طفلي

24 4 2
                                        

"يوجد الكثير من الطرق لمعالجة آلامنا بعضنا يعتزل والآخر يغرق في النوم و بعضنا لا ينام أبداً و الفئة الأخيرة تركض دائماً للخير و المساعدة علَّ مساعدة الغير تشفيهم ، في نهاية المطاف كُلنا مجروين من أمرٍ ما و نتعالج منه بشكلٍ من الأشكال "

صفاء : أعمل كممرضة منذ 10 سنوات ، تعرضت للكثير من الضغط و الفلسفة و المنطق و صممت على دراسة التمريض گحُبٍ للمهنه ، لم أكن أعي أن هذه المهنة تأكل من قلبي أطباقاً ، لم أحسب حساباً للبؤس أو الحزن أو حتى الموت الذي سوف أعايشه كل يوم ، حسبت أنه دوماً سوف يدخل مريضٌ يبكي و يخرج يضحك .

"لم أستغرب أبداً مجيئها إلى هُنا ، حتى الطبيب يزورني عندما يصادف اول عملية وفاة حتى يستطيع أن يستمر ، ما الذي أرهقها حتى ذبلت عينيها ، تحاول التشبث بإبتسامتها علّ ابتسامتها تنقذها"

صفاء: بعد عشرات المرضى اللذين دخلوا الي الغرفة و خرجوا منها يضحكون ،دخل أحدهم يضحك و

"أصيبت بنوبة من الشهيق و لم يخرج الزفير و ازرّقت"

وسن : -  أركض إليها بهلع ، افتح فمها أرى أن علق شيء في حلقها لكن لاا هذه نوبة هائلة من الكتمان ،من الحزن حتى أن الكلمات حُشرت ككتلة أغلقت مجرى تنفسها ، أمسكت يديها حاولت أن اجعلها تستيقظ من حلمها المزعج ،حاولت كثيراً ولم ينفع ، أخيراً صفعتها علَّها تستفيق - أفاقت هي و مُت أنا من الرعبة !
انظر لها حتى شعرت أنها قد هدئت ، انتظر أن تكسر الصمت و تتكلم لكنها هربت ..
هكذا بكل سهولة ركضت نحو الباب و دموعها تسيل على خديها و خرجت من العيادة ، ركضت خلفها و امسكتها و أخفيت وجهها الجميل في حضني

" اتذكر نفسي فيها كثيراً ، لطالما كرهت أن ادع الناس يرون حُزني ، ضعفي ، شعوري المُفرط.
   من أسوء الكلمات التي تُقال "حساسة" ، أن تكون شخص مُفرط الشعور أبداً شيء لا يثير الدهشة ، نحن بشر ، بحكم إنسانيتنا يجب أن نكون مفرطين الشعور ، نخاف على قلوب البعض من أقل كلمة ، نشعر ببعضنا البعض بشكل مُفرط ، لازلت للآن أستنكر كيف يمكن أن نرى شخصٌ يبكي ونحن لا نتأثر ببكاءه ، لا نحضنه أو نواسيه أو حتى نبكي معه !!
بعدما هدأت قلت لها : قررت اليوم أن أغير مكتبي ليصبح مقعداً خشبياً في الشارع أتأتين ؟

صفاء : ضحكت أخيراً و قالت فكرة جيدة .

نمشي نحن و صفاء بدأت الكلام ، أنها تتحدث هكذا مع نفسها عندما تمشي أستطيع التوقع ، حقاً كانت فكرة جيدة

صفاء:  كان طفلاً عمره لا يتجاوز السنة ، مُصاب فقط بإرتفاع درجة الحرارة ، يعاني من أزمة في التنفس ، و مريض بالزكام .
  قد أعتادت والدته على نوباته و لكن ابداً لم تعتد على غيابه لحظة ، دخلت مع الطبيبة و قمت باللازم له ولكن اللازم هذه المرة لم يكن كافياً أبداً ولم يستجب للعلاج أبداً ، توفي الطفل ، كانت المرة الأولى التي يتوفى فيها أحد المرضى الذين أقوم بعلاجهم , شعرت برغبة عارمة من البكاء ، الصراخ ، دبت القشعريرة جسدي لكنه صغير جداً ! لم أتحمل ركضت أريد أن أتقيأ ولكن كيف للإنسان أن يتقيأ حزنه ، خيبته ؟؟  - تبكي بهدوء و تتحدث -
كان الجزء الأصعب أن أخبر والدته ، صرخت الطبيبة قائلة : اثبتي علينا اخبار والدته لا تكوني عبأً قالتها وهي ترتجف ، اتخذت من القسوة أسلوب هكذا بعضهم يعالج حزنه ،  كانت والدته جالسه على المقعد و ترتجف و تقول اشياء غير مفهومه ، نظرت لنا بيأس وقالت : مات ,صحيح !؟
لقد مات ، قلبي ما عاد يحترق لقد سكن فجأة أي أن طفلي توفي
بكيت على حالتها لم استطع ان ابقى ثابته تأكدت من صحة الوفاة
صااااحت ، أتركني وحيدة !! لكنني منذ 14 عاماً أنتظره ، أيتركني اليوم ؟ أما كان يستطيع البقاء عاماً آخر أو حتى أعواماً ، ألم تعجبه أمه ؟ لكنني حضرت له حتى بدلة التخرج من الآن ، انتظرته كثيراً ، كنت حريصة عليه ، ألم يعجبه حرصي ؟ لكنه عندما يبكي كنت أركض حتى أرضي قلبه وإن لم يرضيني ألا يركض اليوم ليرضي قلبي ؟ لا يركض ليحبو ، لا يقوم بشيء حتى دعوه يتنفس و يرضي قلبي هل الذي أطلبه كثيرٌ عليه ؟؟
فاقت فجأة و مسحت دموعها ، دخلت عند طفلها و قالت : طفلي حبيبي ، انت هناا وانا هناا ، إنهم أطباء فاشلون انك حيٌ هنا بقلبي ، تعال الى حضني هيا ، أخذته بحضنها و نزلت دموعها على وجهه ، صرخت: لماذااا لم يتأثر ؟ لمااذا لا يبكي ماذا فعلتم له !!
أهو نائم  ؟
" يلا تنام يلا تنام لذبحلك طير الحمام روح يا حمام لا تصدق بضحك على يزن لينام "

........ يتبع

للقَدر رأيٌ آخر 💙🕊️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن