𝟐𝟔

141 59 31
                                    

فيَ منصَة المراقبِة ذاَت الإضاءِة الخَافتة فيَ بِرج خليفَة وقفَت جينيَ بمَفردها وركِزت بنظِرها علىَ سَماء الليلَ لقَد مِر عامَ منَذ وفاةَ روزيَ وكانِت هذهَ هيَ وجهتهمَ المخَططة.

وهوَ المَكان الذيَ كِانوا يأمَلون فيَ زيَارته معًا لكنَ اللَيلة كانِت روزيَ غائبِة ولمَ يبقَ وجِودها إلِا فيَ قلبَ جينيَ والصَندوق الذيَ كانِت تمسَكه بِقوة بِين يديهَا.

وبينمَا كانِت سَماء الَليل تتَلألأ بالنجِوم امتَلأت عيونَ جينيَ بالدمَوع وتذكِرت اللياليَ التيَ لِا تعَد ولِا تحصىَ التيَ قضَتها هيَ وروزيَ فيَ مراقبِة النجِوم والبِحث عِن الشهبَ لقَد كانِت علاقتهمَا الخاصَة فرحِة مشَتركة تحِولت الانَ إلىَ حِلو ومَر.

قبِل أنَ تدخِل روزيَ حياتهَا كانِت جينيَ فيَ كثَير مِن الأحيانَ يسَتهلكها شَعور غامَر بالفراغَ كانَ كِل يوَم بمثَابة رحِلة رتَيبة عبِر عالمَ عديمَ اللوَن.

حيثَ كانِت الفرحِة نَادرة وكانِت الروابِط الحقيقَية قليلَة ومتباعِدة كانَ عبءِ الوحِدة ثَقيلاً علىَ كتفيهَا وكانِت تتوقَ إلىَ شيءَ أكثَر علىَ الرغمَ مِن أنهَا لمَ تكنَ قادرةَ علىَ تحِديد مَا هوَ هَذا الشيءَ تمامًا.

ثمَ مثَل موجِة مِن الضَوء المشَع ظهَرت روزيَ بفضَل ضَحكتها المُعدية وروحِها المرحِة جِلبت روزيَ لوحِة ألوانَ نابضَة بالحياةَ إلىَ حياةَ جينيَ التيَ كانِت ممَلة فيَ السَابق تطِورت الرابِطة بينهمَا إلىَ صَداقة جِميلة ووجِدت جينيَ نفسَها تعيشَ سَعادة عمَيقة لمَ تعرفهَا مِن قبِل.

ومِع ذلكِ فإنَ مسَار الحياةَ الذيَ لِا يمَكن التنبؤَ بِه أخِذ روزيَ بعيدًا عنهَا فيَ وقِت مبِكر جدًا تِرك رحِيل روزيَ جينيَ بفَراغ لمَ يسَبق لَه مثَيل لقَد كانَ فراغًا مشوبًا بذكرىَ الفرحِة التيَ تقاسَماها معًا والأثَر العمَيق الذيَ تِركته روزيَ علىَ حياتهَا.

علمتهَا روزيَ ماهيَ السَعادة ولكنَ فيَ أعقابَ رحِيل روزيَ علمتهَا أيضًا معنىَ الحِزن.

لأنَك لنَ تعرفَ الحِزن إذَا لمَ تكنَ قِد جِربت السَعادة بِالفعل لأنَ الحِزن فيَ حِد ذاَته كانَ الحنينَ إلىَ سَعادة الماضيَ.

تمسَكت جينيَ بِقوة بالصَندوق الذيَ تِركته روزيَ لهَا وهيَ تعتزَ بِكل ملاحظِة ورسَمة كمَا لوَ كانِت قطِعة مِن روَح صديقتهَا.

بإستثناءِ الانَ تمَ وضَع عِلامة علىَ الملاحظِات بواسَطة جينيَ أيضًا.

"مرحبًا أنِا روَزان يمَكنك مناداتيَ روزيَ مَا أسَمك."

مرحبًا روزيَ أفتقَدك.

"صَباح الخَير أتمنىَ لكِ يومًا مليئًا بالأمَل والشفاءِ."

صَباح الخَير أفتقَدك.

"آمَل أنَ تجديَ القوةَ فيَ النجِوم التيَ تضيءَ الليلَ نحِن جِميعا جِزء مِن نفسَ السماءِ."

إنَه يؤلمنيَ يَا روزيَ أفتقَدك كثيرًا.

"أعلمَ أنَنا غربِاء ولكنَ أتمنىَ أنَ تجديَ العزاءِ فيَ معرفَة أنَك لسَت وحِدك أنِا هنَا مِن أجِلك حتىَ مِن جِميع أنحِاء الغَرفة."

أتمنىَ لوَ كنَت لاِ تزالينَ هنَا حتىَ فقطِ مِن جِميع أنحِاء الغَرفة.

"أنِا أسَفة بصَدق بشَأن ذلكِ اليوَم هَل هنَاك أيَ طِريقة يمكننيَ مِن خلالهَا تعويضَك."

هَل هنَاك أيَ طِريقة يمَكنك مِن خلالهَا أنَ تكونيَ هنَا معيَ مِرة أخرىَ؟

"مرحبًا مجِدداً أتمنىَ أنَ يجلبَ لكِ اليوَم لحظِة سَلام حتىَ وسَط التحِديات أعتنيَ بنفسَك."

آمَل أنَ يعيدكِ اليوَم إلىَ هنَا معيَ.

فيَ بعضَ الأحيانَ فيَ لحظِات الهدوءِ تجِد جينيَ نفسَها مغمَورة بوخِزة مِن الندمَ لقَد كانَ النَدم هوَ الذيَ ينخَر فيَ قلبهَا النَدم الذيَ وَلد مِن إدراَك أنهَا تجِاهلت فيَ البِداية ملاحظِات روزيَ.

عندمَا التقَيا لأوَل مِرة كانِت تسَتجوب نفسَها وتتمنىَ لوَ أنهَا رأتِ مَا وراءِ أسَوارها ومَا وراءِ الحواجِز التيَ بنتهَا دونَ أنَ تدريَ.

كانَ النَدم يتسَلل إلىَ أفِكار جينيَ ويهمسَ فيَ أذنهَا عِن الفرصَ الضَائعة والوقِت الضَائع فيَ عِدم مصَادقة روزيَ فيَ وقِت سَابق كانِت تِكرر تِلك اللحظِات وتِلك الأجِزاء الثَمينة مِن الوقِت عندمَا كانَ حضَور روزيَ قريبًا.

لكنهَا ظِلت بِعيدة غَير مَدركة للارتبِاط العمَيق الذيَ كانَ مِن المَمكن أنَ يكونَ قِد نشَأ سَوف يسَتقر ثَقل هَذا النَدم عليهَا بِشدة ويلقيَ بظِلاله علىَ الذكِريات التيَ كانَ مِن الممَكن أنَ يخلقوهَا معًا.

ولكنَ وسَط موجِات النَدم توصَلت جينيَ إلىَ إدراَك عمَيق أنَ مَا كانِت تنَدم عِليه لمَ يكنَ الماضيَ المفَقود بِل المسَتقبل المَفقود وليسَ مَا لمَ يكنَ ولكنَ مَا لنَ يكونَ أبدًا.

وبينمَا وقفَت جينيَ فيَ صَمت ونظِرتها مثَبتة علىَ سَماء الليلَ بِدأ شَعور السَلام يسَتقر داخلهَا.

فيَ تِلك اللحظِة الهادئَة عندمَا بِدا أنَ العالمَ يحبسَ أنفاسَه أخَترق شعاعَ مِن الضَوء الظلامَ كانَ الشهابَ

أشتعلَت أنفاسَ جينيَ فيَ حِلقها وهيَ تشاهَد مسَار العجائبَ السَماوية عبِر السَماء كانَ الأمَر كمَا لوَ أنَ الكونَ نفسَه قِد تآمَر ليرسَل لهَا رسَالة رمزًا لحضَور روزيَ الأبديَ.

أرتسَمت أبتسَامة لطيفَة علىَ زوايَا شفاهَ جينيَ وهيَ تغَلق عينيهَا وتسَتمتع بِدفء تِلك اللحظِة العابِرة.

لقَد حِافظت علىَ وعِدك يَا روزيَ.

_

النهاية

🎉 لقد انتهيت من قراءة مطِاردة النجِوم | تشاينيَ 🎉
مطِاردة النجِوم | تشاينيَ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن