𝟏𝟕

89 78 22
                                    

"أريَد أنَ أحكيَ لكِ قصِة." قالتِ روزيَ لجينيَ بهدوءِ حيثَ وجِدوا أنفسهمَ مَرة أخرىَ فيَ روتينهمَ المَعتاد المتمثَل فيَ إنتظِار الشهابَ علىَ الرغمَ مِن أنَ الفرقَ هَو أنَ اللَيلة هيَ ليلتهمَ الأخِيرة.

تحِولت نظِرة جينيَ مِن سَماء الَليل إلىَ الحاجِز الزجاجيَ حيثَ يمَكنها رؤيَة روزيَ جالسَة بجِوار النافَذة وكِان تعبيرهَا مزيجًا مِن الفضَول والحماسَ لقَد أعتادتَ علىَ قصصَ روزيَ حيثَ تقدمَ كِل واحِدة منهَا لمَحة عِن أعمَاق خيالهَا لكِن اللَيلة لمَ تكِن مَختلفة.

"فيَ قريَة هَادئة كانتِ تعيشَ فتاةٌ أشتهَرت بعدمَ قدرتهَا علىَ الارتعاشَ." بِدأت روزيَ بينمَا ظِلت عيونَ جينيَ ثَابتة علىَ سَماء الَليل وكانتِ تتظِاهر بعدمَ الاهتمامَ بقصَة روزيَ.

"مِنذ لحظِة ولادتهَا كِان مِن الواضحَ أنهَا مَختلفة عِن الأطِفال الآخِرين وبينمَا كِان أصَدقاؤها يرتجِفون عِند رؤيَة عنكبِوت أوَ خوفًا أثناءِ العواصَف الرعِدية ظِلت هَادئة وغيِر منزعِجة يبدوَ أنَ لِا شيءَ يجعلهَا ترتعشَ."
بينمَا نسَجت كلمَات روزيَ قصَة مِن الضَعف والعواطِف أبِقت جينيَ نظرهَا موجهًا إلىَ النجوَم إلِا أنَ أنتباههَا أنجذبَ إلىَ صِوت روزيَ اللطيفَ الذيَ يحمَل الكآبِة.

روزيَ التيَ تِدرك جيدًا لامَبالاة جينيَ المَزعومة واصَلت مشَاركة القصِة بتفَان لِا يتزعزعَ كِان الأمَر كمَا لوَ أنهَا رأتَ مِن خِلال قناعَ جينيَ مِع العلمَ أنَه يوجِد تحِت المظهَر الخارجيَ البِارد قلبًا حنونًا.

لقَد فهمَت حاجِة جينيَ للمسَاحة ومِع ذلكِ أستمرتِ فيَ التواصَل علىَ أمَل أخِتراق الحواجِز التيَ بنتهَا جينيَ بِدقة:
"وفيَ ليلَة مقمَرة بينمَا كانتِ مسَتلقية تحِت سماءِ مرصَعة بالنجوَم بجانبَ حبيبهَا أجتاحهَا خوفِ خفيَ فيَ تِلك اللحظِة وهيَ ملفَوفة فيَ قبضَة الحبَ الرقيقَة أرتجِفت للمَرة الأولىَ."

عندمَا إنتهَت القصَة صَمتت روزيَ مَما سَمح لثَقل كلماتهَا أنَ تعلقَ فيَ الهواءِ.

كسَرت جينيَ الصَمت أخيرًا وأدارتَ رأسَها قليلًا والتقَت عيناهَا بنظِرة روزيَ عبِر الحاجِز الزجاجيَ تمَتمت وهيَ تهَز كتفيهَا بِلا مَبالاة:
"أعتَقد أنهَا كانتِ قصَة جِيدة لكنَك تعلمَين أننيَ لسَت مِن الأشخاصَ الذيَن يحبِون الأشياءِ العاطِفية."

أرتسَمت أبتسَامة باهتَة علىَ شفتيَ روزيَ ولمَ تضَغط روزيَ أكثَر عليهَا حيثَ شعِرت بحاجِة جينيَ إلىَ المسَافة وبِدلاً مِن ذلكِ أسَتندت إلىَ النافَذة وعِادت نظرتهَا إلىَ سمَاء الَليل:
"أتعلمَين يَا جينيَ سَأفتقد هذهَ اللياليَ والقصصَ وأنتظِار الشهابَ معًا لِن يكوَن الأمَر كمَا كِان بِدونك.

تِوقفت جينيَ للحظِة وثبتَت نظِرتها علىَ النجوَم المَتلألئة فيَ الأعلىَ كمَا لوَ كانتِ تفِكر فيَ ردهَا وبلهَجة غِير رسَمية تحدثَت أخيرًا وكانتِ كلماتهَا تحمَل لمَحة مِن العاطِفة التيَ تتناقضَ مِع سَلوكها اللامباليَ.

قالتِ جينيَ بصَوت مليءَ باللامبِالاة المصَطنعة:
"حسنًا يَا روزيَ أعتَقد أنَ الأمَر لِن يكوَن كمَا كِان بدونيَ مِن سَيراقب سمَاء الَليل معَك ويسَتمع إلىَ قصصَك العشوائَية."

لمَ تسَتطع روزيَ إلِا أنَ تضَحك علىَ ملاحظِة جينيَ لقَد فاجأهَا التحِول المفاجئَ مِن الضعفَ إلىَ المَحادثة المَرحة لكنَه جلبَ أبتسَامة علىَ وجههَا لقَد أدركتِ أنَ جينيَ قِد أرتدتَ مظهَرها الخارجيَ مَرة أخرىَ لتحميَ مشاعرهَا خِلف قناعَ مِن اللامَبالاة.

ضَحكت روزيَ وكانتِ ضَحكتها مليئَة بمَزيج مِن التسَلية والمَودة:
"آهَ جينيَ أنتيَ لِا تفشَلين أبدًا فيَ مفاجأتيَ بالأمسَ كنتِ ناعمَة وضَعيفة والآن عدتِ إلىَ طِبيعتك المَعتادة لكِن فيَ أعماقيَ أعلمَ أنِك تهتمَ بيَ." أغاظتهَا روزيَ.

أبتسَمت جينيَ بلمَعة ترقصَ فيَ عينيهَا:
"حسنًا لِا تعتاديَ علىَ ذلكِ لقَد كانتِ مجِرد هَفوة مَؤقتة." قالتِ تمازحهَا وكانتِ نبِرة صِوتها خفَيفة ومرحِة.

وبينمَا يفسَح الَليل المَجال تدريجيًا ليومَ جِديد تكشَفت ليلتهمَ الأخِيرة معًا وكأنهَا فصَل عِزيز فيَ قصتهمَ لمَعت النجوَم فيَ الأعلىَ وهيَ تشهَد سماوية علىَ عمَق الرابِط بينهمَا.

...

مطِاردة النجِوم | تشاينيَ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن