" أنظر لصفاء كيف تشرح مأساة أن ترى الموت على وجوه مرضاها و الأصعب من ذلك أن ترى فعل الموت على أحباءه ، كلنا مدركين أن الموت ليس إلا فراقٌ مؤقت، حتى النهاية لها نهاية لا أحد يذهب للأبد ولكنهم يسكنون هناك في الأبد الذي كلنا سوف نكون فيه في وقتً ما . "
صفاء : انهارت والدة يزن ، صمتت فجأة ولكن أنا ظننتها بدأت تستقبل أن يزن توفي لكنني لم أكن أعلم أبداً أنها متعلقة به لهذه الدرجة .. -تبكي صفاء بصمت -
وسن: ماذا حدث لوالدته بعد نوبة البكاء و رفض الواقع ؟
صفاء : ماتت ، حضنت يزن حتى الصباح و كانت تبكي بصمت ، رفضت المهدئات و قالت طبيبتي أنها تحاول أن تشبع من طفلها ، بعد مضي ٦ ساعات وطلوع الشمس حان وقت الفراق عندما ذهب زوجها إليها وجدها قد توفيت وهي تحضن طفلها المتوفي .
-تبكي صفاء ، تبكي بحرقة ، كانت المرة الأولى التي يلفظ رحم عينيها دمع حرقة الفراق بهذا الشكل -
-
" لا أنكر لم أستطع أن أخفي نظرة الدهشة مما سمعته ، أيعقل أن القدر اختار أن يأخذها مع طفلها لكي لا ترسل نفسها إليه بقلة حيلتها و تعلقها بطفلها ؟
انظر لصفاء ، شعرت أن هذه الحادثة استهلكت منها قلباً كاملاً "تابعت صفاء :- حسناً ، قد لا تكون قصة مأساوية بقدر ما أنا شعرت بها ، و قد تكون قصة عادية بالنسبة إلى ما تستمعي إليه يومياً ، ولكن أكل قلبي الموقف بشكلٍ مؤسف .
وسن : من قال أن للألم مقياس ؟ لا يُقاس الألم بقدر ما يؤلمني أنا بل بما يؤلم المُتوجع قد يكون هذا الألم كثير عليك و قليل علي ،قد تكون آلامي قليلة عليك و كثيرة علي ، قد نتعرض لنفس الألم ولكنه جاءني بعد فترة راحتي فلا يؤثر بي و قد يكون بالنسبة لكِ الوجع الخمسين
لا يوجد مقياس يقارن الأشخاص بالألم ، مُطلقاً ، تذكري هذا جيداً .ولكن لدي سؤال هل هذا فقط ما أتعب قلبك أم أن هذه الحادثة ذكرتك بأمرٍ ما !؟
-شحب وجه صفاء و أصفرّ ، تهز قدميها على مهل تحاول أن تركب كلماتها -صفاء : أحببت رجل في وقت ما ، أنا أنسب الحُب لنفسي لا أنسبه له ،لا أعتقد أنه أحبني أبداً كان مجروح من حبٍ قديم و قال لي أنني معجزته .
وسن: هل قال لك أنك تشبهين حبيبته السابقة!؟
صفاء : نعم ، كانت حبيبته قد توفيت و قال لي أنني شبيهتها بالقلب ." الطرح : إعادة توجيه مشاعر و سلوكيات و أفكار إلى شخص بالحاضر بشكل غير واعي تماماً .
يعني من الممكن أن تتعرض لموقف لا تستطيع التعبير فيه عن نفسك ولا عن مشاعرك و تحتفظ بالكلمات التي يجب أن تقولها في نفسك ، الآن لو تعرضت لموقف مشابهه لهذا الموقف لكانت ردت فعلك الضعف جميع الكلمات التي احتفظت بها سابقاً سوف تبوح بها لدرجة أن الشخص الذي في المقابل من الممكن أن يُصدم لحظة ردت الفعل . "الآن الشاب الذي كانت تحبه صفاء ، هو لا يحبها هي مشاعر طرحية هو إنسان كان بعقله يتعامل مع حبيبته وليست صفاء بتاتاً .
أحبته صفاء لكن كل الكلمات و المشاعر التي كانت منه كانت لحبيبته الماضية . "تابعت صفاء حديثها :
فجأة تغير معي و أصبح يغيب كثيراً و يأتي قليلاً ، يوماً ما على غير العادة جاء بكل هدوء في فترة كانت مشاعرنا متوترة جداً و كان لطيف على غير العادة ،سألني سؤال : ماذا تدرسين ؟
قلت له بحماس : ملاكُ رحمة ، أدرس تمريض و سوف أصبح ممرضة بإذن الله .
غضب مني فجأة وقال أنا لا يمكن أن أتزوج فتاة ممرضة ، هذا الأمر لن يتم بسبب تخصصك الجامعي ، وانا لا أستطيع أن أبقى في علاقة لن يجمعنا في نهاية المطاف منزل . و ذهب
سوف تسألينني ما علاقته بهذه الحادثة ؟
تزوج هو و أنجب فتاة أسماها على اسم حبيبته التي توفيت أشك أن زوجته تعلم بذلك .
حتى وإن أسماها باسمي ما كان ليقل إشمئزازي من هذه الفكرة ، هذه خيانه علناً ما ذنب زوجته بعلاقاته السابقة !
المهم جاء يوماً إلى الطوارئ ابنته تحترق ، كان يبكي صدقيني أنني أبصم أنه كان يبكي حبيبته ليس فقط طفلته خاف أن يكون نصيبهما في القدر متشابهه لهذه الدرجة .
كنت أنا من عالجتها و سهرت على رأسها ، قال لي : لا تظني أنك ملاكُ رحمة أو ما شابه كان حظك جميل أن طفلتي لم تمت وإلا كنت لحقتها ، يوماً ما سوف يُقتل طفلاً على يدك بسبب تقصيرك .
حاولت البقاء ثابته في وجهه و قلت له أهذه حرقتك على طفلتك أم خوفك أن يكون قدرها كقدر حبيبتك السابقة ؟
أزوجتك تعلم أنك أسميت طفلتك بإسم حبيبتك ؟
لن أرد عليك فيما يخص عملي لإنك نعلم جيداً كان آخر شيء فكرت فيه تخصصي الجامعي انت غارقٌ بالموت أكثر من الحياة .انهارت صفاء بكاء أمامي اليوم ، كأن وجع كلماته أصبح زراقاً اليوم و أوجعها اليوم ، اليوم شعرت بكل إهانه صمدت عليها سابقاً .
وسن : هل تفكرين أن ما قاله لكِ صحيح ؟
صفاء : ....
يتبع ..

أنت تقرأ
للقَدر رأيٌ آخر 💙🕊️
General Fictionكيف حالكم ؟ أمازِلتم تستيقظون على جرحِ هذا و قذف هذا و إدّعاء حبِّ هذا ؟ أمازِلتم تكتبون عكس ما تشعرون و تقولون عكس ما تخفون ؟ أمازالت المثالية التي تطمحون لها تأكل خلاياكم وسبب بؤسكم على هذا الكوكب متناسين أن الكمال لله وحده ؟ ________________...