الجزء التاسع عشر

222 27 17
                                    


غارق في مستنقع اسود عميق بينما يسحب للأعمق ...

يري كل شئ في حياته عبارة عن شريط طويل يتمدد امامه يشاهده وكأنه يطالعه لأول مره وبلا وعي ...

شئ استوقفه وكانه كان علي استعداد لرؤيته ...

اخر الشريط كان مشهد للحادثه بينما يحتضر أمام عينه ...

لم يري ولم يذكر اي شئ مما كان قد عاشه قبلا ليدرك لوهلة اخيرا إنه كان حلم طويل ...

يعيشه بمفرده في عالم خيالي إفترضه عقله الباطن ...

وها هو يستقبل الموت برحابة صدر .




























بينما هو فاقدا الوعي علي سريره معلقه بجسده اسلاك المحاليل و أجهزة القلب و التنفس تجلس والدته تبكي بحرقه جانبه بصمت ، تناجي ربها أن يعيده سالما ولا يكون نصيبه كنصيب صاحبه قبل أن يفوت الأوان ، تناجيه بخفوت لعله يسمعها و يفيق عائداً للحياه .
































ارتدت روحه لوهله إليه ليشعر بأنامله البارده و اطرافه الهامدة بينما ينتشر سائل بارد ينعش دمه في جميع أنحاء جسده .

فتح عيونه قليلا يستشعر المكان من حوله ناظرا لسقف الغرفه شارد بتفاصيله ، المكان ابيض مسطح من حوله فلا صرير لصوت هنا سوي صوت الهدوء يملأه صوت الصفير الهادئ التابع للأجهزة الطبية ، كان موضوعا علي فمه جهاز التنفس لذا نزعه ببطئ لينظر الي الاسلاك المعلقه بيديه ، ارجع رأسه للخلف مرة ثانيه ليقفل عيناه وهو يتنهد بحزن .

حاول الجلوس ليشعر بوغز مفاصله وشلت حركته لثواني ، تأوه بخفوت بينما يغمض عينيه بألم ، حاول التماسك و جذب قوته من جديد حتي يستطيع المشي بعيدا عن السرير وهو يستند علي الطاوله بعد أن نزع المحاليل و الأسلاك ، خطي بخطوات بطيئه و حذرة حتي لا يتعثر ، فتح باب الغرفه بهدوء دون أن يجذب إليه الإنتباه وكانت بالفعل الممرضات منهمكات في عملهن ، سار بممر الغرف يتأمل الغرفه التي زارها قبلا في حلمه ، حتي وجدها بالفعل ، وقف عند الباب بينما يفتحه برفق ، نظره وقع علي هدوئها و فراغها بينما يتسلل اليها الهواء مداعبا الستائر بإنسيابية يتقدمه ضوء الشمس القوي الذي يتوسط نوره رقعة السرير .

تقدم ناحيته يطالعها بهدوء وهو فارغ ، يرمقه بإرهاق وقلة حيله بينما يقرأ اسم صاحب الغرفه والذي كان مكتوبا بخط عريض

" بارك جيمين "

لم تتغير ملامحه فكان مدركا إلي أنه فارق الحياه فعلا ، في الوقت الذي كان في غيبوبته ، كل هذا وهو يظن أنه مات قبلا ، روحه التي كانت تأتي إليه لتقوده اليه في كل مره كان يعجز عن إيجادها لانه ببساطه ليس في عالمه وعندما عاد لوعيه كان قد غادرها هو وقد فات الاوان بعيدا عن العالمين وقد يذهب إليه قريباً .

مسح بأنامله الدافئة مكانه علي السرير يتحسس موضعه بإشتياق ولا يهون عليه المه سوي شعوره بإقتراب أجله ، روحه وجسمه نزفت الكثير من الدماء و الدموع حتي أصبحت عيناه متحجرة .

ودع الغرفه كآخر مرة عائدا بنفس هدوءه وحذره لغرفته ،، لم يكن هناك أحد انتبه له بعد فأنتهز الفرصة السنحه الاخيره التي أمامه قبل رحيله ، اقترب من مكتب كان موضوع بالحجرة فتحه فظهر له بعض الأوراق و حبر الكتابه ، جلس علي الكرسي بتوعك من وغز جسمه بينما يبدأ بنثر عباراته علي الورقة ، يستثير حسه ومشاعره بتركيز ليكتب كل كلمة بحب وإخلاص ، يشحذ آخر طاقة له ليخطو مشاعره الدفينة ، وبعد مرور حوالي النصف ساعة كان قد انتهي من كتاباته ونسخها الي ست اوراق واضعاً واحده منها علي المكتب و الخمسه كمشهم في يده ، التقط ملابس هارئه كانت مرميه بإهمال في الصوان ارتداها واستطاع الولوج لخارج المشفي .

لو كان الاماكن التي زارها فعلا في حلمه صحيحه إذا سيستطيع أن يفعل شيئا في هذه الحياه صحيحاً ، لكنه لا يذكر أنه قد زار قبره في الحلم نهائيا هذا يرجع إلي كونه لم يمت حينها ، ذهب إلي مكتب البريد ومعه قصاصات الورق الخمسه وقد طبعها بأماكن إرسالها وسلمها للرجل والتي سيكون تاريخ إرسالها غدا ، ودعها وهو يتمني لو يفهموا كلامه و يعذروه .

كان قد شعر ببعض الإرهاق قد بدأ يتسلل إليه فأحس بالخطر وقرر العودة سريعا للمشفى قبل أن يحصل له شئ في الشارع ، استقل الحافله ومع كل دقائق تمر يشعر بأعراض المرض تزيد شيئا فشيئا متسببة في صداع نصفي حاد يتفاقم المه بإستمرار .

وصل للمشفى وهو يستند علي الجدران بينما يتنهد بإعياء محاولا الوصول لغرفته سريعاً ، دلفها واقفا الباب ليشعر بدوران حاد والم في رأسه حتي كاد ينفجر جسى علي ركبتيه بينما يضغط علي رأسه بقوة وقد انهارت قواه ولم يعد له القدره عن الحركه أو المشي من مكانه ، أحس بأنه سيفقد الوعي في أي لحظه لذا حاول اخراج صوت من حنجرته لتنبيه أحدهم لكن من حدة الالم لا يستطيع التحكم في احباله الصوتيه .

وقع نظره علي زر التنبيه ليزحف بصعوبة علي مرفقيه وصولا اليه ، ضغط عليه كآخر محاوله لأنقاذه ، اغمض عينيه بإستسلام غارقا في غيبوبته والتي قد لا يفيق بعدها ابدا .








































" يتبع "




العد التنازلي للنهايه

٢
.
.
.

ČŘYŜŤÃĹ ŜŇỖŴ  ✓✓ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن