01 | الـبِداية.

1.6K 70 20
                                    

الرواية في بالي من زمان و أخيراً بمشيئة الله سُبحانه ابتديتها🖤




















"لعلّي يا مَوطني رغم قَهرك
أعود بلؤلؤة من بِحاري."
#أحلام_مستغانمي|على مَرفأ الأيام.






-١٥ مايو ١٩٥٣:

شردت في خَط الأُفُق ولا شيء غير زُرقة البَحر، المؤَدي للدِيار.. للوَطَن، حيث أيّن يُمارَس البَطش فوق أنفاس الشَعب دون رحمة..

لِأُسرَتي، التّي اضطررت للتخليّ عنها لِأجل طُموحي التّي قذف بها المُحتل للبعيد، بعيداً جداً حيث تتبعثر و تتوارى خلف الأُفُق.. لأَلحقها و أُلملمها..قبل أن تتبلّد.

لكن إبّان ذلك..
العالم كان يضيق من حولي،الشوارع تُمسي أزقّة،المباني الضخمة تتراءى لي كالبيوت القصديرية، كُل خَشنٍ ضَئيل و كُل طويلٍ قَصير، كُنت أرى أهالي البلد الذي أقمت به يسخرون منّي يا مَنفاي، يُشفقون عليّ، حتّى و إن لم يفعلو حرفياً.

دواخلي صورّت نظراتهم و بما يُفكرون، كُنت كمن فرّ من وطنه جائعاً ليتوسلّ ببلَدٍ يعيش أهاليها بغرور مذلولاً..

ألا أنني لست كذلك و لن أفعل يوماً، يا من سلبوك منّا، يا من دنسوك ببطشهم و طغيانهم..

أتراني أجد وجهكِ كَثير الخُدُوش الذي غبت عنه لِ ٤ سنواتٍ مُختلفاً..؟

أنا الآن عائدة إليّك بعد إنتهاء مشواري المؤرق بعيداً عنكِ،في أراضي الغُرباء،عائدة إليّك بشهادة يُعتز بها،لا خاوية اليديّن، لكنني يا مَوطني لا أقدر على رفع رأسي..، لا شامخاً كما من المُعقل أن يكون..

أَثِق أنّه ليس بسبب بُكائي،أشعر بالضعف الشديد، آهات مكتومة بفؤادي لا أقوى على لفظها، و صرخات و نحيب يكاد يهشم كَياني، قُوايّ تَخِر مع مرور السنين.. مع أحوالك يا بلادي، مع كُل قطرة دَم تُسفَك بحقّ الأبرياء..أنا مُنهَكَة.


فزعت من مكاني إثرى الصُراخ الأُنثَوي الذي مزق أحشاء السكون.

التفت بذُعر إذ بي أرى رَجلٌ هَزيل شاحِب، عاري الصَدر يترنّح بخطواته مُتفوِهاً بشتائِم باللغة الروسية على حدّ فِقهي، هو مخمور دون شَك..

حملت نَفسي مُبتعدة و الإشمئزاز اعترى ملامحي حالما قهقه السكّير يُحَدِق بي.

شعور أن أحدهم يُراقبُني مُنذُ أمس،عاد.

ولجت لحُجرَتي بطابق الغُرَف السُفلي، لتأدية صلاة العَصر، تضرعّت لك يا الله أن تَرزُقَني الطمأنينة لتقضية باقي أيامي بسكون، دون ذهنٍ مُثقَل و قلبٍ تلتهمه نيران الجَزَع.

مَلاذ مِن الإحتلال || P.JMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن