الجزء الحادي عشر

5 1 0
                                    

انفجرت عينيّ داي المُحمرة بالدموع و تعالت ضحكاته الساخرة: أنت أيها الأمير المدلل لا يهمك من حولك فَعندما ساء الحال بالقصر جمّعت ما استطعت من الثروة و اصطحبت الطفل و نفذت بِجلدك!
نفي كارل برأسه و هو في حالة من الذهول، شعورٌ بالشفقة عليهم بدا يتسلّل إلى قلبه و ما إن فتح فاهُ ليتكلم حتى ألجمته صدمته فيما قاله الرئيس: لكن هربُك من القصر ساعد داي كثيراً يا كارل
دفعه على قفاه و أكمل: لهذا يدينُ لك بحياتهِ و أمرنا بِإختطافك ليضمن عدم عودتك للقصر نهائياً و هاهو في مسيرتِه للسيطرة على المملكة بإستخدامنا نحن كالبيادق في لعبة الشطرنج الجامدة لا من يوقفه عند حدّه، يتحالف مع أمثاله من الأندال بإستمرار
أغمضَ كارل عينيه نادماً على فعلته ففي ظِل هذه الأحداث من المفترض أنه ساند الجميع بدلاً من الهرب لا فادهُ الهروب و لا سيفيدهُ الندم، فتح عينيه بتردد و قال بغرض سحب المزيد من الأخبار: ماذا عن مارك ألايزال في غيبوبته؟
جلس الرئيس متكئاً على الحائط بلا إجابة و النعاس قد سيطر عليه فحوّل كارل ناظريه على البقية بِرجاء منه أن يردوا على تساؤلاته لكن كل شخص منهم يهذي في حاله ولم يكترث لحديثهما أحد، مدّ قدمهُ ليهز جسد الرئيس النائم بالقرب منه و يئِس بعد محاولات إيقاظه، و قضى ليلته غاصاً في أفكاره بحثاً عن أجوبة التساؤلات التي غزت رأسهُ بِهمجية
.
.
في إقليم ديسكورد خرجت جوليا من القسم بعدما اخدت نصيبها من التحقيق مع صاحب المطعم و شاب آخر حيث أفادوا الشرطه بِعدة معلومات منها نوعية السيارة التي يركبها أفراد العصابة و ملامح رئيسهم الذي أبرحهما ضرباً حتى أغمي عليهما، تفاقم قلق جوليا وهي تسترجع ما قاله المحقق عندما وضع عدة صور لرؤساء عصابات مختلفة على طاولة مكتبهِ و سأل الشبّان ما إن كان أحدهم متواجدا، فالتقط الشاب صاحب المطعم صورة رئيس عصابة العقرب و أيّده الشاب الآخر فعقد الشرطي حاجبيه و قال: القضية متعلقة بمداهمة البوابة كما توقّعت .. أرجوا ألا يكون متورطاً معهم!
نفضت جوليا أفكارها المتضاربة و شقت الدموع مجرى لها عبر وجنتيها، بِحرقة قلب جلست على كرسي الحديقة العامة و جانبها كريس النائم انحنت للأمام مطأطأة الرأس و تحدّب ظهرها من ثقل الهمّ .. أفزعها صوت تنهيدة خلف ظهرها و يدٌ باردة تربّت عليها فَأطبقت أهدابها الرطبه و ازدردت ريقها محاولة السيطرة على توترها و التفت لتقول بِدهشة: هذا أنت!
ابتسم الشاب صاحب المطعم و مدّ يده مصافحا إياها: إسمي رين، هل إلتقينا مسبقاً؟
اردفت جوليا بإبتسامة عفويه: أظن أننا تقابلنا في غير مركز الشرطة، في الطريق بعدما تشاجرتم مع العصابة!
رين: أظن هذا، كنت أبحث عنك منذ خروجك من مركز الشرطة؛ فضلاً هل تسدي لي تبادل منفعة؟
عقدت جوليا حاجبيها بعدم فهم فوضّح قائلا: دبّرت لك مسكن بشرط أن تباشري في العمل عندي!
لم تجب جوليا على عرضه فأردف في إحراج: لن أضغط عليك إنما أترك لك حرية القبول
وافقت جوليا و هي تحادثه بإمتنان: الحصول على عمل و مأوى لهو معجزة في ظل ما أمرُ به أشكرك رين، أنا حقاً مُمتنة لك
ابتسم رين بلطف بالغ و أجاب: العفو، في حقيقة الأمر كنت أبحثُ عن سيدة تتولّى المطعم
ثم تابع واقفاً: هيا لا تطيلي السهر !
بادلته جوليا الابتسامة و مشت ورائه محتضنةً كريس: رين؟
استدار مستفهماً: نعم !
تردّدت جوليا بِقولها: برأيك لما يساعد الناس بعضهم؟
ضحك بِخفة و أردف: لا أعرف تماماً، نحن نساعد وفقاً لِفطرتنا مُلبيّن تحت شعار الرحمة ..
ركب ثلاثتهم السياره و قادهُم رين إلى المخزن، ترجلت جوليا مع كريس خلف رين الذي أعطاها المفتاح قائلا: الأثاث بسيط لكن أرجوا أن ينال إعجابك
فتحت جوليا الباب و على محياها ابتسامة رضى: جميل !
أرخت كريس على سريره و أضافت تتفحص أنحاء الغرفة بإعجاب: لديك ذوق مميز بالفعل
تنحنح رين مغادراً: شكرا لك، أراكِ بالغد حسناً؟
جوليا: بالتأكيد سأباشر العمل من الغد، تصبح على خير
غادر رين و أقفلت جوليا الباب كي تبيت في سباتٍ عميق بعد ليالي السهر في الحدائق العامة
.
.
في الصباح الباكر حيث استقرّت الطائرة على أراضي مملكة فورست ترجّلت كلاهما تجاه سيارة آن الخاصة، نزل السائق ليفتح لهما الأبواب ثم شغّل محرك سيارته نحو القصر و هو يلقي نظراتٍ خاطفة على آن من المرآة الأمامية شعرت روز بإرتباكهِ فاستجوبته قائلة: ماذا هناك؟
أجاب السائق بِأسى: سيدتي غدا سيُرشح الكونث حاكماً لمملكة فورست
قلّبت آن عينيها بلامبالاة بينما قالت روز بغيض: الحادثة مدبرة إذاً لا أستغربها من الكونث!

حــكــايـــا الجُـــدرانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن