02 | مَـشَاعِر.

425 36 21
                                    

‏‎"ما يشعر به قلبك من الوهلة الأولى،هو الحقيقة."
#..















أعطيته ايمائة بسيطة و حاربت ابتسامتي من التشكّل بأي طريقة أُشيح وَجهي.

نَبضي اضطرب وتنهدت طَويلاً أُجبِر حدقتاي على الإرتكاز في أي بُقعة، عداه.

-"لا تبدين مُستمتعة"
كورت شفتاي للداخل اُغلِق جفناي بقوّة،لثوانٍ.

-"كلاّ..يُعجبُني"
تعلثمت بعد أن ضبطت ملامحي من أن لا تتماشى مع كركبة دواخلي.
لا أدري ما الهُراء الذي تفوهتّ به، مالذي يُعجبُنّي بالذات؟!!

-"أرى ذلك"
قال بخِبث و تجاهلت تنبيهات عقلي.. ألتفت ناحيته، حيث المسافة بين جذعيّنا عشرة سنتيمترات على الأغلب.

رفعت عيناي صوب وَجهه،كان يضيق عيناه و يَقضُم خده من الداخل و خصلة قصيرة من شعره مالت على جبينه الناصع حيث حبة الخال..

لما الجوّ بات حاراً فجأة؟

-"رومي؟"
و قصدت بذلك إن كان فِرَنسِياً، نُلقِبهم بالرُوم في البَلَد.
وددت إستدراجه كي أعرِف جنسيته، أمقت الحديث بالفرنسيّة، لا أدري كيف تفوّهت بتلّك العِبارة الصغيرة 'كلاّ يُعجِبُني' بكُل اعتياديّة دون الشُعور بلإشمئزاز.

٣ دقائِق مرّت..

لما لازال صامِتاً؟ لا أجرؤ على النظر لوجهه حتّى أرى ردة فعله،ملامحه،أي شيء..

يُمارِس التجاهل مَعي! ماذا يَخال نَفسَه؟ أصلاً ليتّ الأرض انشقت و ابتلعتنّي قبل أن اتجرأ على سؤاله.

مُنذ متّى أمنَح الفُرَص؟!

اعتدلت بوُقُوفي بعد أن أحسست بتشنج أطراف قدمي.

و نظرت له أخيراً بعد أن تصنعت تعابير الجمود و عدم المُبالات وما شابه ذلك، كان يُحدّق بي عامةً بطريقة غريبة،جداً.. يُعاين مثلاً؟ ماذا الآن..؟!

يجدر به أن يَصرِف نَظَره على الفَور..
لا طاقة لي فِتَحريك وَجهي بعيداً، تعابير الجُمود المُثيرة للسُخريّة انقلبت للواقع..

تكدّرت الدِماء بخدايّ بحظرة عيناه التّي ت-- جِدِياً لستُ في حالة لتشبيه أي أمرٍ لَعينٍ يَخُصّه!!

مهلاً..أهذه مُنافسة عن من يُشيح بنظره أولاً؟

قبل أن أتفوّه بأي أمرٍ سَفيه هو تحدث : -"ايه رومي و شنوي نص بنص."
قهقه بخفوت و شعرت بغُصة تتشكل بحَلقي، لا أدري إن كانت بسبب حديثه بالَكنَتي، أو لأنّ لديّه عِرقاً فِرَنسي كَما ادعَى.

سحبت الأوكسجين لرئتاي و ابتسمت له بالمُقابل، عيناي تَلمعان أَثِق من ذلك، كما تفعله خاصته الآن.

-"تَبدو صِينِياً.."
أجبرت لِساني على النُطق باللغته الفِرَنسيّة.

-"ليس تَحديداً إلاّ أنّكم تُلّقبون الكوريين و أغلب الأسيَويين ب'الشناوة' بدت لي صالحة فلن تُشَكّل فارِقاً على أي حال."

-"حسناً.. يؤسِفُني أنّ معك حَق"
ضَحِكت.

هو يَعلم أنّي مِن عَروس المتوسِط دون أن أبوح له بذلك!.
لا أوّد سؤاله رُبما فَهِم ذلك من لَهجَتي أو أمرٍ ما، لا أُدرِكُه.

لم يُزِح عيناه عنّي لحَد الآن،كما أفعل أنا الأُخرى، أشعر بالضغط،مِن كُل النواحي.

أنا في أوّج ثِقَتي أنّ زَوج الأعين هذه هي نفسها من كانت تترصدنّي مُنذ يومان.

تبادلنا أطراف الحديث لساعات لم أشُعر بها بتاتاً، كان يلفُظ بعض عباراته باللَهجَتي وكم تملّكنّي الحنين.

أخبرتنّي عنك الكثير، وكأنّك تُخطط لذلك من قَبل، كُنتَ لا تستريح بين فواصل الجُمَلّ، و تتعلثم تارةً حالما أُدقِق النظر داخل عينيك الحادتان.

أنا بدوري لم أبُحّ بالكثير، الجوانب الإيجابيّة من حَياتي فحسب.

شعورٌ ما داخلي كان يأبه بأن أبوح لك بأمرٍ سيء يُعَكر مزاجك أو يُشعرك بالحُزن،فقط هكذا.

أريتنّي مجموعة القصائد التّي ألّفتها بعد أن تطرّقنا إلى موضوع يألفُه كِلانا و قد كان الشِعر.

ونحن بقلب حُجرَتِك، تجردت من المشاعر السلبيّة و لم أُفَكِر بأمورٌ سيئة البتة، لازلت أتسائل لما لم ينتابني شعور القلق أو الرهبة من أنّي مع رَجُل لوحدنا بهذا الشَكل الغريب، بالنسبة لي أو لِشعائري على الأقل.

أسبوع كامل قضيناه رُفقة بعض كُنت أُرَمِم نفسي بجوارك و كُنت تفعم روحي برَونق الحياة التّي لاطالما تطلعت لها.

راقتني أحاديثك و مِزاحك،و أنت.

بِإحدى الليالي التي تخلو منك لم تَذق عيناي النوم قَط بسبب الألم الحاد الذي فتكّ بمعدتي لتأخرّ دورتي الشهرية كَالعادة، إلاّ أن هذه المرّة رأيت الويل.
كُنت اتَلوى و أنتَحِب بين أغطيَتي و أعتصِر معدتي بإعياء.

كُنت أشعر بالمَرَض يجتاح أورِدَتي، العَرَق استمرّ يتدفق من جَسَدي رَغم قساوة الجوّ البارد بِمحوَري، لم أكن أحسّ بالحَر رَغم ذلك،أدركت أنّي أُصِبت بالحُمى.

ذاكرتي شَرَعَت بفَتح أبواب الجَحيم الذي يَعيشه المُواطنون بِالبَلَد، و تُمرره كَشَرِيطٍ وثائِقي أمام بَصَري الذي أكاد أفقِده من تورّم جفناي.

توسلت الله أن ينتشل روحي وَقتها حتى بحّ صوتي.

الرغبة الملّحة في أن أراك و قدماي اللتان تستمران بالإنزلاق بضُعف كي ترنو إليّك رغم الإرتجاف الذي تملّك كُل إنشٍ من جَسَدي.
كله تلاشا حالما ظهر هيكلُك قُرب مدخل حُجرَتي، بثِيابٍ تَشِع نوراً كالملاك.

الآن فقهت أنّك لحظتها لم تَكُن سِوى حُلمٌ أبيض وسط سَواد واقعي.
هَجَعتُ وسط كُل التقلبات التّي آن لها جسدي وروحي، على هَيئَتِك الوَهمِيّة.














رح تكون البارتات عبارة عن مسودات و بكلمة أقرب "ذكريات" البطلة.

مَلاذ مِن الإحتلال || P.JMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن