الفصل الثالث

47 6 0
                                    

بعد أن غادر زوجها وتأكدت تماما أنه ابتعد عن البيت، هرولت إلى غرفتها وحملت هاتفها بلهفة واتصلت بنورة انتظرت ثواني فقط واندفع صوتها إلى أذنها قائلة بحماس "صباح الخير زينب...إذا هل أنت جاهزة للذهاب؟"

ابتسمت زينب بتوتر وقالت "أ...أجل..جاهزة..سأنتظر حضورك "

أنهت الإتصال ووضعت يدها على قلبها الذي ينبض بشدة من الخوف والتردد مما هي مقدمة عليه، فبعد ليلة البارحة قررت أن تخوض هذه التجربة، فهي لن تخسر شيء في كل الأحوال

بعد لحظات سمعت طرقات على الباب وحملت حقيبتها ومفاتيح منزلها وفتحت الباب لتجد نورة في وجهها وقالت وهي تغلق الباب "هيا...لا أريد أن أتأخر  عن العودة إلى البيت، وإلا ستكون جنازتي الليلة "

أمسكت نورة بيدها وانطلقتا إلى بيت الساحر

-

بعد أن ألقى نظرة على أخيه الصغير النائم عاد إلى غرفة الجلوس وأخذ هاتفه يلعب به حين طرق الباب نظر إلى الساعة التي تشير إلى الواحدة ظهرا وقال باستغراب "من قد يأتي في هذا الوقت؟"

فتح الباب وتفاجأ ببدر الذي يبتسم في وجهه ويحمل أكياسا في يديه وقال مراد بسعادة "اووو مرحبا بدر...يا لها من مفاجأة سارة "

دخل بدر ووضع الأكياس على الطاولة وعانق مراد وقال "أهلا صديقي...كان عندي وقت فراغ فأردت أن أتناول الغداء معكما "

ابتعدا عن بعضهما ونظر بدر حوله وقال "هل رامي نائم؟"
أخذ مراد يفتح الأكياس ولعابه يسيل من الرائحة الزكية التي تنبعث منها وقال "أجل لقد تفقدته قبل دخولك وكان نائما بعمق "

ثم أضاف بابتسامة "يا رجل   سيطير من الفرح حين يرى هذا الطعام الذي أحضرته "

ضحك بدر وقال "يبدو أنه ليس الوحيد الذي سيطير فرحا.."
مراد باحراج "ماذا  تقصد؟"

بدر "لا شيء...دعنا نحضر المائدة فأنا جائع جدا "

أومأ مراد وتحرك نحو المطبخ حين فتح باب غرفة رامي، تفاجأ الاثنان حين رأيا رامي يخرج من غرفته وابتسامته تزين وجهه الذابل بسبب المرض "آ آ آ آ آ ه...هذه الرائحة  كالحلم "

ضحك بدر وركض مراد نحو أخيه وأمسكه من يده وقال بخوف "ر..رامي...لما لست في فراشك؟..كنت سأحضر طعامك إليك " 

نظر رامي إلى أخيه بسخط وقال "إنني بخير..وقد مللت تلك الغرفة وذلك السرير، والآن أنا جائع "

صمت مراد ولم يجد ما يقوله وتحرك بدر نحوهما و جذب مراد بعيدا عن أخيه وعانق رامي بلطف نظرا لضعف بنيته وقال "اووو..يا رجل تبدو بصحة جيدة اليوم..هيا تعال لنأكل "

سحب رامي معه وأجلسه على كرسي ووضع أمامه صحنا به شطيرة البرغر والبطاطس المقلية والمشروب وقال بلطف "صحة وعافية  صغيري "

ابتسم رامي وبدأ يأكل بنهم ومراد مازال مسمرا في مكانه واقترب منه بدر وقال بهمس "لا تظهر له قلقك دعه يفعل ما يسعده، ثم أنظر إليه إنه بخير، هيا لنشاركه قبل أن يلتهم كل شيء "

ضرب مراد بدر على كتفه وضحك وجلسا بالقرب من رامي الذي لم يعرهما انتباها  وأكلوا معا بسعادة وهم يتبادلون الأحاديث وبعد انتهائهم  تسعادوا على التنظيف رغم أن مراد كان قلقا بشأن أخيه ولكن نظرات بدر المحذرة له جعلته يتوقف عن قول أي كلمة

لعبوا ألعاب الفيديو حتى غربت الشمس ولم يشعروا بمضي الوقت، وحين هم بدر بالمغادرة احتضن رامي بقوة و قال "أريد أن أراك بنفس القوة والنشاط غدا، لذا كن بخير "

همس رامي وقال "إن كان هناك غدا لي "

انقبض قلب بدر وزاد من قوة احتضانه لرامي وشعر بدموعه تحرق عينيه إلا أنه منعها من النزول وقال بهمس هو أيضا "إياك وقول هذا مجددا، سيكون هنالك  غد وبعد غد وسنوات أيضا "

ابتسم رامي وابتعد عن حضن بدر ووضع يده على خده وقال "اعتني به لأجلي..لا تتركه وحده أبدا، أنت عائلته الوحيدة الآن "
ارتعشت شفة بدر وعض عليها مقاوما البكاء وقال بصوت مبحوح مرتجف "أعدك بذلك، إنه أخي وصديقي، سأكون معه دائما "

اقترب مراد منهما بعد أن عاد من المطبخ ونظر إليهما باستغراب وقال "ماذا يجري، لما لم تذهب حتى الآن؟"

ضحك بدر بحزن وقال محاولا تغيير الأجواء "أتحاول طردي الآن أم ماذا؟"

ابتسم رامي وضحك مراد وودعا بدر، والتفت رامي إلى أخيه وعانقه بقوة ثم همس "أحبك جدا أخي، كن بخير دائما "

شعر مراد بقلبه يرتعش من الخوف فهو ليس مطمئنا لكل ما حدث اليوم

-
في مكان آخر وفي وقت سابق من النهار

وبعد مدة من المسير  وقفتا أخيرا عند باب بيت قديم مهترئ  في مكان مقطوع وبعيد جدا عن القرية،

أمسكت زينب يد نورة بخوف وهي ترتجف وقالت "د..دعينا  نعد من حيث أتينا..ل..لقد غيرت رأيي "

التفتت إليها نورة بحدة وقالت "هل  جننت؟بعد أن وصلنا إلى هنا  تترددين؟إنها فرصة لخلاصك من الجحيم  فلا تضيعيها "

وقبل أن تقول زينب أي كلمة طرقت نورة الباب بقوة وانتفض قلب زينب برعب، لم يعد هناك مجال للتراجع الآن

يتبع

الصرخة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن