في المساء تجتمع روز و آن مع الصديقات في أحد متنزهات مملكة فورست لتهنئة زميلتهن بمناسبة حلول ذكرى ميلادها و بُلوغها عقدين من العمر، جلسنَ على المقاعد بجانب بقية الفتيات حول طاولة مستطيلة الشكل مزينة بالشموع و الورود و قالب الحلوى الذي قُسم إلى عدة قطع قبل ثوانٍ، استمتعت الاثنتان بالحفل و الدردشة مع الأصدقاء بأريحية و بعد أن غادر معظم المدعويين عادتا إلى القصر و هما مفعمتان بالمرح
هتفت روز: أخيراً الحرية المطلقة بغياب المزعج الكس
لوت آن شفتيها متمتمتاً: هنيئاً له لقد نجى من مضايقاتك
ضربت روز قفا آن بقوة و حماس وهي تقول: صحيح لأن الضيف الثقيل إذا مكث كثيراً سيتعرض للطرد و للقلع، تماماً مثل سوسة الأسنان
سعلت آن بشدة ثم أردفت بإنفعال: ماذا دهاك بحق الإله كدت أموت! هل تنوين طردي إلى المقبرة؟
جارتها روز بإبتسامة جانبية مستفزة: تحديداً
ثم أكملت متداركة أمر ما بسرعة: أوه نسيت، ستعملين على الإفراج عن أبي ثم سأطردك أنتِ أيضاً
قهقهت الإثنتان في الوقت آنه ثم حدّقت آن بريبة عندما قالت: لما لم نقم بزيارتهِ يا روز؟
اتسعت حدقتا روز و هتفت: فرصة، فرصة، أجل
أومأت آن بالإيجاب: أنا كذلك متشوقة لرؤيته
روز: بصراحة فكّرت بهذا لكنني قررت تأجيله إلى أن يتحسن حالك
أردفت آن متفهمةً: غداً سنزوره، تتفقين؟
روز: بالتأكيد
ثم أكملت بحيرة: هل أخبره بهذا عبر رسائل البريد أم أفاجئه بالغد؟
أجابت آن: ما رأيك بتركها مفاجأة؟
روز: حسناً، ستكون مفاجأة أسطورية
أيّدتها آن: تجمع بين الشابة ذات التسعة عشر عاماً بوالدها لأول مرة !
ضحكت روز بإنسجام: أتفق معك بنشره في عناوين الأخبار
.
.
بعيداً في جولة مع رجل المخابرات.. استقر وليام خلف مِقود سيارته المتواضعة يتبع السيّارات اللواتي أمامه في طُرق ديسكورد المزدحمة، إلى أن توقفت مقابل بوابة المزرعة المهجورة فانعطف وليام يميناً يراقبهم من بعد حتى لا يلحظوا وجوده و وثّق هذه الزيارة بإلتقاط صورٍ لهم عندما ترجّل داي و حرسه من السيارات قاصدين الدخول، مرّت حوالي ساعتين و بينما وليام لا يزال يراقب المزرعة كان داي يشعر بذروة الإنتصار و هو يهدد كارل و يعنّفه
بصق كارل على حذاء داي المغروس في صدره و قال مختنقاً يلفظ كلامه بِعسر: أبعد قدمك القذرة عني لا تظن بأني سأستسلم طوعاً لك، مهما فعلت بي!
تضاعف جنون داي ضاغطاً بشدة أكبر على كارل: ستُوقع على التنازل إن شئت أم أبيت
تأوّه كارل بِوهن و ألم ثم أغمض عينيه محاولاً التريث و السيطرة على أعصابه ليجيب: دعني أعيد التفكير بالأمر!
إستقام داي في وقفته و رسم إبتسامة ماكرة بثّت من الخبث في عينيه: لن أمهلك سوى هذه الليلة
حدق به كارل بصمت فغادر الآخر مع حرسه إلى الفندق ليقضوا ليلتهم فيه، بعدما تأكد وليام أنهم سيبيتون هناك عاد أدراجه إلى المزرعة ليحصد نتاج فضولهِ الغامر، و تسلق عبر السياج لإلقاء نظرة عامة على الوضع و عندما لم يستطع الرؤية جيداً بسبب الظلام عزم على التسلل إلى الداخل، مشي خطواته بخفة الريشة كي لا يصدر منه أي صوت في الهدوء السائد على المكان عدا صوت متقطع لتأوهات شخص ما، فإقترب أكثر بإتجاهه و تبيّن له جسد مكبل بالأصفاد و محاصر بين السلاسل الحديدية فلم يتردد بالاقتراب أكثر و يوجهُ سؤاله ملفحاً بالغموض: من أنت و ماهي علاقتك بداي؟
رمقه كارل مستغرباً: أخفض صوتك إلا إذا رغبت بإيقاظ أفراد العصابة و الصّلب على إحدى الأشجار!
