الفصل الثالث

1.2K 50 9
                                    

_ لما فجأة أمى مشيت من البيت ، بدون أى أسباب واضحة ودى كانت أول مرة تعملها ، قعدت أتصل بكل حد هي تعرفه على أمل أنى الأقيها بس مفيش فايدة محدش عارف عنها حاجة ، كنت دايمًا شايف أبويا مش مهتم اصلًا وكان كل اللى بيقوله لو هى حابة ترجع هترجع

عقدت هتان حاجبيها بدهشة قائلة بنبرة متسائلة : هو مهتمش بالموضوع أزاى !! مكانش بيدور عليها ولا أى حاجة

نفى رائف برأسه مكملًا حديثه : مدورش أنا بس اللى كنت بدور ، كان كأنه ما صدق أنها مشيت بس أنا كنت بقول أنه يمكن بس بيكتم مشاعره علشان مبيحبش يظهر ضعفه قدام حد ، بعد الموضوع ده بكام يوم وبعد ما كنت قربت ايأس أنها هترجع ، لقينا حد بيكلمنا من مستشفى ، وبيقول أنه لقى جثة سيدة مطعونة بالسكين أكتر من مرة ، وملامحها شبه مشوهة ، وكانت معاها بطاقة ومتعلقات أمى اللى كنا بندور عليها

أغمض عينيه بألم مسترجعًا تلك الذكرى الأليمة منذ عشر سنوات

ها هو ذا يركض فى المشفى محاولًا الوصول إلى تلك الغرفة بأسرع وقت ممكن ، لا يتمني شئ فى هذه اللحظة سوا أن يكون ذلك مجرد تشابه فى الأسماء

وقف أمام تلك الغرفة أخيرًا ، ظل ينظر لها محاولًا ألتقاط أنفاسه وتهدئة نفسه ، أخذ نفسًا عميقُا ، ناقلًا بصره إلى ذلك الطبيب الواقف بجانبه

ربت الطبيب على كتفه قائلًا بلهجة حانية بعض الشئ : الموضوع ممكن يبقى صعب شوية ، بس قوى قلبك وحاول تتعرف عليها إذا كانت هى ولا لا

أومأ رائف برأسه بتردد ، ليفتح الطبيب باب المشرحة ، ويدخل إلى المشرحة ، ولج رائف هو الأخر إلى الداخل بخطى مترددة

وهو يستمر فى دعاء ربه أن يخيب ظن الأطباء ، وتعود والدته إلى البيت سالمة ، رفع الطبيب الغطاء من فوق الجثة

نظر لها رائف بصدمة ، وقد جحزت عينيه ، لم يعد يشعر بأن قدميه قادرة على حمله ، سقط على ركبيته محدقًا فيها بصدمة وحزن

كانت ردة فعله تلك إجابة للطبيب بالفعل ، وضع الغطاء مرة أخرى ، ربت على كتفيه قائلًا بنبرة مترددة : تقدروا كده تبدأوا فى إجراءات الدفن

لم يتحرك رائف قيد أمل حتى بعد سماعه لتلك الكلمات ، أقترب منه الطبيب قائلًا بنبرة قلقة بعض الشئ : حضرتك كويس ؟

ردد رائف بلا وعي : لا لا ده مش حقيقى أكيد ده حلم هى مسابتنيش لا ، هى أكيد عايشة وهتصحى فى أى لحظة

نظر له الطبيب بشفقة على حاله ، حاول إخراجه من الغرفة لكن لا يوجد أى فائدة ، فهو ظل متمسك بوالدته على أمل إستيقاظها فى أى لحظة

فتح عينيه ، قائلًا بلهجة شاردة : ده كان أسوء يوم فى عمرى ، وأنا شايف أمى بالمنظر ده وهما طالبنى علشان أتعرف على جثتها ، وقتها فعلًا أنهرت لأول وأخر مرة، وأنا بحاول أقنع نفسى أن كل ده مجرد حلم وهصحى منه ، أو كذبة وهى هترجع للبيت ودى واحدة شبها بس

صراع الحب والألم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن