أتنقذنا خرافة ؟

19 3 2
                                    

-
"ستمرُّ عليكَ أيام عجاف تأكل جوفك وتثقب قلبك , سوف تمر عليك أيام يأكل خلاياك الحزن  و يطحن جميع أسباب المسرّات فيك ،ستمرُّ عليكَ أيام أمرُّ من تلك الأيام التي قلت يوماً لن أرى أسوء منها ، سوف تتفت روحك إلى أن تروضك الحياة ، الحزن ، إنعدام الكلمات و كثرة الصرخات المحتجزة داخل حنجرتك ، سوف تذهب دائماً لله سوف تدرك أنه الوحيد الذي سيغيث قلبك،ويُمطر على روحك سعادة، وحده الذي سيُدهشك بعطاءه ، وحده الذي يعلم وطئت المعارك التي تخوضها على قلبك ، وحده يعلم أيُّ بكاء أكل روحك ، أي ألم نهش قلبك ، أي صُراخ كَسر لغتك و فاض بعينيك حتى تشبعت من الأسى "

حسام : من أين أبدأ ؟
وسن: من النقطة التي تريد البدء بها ، لا يوجد للآلام التي تحتل أرواحنا بداية ولكن حتماً يوجد بؤرة مظلمة ، تحتل القسم الأكبر ، تحتل السبب الرئيسي لكل ما نحن به ، نقطة تحوي بقلبها أكبر سبب ، ذلك السبب الذي لا نستطيع أن نقوله لأنفسنا حتى .

حسام :  عُمري مضى بالخيبات ، الخيبات و القهر و الحزن ، لا خلاص من الحزن كما نظن ، نحن موشومون بالحُزن منذ أن ولدنا ، أتعلمين كانت أشد الأشخاص مديرة الملجئ لطالما قالت لنا أنتم ضعفاء طالما لم تأتي عائلة و تحتضنكم ، تذكروا دائماً الذي بلا عائلة بلا سند .

وسن : أتوافقها الرأي الآن ؟
حسام :  كنت لا أحبها أبداً ، كانت تذكرنا دائماً بالنقص الذي يعترينا ، أتعلمين عندما جاءت أمي لأخذي من الميتم لم أكن فرحاً أبداً ، حتى أنني صرخت و توسلت إليها كي لا تأخذني من الميتم
قالت لي مديرة الميتم : يجب أن تفرح لم تعد بلا سند الآن .
صرخت بها قائلاً : من قال لك أن عائلاتنا سند ، نحن منذ أن ولدنا مكسوري السند ، كفي عن لجم نفسك بهذه الحقيقة ما عادت تلك الحقيقة اليد التي تلوي ذراعنا .

أمي تركتني يوم ولدت و عادت لأخذي عندما أصبح عمري ١٠ سنوات ، أخذتني كي نعيش حياة أفضل و أعتذرت مني ووعدتني بالأفضل .
ولكن لم توضح ما هو الأفضل لم توضح أنها تقصد وجعٌ أفضل ، ألم أعمق ، حُزنٌ يلبس الروح ..
وسن : ما الذي حدث بعدما أخذتك ؟
حسام : عشنا لبعض الأيام براحة ، لكنها أيام ، غيرت لي مدرستي ، اشترت لي الكثير من قطع القماش ، لكنها لم تحضني ليوم ! لكنها لم تقبل جبيني و تروي لي قصة قبل النوم ، لم تسألني عن لوني المفضل أو أكلي المفضل ، لم يكن يهمها أي شيء كانت تكفر عن ذنوبها كما كنت أعتقد .
وسن : لماذا وصفت الألبسه بقطع قماش ؟
ولماذا كنت تعتقد ألم تكن كذلك حقاً ؟

حسام : في الميتم كانت الخالة عائشة تهتم بنا ، كانت تحيك لنا ملابسنا في الشتاء ، كانت مليئة بالدفء ، حتى أنها كانت تأتي بآخر الليل ببعض البسكويت و الحليب ، كانت تضحك معنا ، تحضننا كثيراً ، تبكي عندما يمرض أحدنا و تسهر عند رأسه ، تفرح و تلمع عينيها عندما تأتي الشهادات و ترى كم نحن متفوقين ، أتذكر أنني كنت خائفاً من مادة الرياضيات ، جاءت الي و قالت لي تجاوزت الأسوء حسام أتهزمك ورقة بها بعض الأرقام !
أنا كلي ثقة بك ، عندما عدت من المدرسة ركضت لحضنها كانت كلماتها من أنقذتني ، عندما أخذت علامتي كنت فخوراً بها ، لم تكن علامتي فقط كانت فخر الخالة عائشة بي .

" حصل على الحُب و الحنان من الخالة عائشة واضح هذا من ابتسامة شفتيه و ضحكة عينيه ، واضح هذا من شرحه بحماس ، بعضهم يولد من بطن أمهاتهم و يكبرون معهم ، و بعضهم يولدون من قلب أمهاتهم و يكبرون بحبهم ، كانت الخالة عائشة أمٌ لهم ، ولدتهم من رحم قلبها ، أعطتهم من حنانها الكثير "

وسن : كم أن قلب الخالة عائشة جميل ، أين ذهبت الآن ؟
حسام : توفيت ، حصل حريق داخل الميتم كانت مشغولة تنقذ أكبر عدد من الأطفال حتى أختنقت من الدخان و ماتت ، أتعلمين يومها فقط شعرنا باليُتم ، يومها تيتمنا بشكلٍ أكثر إيلاماً ، خسرنا أمنا ، خسرنا بهجة أرواحنا من تعب هذه الحياة ، بكينا كثيراً وحتى فقدنا شهيتنا ، كنت أبكي بحرقة كلما درست الرياضيات ، كان قلبها مكان راحتي وحتى هذا استكثرته الحياة علي .

كيف عرفت أن امي تكذب ! جاء رجلٌ ما يدعي أنه أبي ولكنني لا أشبهه حتى بالملامح ، الوقفة ، البشرة ، لا أشبهه أبداً .
عندما تقابلنا ، حلت الصدمة على ملامح وجهه و قال لأمي ألم تقولي لي أنه أبني ! ألم تقولي يشبهك كثيراً ، أتعلمين أنك تسكنين هنا برحمته هو ، لم أعد أصدقك سوف أقوم بفحص الDNA بنفسي .
قال : حسام ، هل من الممكن أن تأتي معي ؟
أتعلمين كان أول شخص يسألني عن رأيي بما أريد حقاً ، لم أعارض حقاً كنت أريد أن يكون لي أب ، أب أتكئ عليه عندما أتعب من الحياة .
ذهبنا معاً و أخذوا مني دم ، قال لي : أتمنى حقاً أن تكون طفلي ، أتمنى أن أكون قد رزقت بطفل ، أتعلم كم انتظرت أن أصبح بابا حتى لو من أمٍ كأمك .
عندها كنت أدرك أن أمي تعمل عملاً معيباً لكن لم أكن أعلم ما هو ، أخذني ذالك الرجل يومها لمدينة الألعاب ، لعبنا الكثير من الألعاب معاً ، ضحكت معه لأول مرة بعد أن غابت الخالة عائشة .

وسن :  لم يكن أباك أليس كذلك ؟
قال حسام  بعدما أزال نظرة الإستغراب  : كيف عرفتي ؟
وسن : ذلك الرجل بقي ذلك الرجل لم يصبح بابا ، أكانت نظرة الخذلان التي بعينيك الآن بنفس حدتها بوقتها ؟
حسام : لم يكن هناك وقت لأشعر بالخذلان ، عندما كُشف الأمر كنت بالشارع معها ، نبحث عن حلٍ لهذه المصيبة ، لماذا يعطيها بيتاً ! ، أعطي طفلاً تأخذي بيتاً.
وسن : بعد ذلك ما الذي حصل ؟ أبقيت في الشارع حقاً أم أنك عدت للميتم من جديد!
حسام : انها الساعة ١١:١١ تمنِ أمنية .

يتبع .....

للقَدر رأيٌ آخر 💙🕊️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن