالي من التعابير والصدمة، راحلا تاركا إياه يتلقي اختياره الأول....
....................
مابعض التعافي واستقبال الزوار واختفاء تفاصيل الحادث، أتت بكل هدؤء تجلس معه في شرفة منزل ابيه.... يطالع البحر واخته تضع المشروبات الباردة وتخرج مع بعض المزاح، لتنظره هي له قائلة : طول عمرك كنت انسان مثالي ولكن عمرك ما هتكون ليا ولا غيري...
نظرة استفهام منه لها، تكمل وهي تخلع خاتم الخطبة : كفاية كدب علي روحنا، اه مكملناش كتير ولكن، الحقيقة باينة من اول لحظة... انت مش مجبور تكسر نفسك للنسيان، انت مش هتنسي، أو علي الاقل مش بالسهولة دي، ولو دا حصل مش هكون انا....
صمت للحظات... انتظرت منه رد وقال : شكران، انا ردي مش هيكون مثالي، بس انا بشكرك انك وقفتي غلطة بدأتها في لحظة طيش وبعتذرتلك عن اللي حصل دا وقتك ومشاعرك معايا، وانا عارف كويس انك هتلاقي الف مثالي، وهيكون كل شيء أفضل... وانا اسف مرة تانية....
اخفضت رأسها بشيء من الحزن، ورفعتها قائلة : اشوف وشك بخير يا كمال...
صمت منه ورحيل منهآ، وامواج البحر تضرب الشط... ونسيم يلوح لتلك الذكري من عدة أيام.....
نظرة له ولافق : دكتور سامي...
خلع نظارته وقائلا بحزن وخزئ واضح : عامل ايه يا كمال...
ابتسم الآخر قائلا : بخير وانت...
بلع حلقه بصعوبة بالغة قائلا : انا مسافر، بس مقدرتش اهرب قبل ما اشوفك واتكلم معاك
شئ من الاهتمام : لعله خير...
صوت مهزوز قائلا : كلمة حق كتمتها ويمين زور حلفته مجبور....
عيون التقت بعينه بشيء الصدمة والجحوظ وتتابع الأحداث، وامساك عنيف له من ذراعه قائلا بصوت عنيف جاف : انطق...
بدون خوف لرد فعله قال : انا كذبت، هي بريئة وانا حلفت مجبور عشان احمي اهلي وابني، كل شيء رتبه مؤيد....
صدمة وقال : وشهادة مرات يعقوب...
تابع سريعا مقسما : زور، والله العظيم ورحمة يعقوب زور....
تابع بشئ من اللهفة : يعني هي بريئة، هي بريئة صح... قول كل حاجة، كل التفاصيل كل اللي تعرفه...
ادمعت عيونه : اغتصبها وهي عند سن ال١٨ سنة وعذبها لحد ما حصلها كسور ومن الصدمة حصلها شلل، وفقدت النطق واتحولت الي مصحة، وبعدها بفترة يعقوب عرف انه لسا بيتردد على المصحة وبيهددها وحالتها بتسؤء، رجعها البيت وبدأت معاه علاجها ومع دكاترة تانين، وسنين كتير، ٥ سنين محاولات وتعبت وعلاج، وانكتاسات ووجع عاشيناها معها وأدوية وحقن ومحاليل، أوقات كانا بنعجز نرحمها من الوجع... وساعات حالتها كانت بتسؤء من الخوف، وقرارات العائلة، انها لازم تتجوزه وغير أن عماد كان مصدق ان بينهم حاجة بسبب إصراره عليها ومقتنع اللي حصلها جزاء لكذبها عليهم وخيانتها لأمانة... وابوها كان متردد... ياما عيشنا ليالي صعبة معاها، ولكن في حلقة مفقودة، اكيد عملها حاجة وهددها بشيء عشان تسكت ممتكلمش...، رقية مخانتش يا كمال، رقية بريئة الكل باعها....
تنفس ثقيل لكم الألم الموجود في الحقائق وحزن على ماحدث لها وهو بعيد لا يعلم، وضوء من السعادة انها بريئة... ولحظات قبل يفيق من الصدمة والسعادة وينظر حوله ليجده اختفي لا أثر له، مرت الليلة وهو بين الشواطئ هائم وسعيد، قرر في قرار نفسه أن يزورها قائلا لها بكل الحب وأنه معها رغم أنف الجميع لو بعد مائة عام وحتي الموت، فحيث هي كانت تجلس في زنزانتها وسط الفتيات منهم من يثرثر وتلك تلعب مع الأخري، ونجاة بجوارها تنظر لصمتها متعجبة، علمت القليل عنها واشفقت عليها، وهي مازالت مثل الجبل صامت وهادئ... لتدخل إحداهم وتقول : رقية عبد الرحمن، عندك زيارة...
نظرت لها بعدم اهتمام : قوليهم مش هيطلع لحد...
لتقول الأخري : حد غريب مش من أهلك....
نظرة تعجب منها، وتطلعت لنجاة التي بدالتها نفس التعجب، لتمسك عكازها تتكئ عليها وتخطو خطوات بطئية متعبة خلفها، لغرفة الزيارة، ويترك المأمور المكان لهم.، لتراه وتقف بشيء من الصدمة قائلة : كمال، وأكملت بشيء من القوة : اي اللي جابك...
ابتسم قائلا : اول ما خدت إذن الزيارة، قالوا ليا، مش بتقابل حد انت بتتعب نفسك على الفاضي...
لترد بثابت : لو اعرف انه انت مكنتش هطلع...
ليوقف حبال الحديث قائلا وهو يرفع وجهها : لي خبئتي عليا كل السنين دي... لي مخلتنيش أقف جنبك، كنتي في الصورة لوحدك..
لتشعل عيناها خوفاً : كمال ارجوك ابعد، الطريق دا مش طريقك، بص كويس الحياة قدامك طويلة متعملش في نفسك كدا، انا راضية وانت هتنسي بس متعملش كدا ارجوك...
هز راسه رافضا وهو يقول : مبقاش ينفع...
تتراجاه بالرحيل : ارجوك امشي وابعد دي جهنم مش عايز اشوفك زى يعقوب
ابتسم قائلا : لو عشانك انا راضي...
ثقل جسدها عليها، فهوت الي أقرب مقعد، وانخفض لها وهو يسمح دموعها وفامسكت يده قائلة : روحمة يعقوب امشي، لو بجد مصدق لو بجد باقي امشي، انا مش هكون زعلانة منك ولا هتكون قصرت...
وقطع حديثهم، صوت العسكري قائلا بأن الزيارة انتهت، فانخفض وقبل رأسها قائلا : هشوفك تاني...
........ لمعت عيونها بالدموع، والم ونغزات احتلت قلبها، ليته لم يعلم..........
..................... فعند معرفته علم الأخر، وغضب واستقبله وهو مغيب من قبل مثلمين، رائحة السيجار تحتل المكان...، نظرات مشوشة أثناء الافاقة ليجده، ويقول الآخر : حمدالله على السلامه...
صمت، ليكمل الآخر : انت عارف زعلي وحش صح
أجاب ببرود قائلا : لا مخدتش بالي...
نظرة غضب، ليلكمه احد الرجال بعنف، فنزف فمه المجروح من آثار الإصابات السابقة التي تلقها.. ولكن لم تنكسر نظراته.... ليقترب الآخر قائلا :  انا كان فيا طبع وحش وانا صغير عارف هو اي
أجاب سريعا : طبعآ الوساخة... وبصق على وجه... ابتلع الآخر هذا صبرا، وأكمل : اني اناني وانا مبحبش حاجة احبها حد غيري يبصلها... وبعدين احنا رجالة زى بعض، وعارفين أن محدش فينا بيحب ياخذ حاجة التاني، صح ولا اي
نظرة سخرية منه : وانت بقي محسوب علينا راجل من أي اتجاه...
الغضب ثأر، ليلكمه بقوة عدة مرات قائلا مهدداً : انا بمهلك فرصة، النسيان مش اختيار يا كمال...
ليدهس سيجاره قائلا وهو يشير لرجاله وهو يرحل بسباته بحركة أمر : ربيوه.....
............ لتنهال الضربات ويلقي في الطرقات بين الحياة والموت... ويتفاجئ الجميع بما حدث، وهي أيضا تلقي عقاب مخالفة أمره ولقاء ذاك... ولكنه لم ترضخ له ولا رغباته... ولكنها عملت أن تهديده المرة كان قاسيا وجادا... ولأول مرة يؤلمها الخوف والقلق ولا يؤلمها ضربات السواط.... عيون أدمعت بصمت... الاجبار لم يعد ينفع معها، هي لم تعد تخشاه... ولا تهاب قوته.... حتي في ظل قوة الثروة وهياجه لا يغفل لها جفن.... تراه وتريه أن ضعيف... وأنه احرق كل أوراقه... ومابقي لخسارته لم يعد مهم، فحياته أن أهلكت في وحشيته لم تكترث لها ولن تغضب... ولكنها سوف تطمئن أن الجميع لابد وحتي الغروب سيظلوا آمنين........
...................  ....
آخر لقاء لم يكن مجرد صدفة لمعة عيناها وحديثها معه لعدة أمور وتردده لها اكثر من مرة اضحي مركز اهتمام... يذكر انها اختبرته حكايتها وحكايا أخري، مرت أشهر... وتحولت نظرات الاستنكار الي لطف وود.... وآخر لقاء علي شاطئ البحر وهو يقول : سنوية باباها قربت
اومات قائلة : الله يرحمه
رد بسؤال بشيء من الفضول : مش حاسة انك ظلمتي نفسك انك اتجوزتي ابوه
فاجابت بلين قائلة : بالعكس ابوه كان راجل محترم وعمره ما قصر معايا، وبالعكس وقتها كنت محتاجة مشاعر اب اكتر من زوج خصوصا أن بعد طلاقي بابا مكملش كتير ومات.......
هز راسه قائلا : الله يرحمه........
وتكرر الحديث بين الشكر والتجارة واللهو....
...... فما عاد يمر يوم الا وكان له لقاء وحديث، اما هي فنام صغيرها وأخذت تدلل شعرها الأسود باهتمام وهي تدندن بعض النغمات، لتقول حسنية : مزاجك رايق ياست انهاردة...
التفت لها وقالت : مرة من نفسي ياستي
ولحظات حتي طرق الباب، فرحلت حسنية لتفتحه، وبعدها لقاء وهي ترتدي معطف.. يستر ثوبها البارز... لتجدها عزيزة لتبتسم قائلة : ست عزيزة اتفضلي..وأكملت لحسنية : أعملينا حاجة بسرعة يا حسنية...
فقطاعتها الأخري قائلة : انا مش جاية اضياف يا لقاء، انا جاية اقولك كلمتين وافكرك بالأصول...
وهنا ظهرت خالة لقاء في الخليفة تتابع، لتكمل الأخري : لو مش واخدة بالك ولو ناسية انا جيت افكرك، انك ست أرملة وليك ابن ومش حلو انه يسمع كلام مش تمام عن امه وهو في السن دا
جحظت عيناها، فاكملت : مافيش دخان من غير نار، خروجك عمال علي بطال يجيبلك الكلام يضرك مش يفيد... ولو كان برضو علي ابننا، فاحنا هنعلمه الصح والغلط مش عيب، واهو وأوله آخر لسا بطوله ضر أو نفع فهو لنفسه، وللناس راجل مش بيعيبه، لكن الدور و الباقي عليكي....
حاولت الحديث، فاكملت الأخري بقسوة : مش جاية اسمع منك ولا هسمع منه، الأصول أصول، وقبل ما تكوني عايزني أصدق كلامك، صدقي نفسك...
فخرج صوت خالتها واضحا :عداكي العيب يا ست عزيزة.....
تراجعت وخرجت وقائلة : عن ازنكم.... نظرات لؤم من خالتها لها، نظرات اخترقها، اشعرتها باختناق....، فرحلت تشعر بالخذلان لغرفتها، ربما هي محققة، هي أرملة ولكل حديث يحسب عليها جمرا، لا داعي لنسيان أن عماد يظل رغم فرق السن الصغير، اخ عزيزة الأصغر والباقي مما كان حولها من المقربين ..
، فلابد عندما يطير الدخان، ان تظهر مخالب وتلعن الرفض لأول مشكلة، فهو أيضا لم يسلم من عاتبتها واقسمت عليه باخيه وأمه وتركته وأنهت الأمر وقالت : عايز تكمل نص دينك مش هقول حاجة، لكن خروج وسرمحة مش هسمحلك... عايز تساعد وتشيل يبقي بالأصول، فاكر الأصول ولا نسيتها يا عماد...
................................  ...
ولهذا كان اللقاء اليوم جاف، فلاول مرة من أشهر يمر ولا يمزاح الصغير، رغم ندائه، ولم يعبث معها بالحديث لم يشاركها احد أمور التجارة، حتي عند تكرار نداء صغيرها، نادت عليها قائلة.. تعال
فأجاب بحزن : عماد مش بيرد عليا، هو زعلان من أي
ابتسمت له وقالت :مش زعلان من حاجة، بس عمو كان بيخلص شغل مع معايا ولما الشغل خلص مبقاش ينفع يكون موجود عشان غلط... ولا اي
اقترح ببراءة طفل : هروح عنده اشوفه
غضبت وقالت سريعا : لا، وتمالكت نفسها قائلة : عشان عمو اكيد مش فاضي، وانا هكون خايفة عليك لو الشغل شغله عنك....
حزن قائلا : يعني انا هقعد انا خلاص...
اومات له بهدؤء، والحزن يقطر منها....
................  .................................
غضب الأب لفسخ ابنه الخطبة، وعدم وضوحه بالنسبة لحادثه، شعر أن طفله يسلب منه، تغير في كل شيء، كيف اختفي حزنه بهذا السرعة، كيف تدراك الموقف واين كان وماذا حل به..... خطوات من التيه والخوف على ولده البكري، والخوف من وقوعهم في العصيان وخسارته طفل آخر في المعارك... مثلما خسر أخيه المسافر، ولكن هذا المرة سوف يكون الأمر موجع.... فهو غير... قادته خطواته الي وكالة صديقه وهو يعمل، هذا المكان الذي جمعهم لسنوات، في السراء والضراء، في ظل حزن وضيق وكل رخاء وانتصار، كل النكبات بدأت من هنا وانتهي عند هذا المجلس... نظرة تردد ثم خطوات اقتحام، فنظرة دهشة من الاخر ليقول : حكم، نورت...
لينطق الآخر لائما : مكنش العشم بينا، الحقيقة اللي خبيتها عني، هتضيع ابني، هتضيع عمر انا بنيته...
ليهتف الآخر قائلا : انا قولتلك، زمان ومن أولها، مبقاش في نصيب، شوف لابنك غير، وانت اللي رفضت...
_ رفضت، عشان كنت مصدق، مصدق ان بنتك عملت حادثة ومحتاجة علاج، اناوهو وصدقناك، ولو كان عندنا علم بالحقيقة مكنش دا بقي الحال، مكنتش وقفت هنا.....

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 17, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أوراق الخطيئة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن