𝟏

1.1K 93 14
                                    

أسَتيقظت جينيَ فيَ غِرفة المستشفىَ وتكيفَت عيناهَا ببطءِ مِع أضواءَ الفلورسَنت القاسَية التيَ أضَاءت المَكان بِدت الجِدران البيضاءِ وكأنهَا تقتربَ منهَا مَما يعكسَ الثقلَ الخِانق لمَشاعرها.

وعندمَا عَاد وعيهَا قامَت بتجمَيع الأحِداث التيَ قادتهَا إلىَ غِرفة المستشفىَ هذهَ لقَد حاولتِ أنَ تقتلَ نفسَها مَرة أخرىَ ولكِن لمَاذا هيَ لِا تزالَ هنَا.

إنَ إدراكَ مَعرفة محاولتهَا الفاشَلة مَرة أخرىَ تركَ طعمًا مريرًا فيَ فمهَا مَما زادَ مِن قِوة عاصَفة العواطفَ المَشتعلة داخلهَا.

كانتِ نظراتهَا تتجولَ فيَ أرجاءَ الغَرفة مِتأملة الأجواءَ المَظلمة المَحيطة بهَا لمَ تِكن الجِدران تحمَل أيَ صَور أوَ رسَومات فقطِ يوجِد نافِذة واحِدة تسَمح بإلقاءَ نظِرة خِاطفة علىَ العالمَ الخارجيَ.

علىَ الرغمَ مِن أنهَا لمَ توفِر سوىَ القليلَ مِن العزاءَ لنفسَها أسَدلت السَتائر لتحمَيها مِن الخارجَ وكِأنها تحمَيها مِن واقعَ لمَ تعِد ترغبَ فيَ مَواجهته.

وبينمَا كانتِ جينيَ تحاوَل فهمَ محيطهَا لمَ تسَتطع إلاِ أنَ تلاحظِ الحاجِز الزجاجيَ الذيَ يفصَل بينَ غرفتهَا عِن الغَرفة المَقابلة ومِن خِلال هَذا الحِاجز ألقتِ نظِرة علىَ غِرفة مريضَ آخِر.

كانتِ تِلك الغَرفة تشَع بأجواءَ دافئَة وجِذابة زينتَ ألوانَ الباسَتيل الناعمَة الجِدران مَما أضَف شعوراً بالراحِة والهدوءَ السَتائر رقَيقة تحيطَ بالنافِذة مَما يسَمح لضوءَ النهَار اللطِيف بالتسَلل مِن خلالهَا هنالكَ أيضَا كرسيَ بِذراعين بالقربَ مِن النافَذة مَع تلسكوبَ مَما يوفرَ مكانًا مريحًا لمَشاهدة النجومَ والتأمَل.

وبينمَا كانتِ عيونَ جينيَ تتفحصَ الغَرفة المَقابلة لهَا سَقطت عيناهَا بشَكل غيرَ مَتوقع علىَ المريضَ الذيَ يشَغل تِلك الغَرفة بِدت الفتَاة ذاتَ الشخصَية الطِويلة وذاتَ الشعرَ الأشقَر الطِويل المَتدفق حسَاسه وبشَرتها شِاحبة وجسَمها نحيفَ بجمَال آسَر.

ولكِن فيَ عينيهَا وجِدت جينيَ شيئًا رائعًا كِان هناكِ بصيصَ مِن التعاطفَ وشِرارة مِن التفاهمَ بِدا أنهَا وصَلت إلىَ جينيَ فيَ أحلكَ سَاعاتها كانَ تواصلهمَ الصَامت يتحدثَ كثيرًا متَجاوزًا الحاجِة إلىَ الكلمَات.

أرتسَمت أبتسَامة لطِيفة علىَ شفتيَ الفتَاة ولكِن بدلاً مِن الردَ علىَ الإيمَاءة الدافئَة تجنبِت جينيَ نظِرتها أنزلقتَ زوايَا شفتيهَا إلىَ الأسَفل لتشَكل قناعًا مِن اللامَبالاة.

لقَد أعتادتَ علىَ أسَتبعاد الناسَ وحمَاية نفسَها مِن أيَ ألمَ أوَ خَيبة أمَل مِحتملة فيَ رأيهَا قبِول اللطفَ يعنيَ تعريضَ نفسَها للضَعف وهيَ مَخاطرة لمَ تكنَ مسَتعدة لخوضَها.

تلاشَت أبتسَامة الفتَاة الغَريبة والمَليئة باللطِف الحقيقيَ قليلاً لكِن بقيَ وميضَ مِن العزمَ فيَ عينيهَا  كانَ الأمَر كمَا لوَ أنهَا فهمَت طِبيعة جينيَ الحِذرة وكانتِ مسَتعدة لمقابلتهَا بالصَبر والمَثابرة.

تحِول أنتباهَ جينيَ بعيدًا عِن الغريبَ وركزتَ نظِرتها علىَ جِدران غرفتهَا مَرة أخرىَ ربمَا فيَ تِلك اللحظِة تمَ تذكيرهَا أنَ الجِدران التيَ بنتهَا حِول نفسَها كانتِ تحمَيها مِن العالمَ ولكنهَا عِزلتها أيضًا عِن إمَكانية التواصَل الإنسانيَ الحقيقيَ.

...

مطِاردة النجِوم | تشاينيَ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن