الزفاف الاحمر
شرع العازفون دون توقف لحظة واحدة في عزف اغنيةٍ أخرى من نوع مختلف تماماً
لكن ( كاتلين ) تعرفت لحن الموسيقى أمطار كاستمير في الحال
كان ( أدوين ) يتحرك مسرعاً نحو أحد الأبواب ، فحثت الخطى وراءه وقد دفعتها الموسيقى ، قبل أن تلحق به ب 6 خطواتٍ سريعة
والمغنون يقولون : " ومن انت قالها اللورد الفخور الذي يجب أن انحني له بشدة ؟ "
جذبت( أدوين ) من ذراعه ليلتفت إليها ، وتجمدت الدماء في عروقها عندما احست بملمس الحلقات المعدنيه تحت كُمه الحرير
وهوت ( كاتلين ) على وجهه بصفعةٍ شق عُنفها شفته ( اوليفار ) و ( بروين ) و ( اليساندر ) ، كلهم غائبون و ( روزلين ) كانت تبكي
دفعها ( إدوين فراي ) جانباً بقسوةٍ بينما أغرقت الموسيقى كل شيء آخر وتردد صداها على الجدران الحجرية كأنما تنبعث الأنغام منها
رمق( روب ) ( إدوين ) بنظرة غاضبة وتحرك ليعترض طريقه .. وترنح فجأة إذ برز رأس السهم من جانبه بعد ان اخترقه أسفل كتفه مباشرةً
إذا كان قد صرخ لحظتها ، فقد ابتلع صوت المزامير والابواق والكمنجات صرخته ، ورأت ( كاتلين ) سهماً ثانياً ينغرس في ساقه ، ورأته يسقُط
في الشرفة في الأعلى كان نصف العازفين الآن يحمل نشابيةِ بدلاً من الطبول والأعواد
هرعت ( كاتلين ) صوب ابنها ، وفي منتصف الطريق شعرت بشيءٍ ما يخترق أسفل ظهرها ، ووجدت الأرضية الحجرية القاسية تندفع إلى أعلى بغتةً لتصفعها على وجهها
صرخت : ( روب )!
ورأت ( جون امبر ) الصغير يُجاهد لرفع واحدة من الموائد عن قوائمها ، وانغرس سهم وثانٍ في خشبها وهو يقلبها فوق مليكه المنطرح أرضاً
كان (روبن فلينت ) محاصراً برجال( فراي ) وخناجرهم ترتفع وتنهال عليه ، ونهض السير ( ويندل ماندرلي ) بتثاقل وهو لا يزال يحمل ساق الضأن التي كان يلتهمها بشراهة ، فقط ليخترق سهم فاه المفغور ويخرج من مؤخرة عنقه ، وتهاوى السير ( ويندل )إلى الأمام مُسقطاً المائدة عن قوائمها ، ليطير ما عليها من أكواب وأباريق وصحاف وأطباق ولفت وبنجر ونبيذ ويتناثر على الأرض
اشتعل ظهر ( كاتلين ) ناراً ، لكنها قالت لنفسها : " يجب أن أبلغه "
هوى ( جون ) الصغير على وجه ( رايموند فراي ) بساق ضأنٍ بكل ما لديه من قوة ، لكن سهماً أرداه عندما مد يده ليستل سيفه وأسقطه على ركبتيه
ردد المغنون : " برادء من ذهب او رداء احمر ، الأسد ما يزال يمتلك مخالب "
رأت السير ( هوستين فراي ) يُسقط ( لوكاس بلاكوود ) ، واستعمل ( والدر الأسود ) سيفه ليقطع أوتار ركبة أحد ابناء ( ڤانس ) وهو يُصارع السير ( هاريس هاي )
وردد المغنون : " ومخالبي طويلة وحادة يا سيدي ، تماما كطول وحدة مخالبك "
أسقطت السهام ( دونك لوك ) و ( أوين نوري ) وزهاء دستة غيرهما ،ورأت ( كاتلين ) السير ( بنفري ) يقبض على ذراع ( داسي مورمونت ) ، لكنها اختطفت أبريق نبيذٍٍ بيدها الأخرى وحطمته على وجهه ، قبل ان تركض نحو الباب الذي انفتح على مصراعيه قبل أن تبلغه ، ومنه دخل السير ( رايمان فراي ) مكسواً بالفولاذ من قمة رأسه إلى أخمص قدميه ، بينما سدت مجموعة من الجنود المدخل وراءه وكلٌ منهم يحمل فأساً طويلة
صرخت ( كاتلين ) : " الرحمة ! "
لكن استرحامها اختنق تحت دوي الأبواق والطبول وتقارع الفولاذ
دفن السير ( رايمان ) رأس فأسه في بطن ( داسي ) ، وتدفق الرجال كالسيل من الأبواب الأخرى مرتدين الحلقات المعدنية تحت معاطف الفرو الخشنة وفي أيديهم الفولاذ
رجال شماليون ! طيلة نصف نبضة قلب لا أكثر حسبتهم آتين بالغوث ، ثم ان أحدهم اطاح برأس ( جون ) الصغير من على كتفيه بضربتين مرعبتين من فأسه ،وانطفأ الأمل كشمعةٍ في مهب إعصار
وفي خضم المذبحة استقر سيد " المعبر " على عرشه البلوط المنحوت يلتهم المنظر بعينين جشعتين
على بُعد أقدام قليلة منها لمحت خنجراً على الأرض ، ربما أنزلق إلى هناك عندما رفع ( جون ) الصغير المائدة ، أو ربما سقط من يد أحد المحتضرين
زحفت ( كاتلين ) نحوه بأطرافٍ ثقيلة وفي فمها مذاق الدم ، وقالت لنفسها : " سأقتل ( والدر فراي ) "
كان ذو الجلاجل المختبئ تحت مائدةٍ أدنى منها إلى السكين ، لكنه جفل إذ اختطفت السلاح
" سأقتل العجوز ، يمكنني أن افعل هذا على الأقل "
ثم أن المائدة التي قلبها ( جون ) الصغير فوق ( روب ) تحركت ، ورأت ( كاتلين ) ابنها ينهض بصعوبةٍ وقد اخترق سهم جانبه وثانٍ ساقه وثالث صدره
رفع اللورد ( والدر فراي ) يده ، فتوقفت الموسيقى كلها باستثناء طبلةٍ واحدة ظلت تدق ، وتناهت إلى مسامع ( كاتلين ) أصوات معركةٍ تدور على مسافةٍ بعيدةٍ ، وأقرب منها صوت ذئب يعوي ، ( جراي ويند ) الذي تذكرته متأخراً جداً
أطلق اللورد ( والدر ) ضحكةً ساخرةً وهو يرمق ( روب ) قائلاً : " هِه الملك في الشمال ينهض
يبدو أننا قتلنا بعضاً من رجالك يا صاحب الجلالة
أوه ، لكني سأعتذر لك وسيعودون في خير حال ، هِه "
أطبقت ( كاتلين ) على خُصلةٍ من شعر ذي الجلاجل ( فراي ) الأشيب الطويل وجرته من تحت المائدة التي يتوارى أسفلها ، وصاحت وصوت الطبلة الوحيدة لا يزال يدوي ببطءٍ دوم بوم دوم : " لورد ( والدر ) ! لورد ( والدر ) ! كفى ! أقول لك كفى ! لقد جازيت الخيانة بالخيانة ، فضع نهاية لهذا "
حين ضغطت خنجرها على حلق ذي الجلاجل عادت إليها ذكرى ( بران ) في غرفة المرض والإحساس بالفولاذ على حلقها هي ، وتواصل دق الطبلة بوم دوم بوم دوم بوم دوم
" أرجوك ، أنه ابني ، أول أبنائي وآخرهم
دعه يذهب ، دعه يذهب وأقسمُ أننا سننسى هذا ، سننسى كل ما فعلته هنا
أقسمُ بالآلهة القديمة والجديدة أننا .. أننا لن نسعى إلى الانتقام "
حدق اللورد ( والدر ) إليها بريبةٍ قائلاً : " لا يُصدق هذا الهُراء إلا أحمق ، فهل تعتبرينني أحمق يا سيدتي ؟ "
" بل أعتبرك أباً
خذني رهينةً ، و ( إدميور ) أيضاً إذا لم تكونوا قد قتلتموه ، لكن دع ( روب ) "
بصوتٍ بخفوت الهمس قال ( روب ) : " لا ، لا يا أمي .. "
" نعم ، ( روب ) ، انهض ، انهض واخرج من هنا ، أرجوك ، أرجوك
أنقذ نفسك ، إن لم يكن من أجلي فمن أجل ( جاين ) "
ردد ( روب ) : " ( جاين ) ؟ "
وتعلق بطرف المائدة مُجبراً نفسه على النهوض وقال : " أمي ، ( جراي ويند ) "
" اذهب إليه الآن ، ( روب ) اخرج من هنا "
قال اللورد ( والدر ) بامتعاض : " ولم اتركه يفعل هذا ؟ "
ضغطت نصل الخنجر أكثر على رقبة ذي الجلاجل ، وصرخت عينا المعتوه فيها بضراعةٍ صامته وقد فاحت منه رائحة مقززة أفعمت انفها ، لكنها لم تعرها اهتماماً أكثر مما أعارت وقع الطبلة المتواصل الكئيب ، بوم دوم بوم دوم بوم دوم
كان السير ( رايمان ) و ( والدر الاسود ) يدوران حول ظهرها ، لكنها لم تبال
فليفعلوا بها ما يُريدون ، يسجنوها ، يغتصبوها ، يقتلوها ، لا فرق لقد عاشت أكثر من اللازم بالفعل ، و ( نيد ) ينتظرها
( روب ) هو شاغلها الأوحد الآن
اهتزت يدها بشدة رنت أجراس ذي الجلاجل وهي تقول : " أقسم بشرفي كابنة عائلة ( تَلي ) ، أقسم بشرفي كابنة عائلة ( ستارك ) ، سأبادل حياة ( روب ) بحياة ابنك ، ابن مقابل ابن "
دوت الطبلة بوم بوم دوم بوم دوم ، وارتجف السكين في يد ( كاتلين ) وقد جعله العرق زلقاً ، ومط العجوز شفتيه قائلاً : " ابن مقابل ابن ، هِه ، لكن هذا ليس ابني بل حفيدي ولم يكن ذا نفع قط على كل حال "
لحظتها تقدم رجل يرتدي درعاً داكنةً ومعطفاً ملطخاً بالدماء من ( روب ) ، وقال : " ( جايمي لانستر ) يرسل تحياته "
وأغمد سيفه الطويل في قلب أبنها ودوره
( روب ) خالف كلمته ، لكن ( كاتلين ) حافظت على كلمتها وشدت شعر ( إجون ) بكل قوتها وراحت تحز في عنقه ألى أن بلغ النصل العظم ، وسال الدم الساخن على أصابعها ، بينما أخذت أجراسه الصغيرة ترن وترن وترن ، والطبلة تدوي بوم بوم دوم بوم دوم
أخيراً خلص أحدهم الخنجر من أصابعها ، وأنهمرت الدموع حارقة كالخل على وجنتيها ، وأحست بعشرة غربان شرسة تمزق لحم وجهها تمزيقاً بمخالبها الماضية ، تاركة أخاديد عميقة امتلأت بحمرة الدماء التي تذوقتها على شفتيها
" الألم لا يوصف
أولادنا يا ( نيد ) ، كل أطفالنا الغالين
( ريكون ) ، ( بران ) ، ( آريا ) ، ( سانسا ) ، ( روب ) .. ( روب ) .. أرجوك يا ( نيد ) ، أرجوك أجعل هذا الألم يتوقف ، أجعله يتوقف .. " سالت الدموع البيضاء والحمراء معاً على الوجه الذي مزقته بأظفارها ، الوجه الذي لطالما أحبه ( نيد ) ، ورفعت ( كاتلين ستارك ) يديها وشاهدت الدماء تجري على أصابعها الطويلة وساعديها ألى تحت كمي فستانها ، وشعرت بها كديدان حمراء بطيئة تزحف على ذراعها وتحت ثيابها
أنها تدغدغ ، جعلها الخاطر تضحك وتضحك وتضحك ألى ان تفجر منها الصراخ ، وسمعتَ احدهم يقول : " لقد جُنت ، طار صوابها "
وقال أخر : " فلننه هذا "
واطبقت يد على فروة رأسها كما فعلت مع ذي الجلاجل
ففكرت : " لا ، لا تفعل ، لا تقطع شعري ، ( نيد ) يحبُ شعري " ، ثم أنها أحست بالفولاذ على جيدها ، وكانت لدغته حمراء باردةعاصفة السيوف
أنت تقرأ
أغنية الجليد و النار
Randomنظريات الجمهور أقتباسات من كل أجزاء الرواية ؛ كل شئ عن عالم أغنية الجليد و النار.