كرر وليام سؤاله مخفضاً من نبرته: أجبني من أنت؟
كارل: أنت من تكون و مالذي تنوي فعله بهذه السكين الضخمة؟
وليام: هل من الأنسب لي أن أحمل باقة ورود مثلا؟ أجب ولا تماطِل يا هذا
أجابه كارل بنفاذ صبر: أنا الأمير كارل سيلار الوريث الثالث للحكم في مملكة ايجل الهارب ثم المختطَف هنا، أيكفيك هذا؟ مزيداً من الاستفسار توجّه إلى الرئيس بالداخل أرجوك؛ رأسي سينفجر من فرط التساؤلات !
ارتسمت معالم الصدمة على ملامح وليام و قال بتلعثم: كارل! .. سأتغاضى عن كل شيء الآن عدا كونك محتجز هنا! .. ياإلهي هذا لا يصدق، أيعقل ..؟
قال كارل ساخراً: يبدو أنك تجيد لعِب دور المتفاجئ جيداً بل و المحقق الحازم أيضاً
وليام: هل أنت خائف مِني لهذا الحد؟
نفي كارل: لا مزاج لي للضحك أغرب عن وجهي من فضلك؛ أخبرتك أن الرئيس في غرفته بالداخل
وليام بجديّة: لا أريد مقابلة الرئيس كل ما أريده هو معرفة سبب تواجدك في هذا المكان
قال كارل بإنزعاج: و مَن مِن المفترض أن تكون لديه الإجابة الخاطف أم المخطوف؟
تنهّد وليام قائلا: إذا تظنني أنتمي للعصابة وتحت قبضة داي؟ كنتُ كذلك في يومٍ من الأيام !
تابع كارل: أنتم الجبناء يا من تتسترون بِظلمة اليل خافيين حقيقة نواياكم سيرفع عنكم السّتار يوماً من الأيام أمام الجميع سيظهر الحق مهما بَعد
سكت وليام ثم قال بِهدوء بالغ: أنت مُخطئ
كارل: أثبت العكس و سأحاول تصديقك
تقّدم وليام لقطع السلاسل: ماذا إن أثبت؟
وقف كارل متحرراً من السلاسل الحديدية يرمق وليام بِريبة بينما الآخر جذبه من معصمه قائلا بسخرية: هل تريد توديعهم بالأحضان أم ماذا؟
ركض خلفه كارل و تسلّق السياج بصعوبة بسبب جراحِ ساقه و الأصفاد التي تقيّد يديه، عانى حتى وصل كلاهما لسيارة وليام المركونة على بعد مسافة ليست بِالقريبة
قصد كارل أصفاد يديه بقوله: أكمل معروفك و أفصلهما
أخرج وليام سكينه و قطع السلاسل الواصلة بينهما و هبط على مقعد السيارة يلتقط أنفاسه
جلس كارل بجانبه و قال: إلى أين؟
أجاب وليام بإقتضاب: إلى المشفى
فإكتفى بالصمت تاركاً المجهول يحدد مصيره، و ألفٌ و أكثر من الأفكار تداهمه لحظتها، لكنّه آثر الصمت و كفى ..
أنت تقرأ
حــكــايـــا الجُـــدران
Random"مُقْعَدَةٌ بَيْنَ سَلَاسَةِ الّصَفَحَاتِ حَتَّى نَكَثْتُ مَا تَكَتَّمْتُهُ عَلَى سَطْرٍ مِنَ الْإِرْهَاقِ أَبْلَيْتُهُ بِمَشَاعِرِي لِأَمْضِي إِلَى الْأَمَامْ " . نبذة عن الرواية ؛ بطلنا شابٌٍّ صقله الزمن و ردمَ ملامحه ، ترك أهله و عرشه فاراً إلى ق...