#قبور_ناعمة
الفصل الخامس عشرتمر أيام الهناء لتمحُ كل مر، وتداوي قلوب أنهكها الأنين، ولكن السعادة لحظات، بينما الأنين يبقى دهرا.
مر شهران على زفافهما، شهران من عسل صافي، فيه الضحكات تعلو والأمان يسكن القلوب، لم يتعجبا أن تأخرت أم حنين في تفتيشها الدوري، فقد كانا منغمسين في حياتهما الجديدة، حتى أتى الهاتف يبلغ بالحاضرين، انتقلت لغرفتها القديمة، وجهزت نفسها للتفتيش، بينما حبيب كان مستاءً من بعدها، وأتت أم حنين لتقرأ على الوجوه علامات تنيرها لمعة عيون عاشقة، تابعت صامتة وكالعادة جلست مع هالة لتذكرها أنها الخاسر الوحيد إذا ما أنجبت منه، وأن مكانها لابد أن يبقى كما هو لتخرج من تجربتها فتاة جامعية تستطيع أن تعول أمها وإخوتها الصغار، وعلى غير العادة تستمع لها هالة بلا أدني تأثر، غابت تلك الدمعة التي كانت تطفو سابقا إذا ما جلستا نفس المجلس .
- لن أوصيكِ بنفسك، فأنت قطعا كبرت وتدركين مصلحتك أكثر .
- إن شاء الله، لا تقلقي .
- قلبي يحدثني أن هناك ما تخفينه .
- لا شيء.. لم يحدث شيء طبعا .
- قالتها بارتباك أكد أن هناك أشياء لا يعرفها أحد، ولكن صوت حبيب النزق أنقذها :
- أين جواربي يا هالة، وربطة عنقي الخاصة بالعمل، هيا لقد تأخرت كثيرا على العمل .
- ذهبت مسرعة لتحضر له متطلباته ففاجأها من خلف باب الغرفة الذي أغلقه ثم احتضنها :
- اشتقت إليك .
ضحكت وهي تطبع قبلة على وجهه :
- سنُكشف ويفتضح أمرنا .
- دعينا يفتضح أمرنا لقد سئمت، ثلاث ليال تنامين بجوارها وأنا أقاسي الوحدة هنا .
- قالت أنها ستعود للبلدة اليوم، اصبر بضع ساعات .
- لم أعد أستطيع الصبر، حتى نظرتي إليكِ بحساب، أخبريها أن تنصرف الآن .
ضحكت وهي تحاول غلق فمها بكفها :
- لو فعلت هذا لوجدنا والدتك هنا بعد ساعتين، ربما نُضرب بالرصاص .
رد بعصبية مفتعلة :
- حسنا، ولكني غاضب وسأذهب العمل غاضبا وعليكِ أن تصالحيني .
- أراك تطمع كثيرا .
- حقي أن أطمع بعد كل هذا البعد .عاد من العمل ليجد أم حنين مازالت موجودة بالبيت، رفض الطعام ودخل غرفته بضيق، يعلم أن أم حنين أبلغت أمه بشكوكها فأمرتها أن تمكث أكثر، دخلت هالة لغرفته خلسة :
- لمَ تقاطع الطعام ؟! معدتك ليس لها ذنب .
- سئمت هذا الوضع، أرغب في طردها .
- تعقل، طال الوقت أو قصُر ستذهب .
- أفكر أن أخبرها فأمي ستعلم إن عاجلا أم آجلا .
- لا داعي للتعجل، لسنا بحاجة لمشكلات أخرى مع والدتك .
- المشاكل موجودة بالفعل، سأتصرف أنا وأجعلها تغادر في الصباح .
- لا تتهور .
اقترب منها بابتسامة عابثة :
- ما أحلى التهور مع الحبيب !
ضحكت وهي تغادر مهرولة وقذفت له قبلة سريعة على الهواء .- ماذا علمت يا رائف ؟
- أمي تقاضي سمير بإيصالات أمانة بقيمة المبلغ الذي أعطيته له .
- كيف عرفت هذا ؟
- سمعتها تحدث المحامي في الهاتف، ومن الواضح أن سمير هذا جن جنونه .
- ماذا فعل ؟
- جاء إلى البيت يطرق الباب بشدة صارخا فخرجت له أمي وطردته وهددته أن تبلغ الشرطة، لم تخبرني وقتها بالسبب لكني سمعتها وكانت تظنني بالخارج .
- لست أفهم، سمير طاردني ليحصل على المال، والآن أمي تطارده لتسترد المال منه !!
- ربما أمي رأت أنه لا يستحقه وأرادت استرداد مالك منه .
- إذا كان هذا صحيحا، فكيف إذن حصلت على إيصالات أمانة موقعة منه ؟
- لست أدري .
أنت تقرأ
قبور ناعمة
Romanceشاب يعاني من ماضي لأبيه اقترف فيه ذنوبا، وأصبح يطارد أحلامه قبر أبيه الخشن، وفي رحلته لتسديد ديون أبيه ومسح ماضيه يلتقي بفتاته التي قاوم انجذابه لها، اشتراها من أبيها لينقذها من مصير مظلم، وعانى الاثنان من العراقيل في سبيل حبهما، ترى هل ينتصر الحب...