صرخة ألم

13 3 4
                                    

" عائلاتنا ، الحضن الأول للبعض و الكسرة الأزلية للبعض ، كُل تصرفاتنا سببها الأول و الأخير طفولتنا ، بعضنا يعيش عمره في محاولة تحسين وضعه النفسي و المادي لألا يشبه والديه ، بعضهم يشبه والديه وهو غير راضٍ ولكنه لا يجد سبيل للتغير أخذ أطباعهم السيئة و مضى ، وبعضهم يكونون أسوء من والديهم و ينكرون فضلهم ، فئة قليلة يكبرون دون معرفة آبائهم ، لم تمارس أمهم الأمومة و لا أبيهم الأبوة و يحملون إثمهم في نظر المجتمع دائماً ، فأي واحد أنت يا حسام ؟ "

حسام: انت لا تفهميني أقول لك سألطخك بخطيئتي ، ماذا تريدين أن تسمعي أنني ابن فتاة ليل !
لا أعرف من هو أبي الحقيقي أبداً ، أمي تركتني عندما ولدت في القمامة و عثروا علي ووضعوني في الميتم -نظرات حسام المتألمة الخجولة من ذنب لم يقترفه حتى - سعيت لحياة نظيفة أتعلمين ، عملت بجد و جهد أكبر ، لكنني أبداً لم أسلم من النظرة الناقصة أبداً ، بقيت ابن تلك المرأة التي لم تمارس الأمومة لي يوماً .

وسن: ‏في نهاية هذا الأمر كنت أنت الطرف الوحيد الذي يشعُر بأن فؤاده تفتتّ بين ضلعه من شدة تراكم الخيبات و الحُزن الذي لم يكن لك ذنب به  .

حسام : أتعلمين أتمنى لو لم يعرف أحد هذا الأمر أبداً ،أتمنى لو بقيت كما أنا تائه ، ضائع أسعى من دون  أي هدف يذكر، ابني حياتي لأرى يوماً ماذا تخبئ لي الحياة .

وسن : دائماً هناك لحظة خاطفة يتحوّل فيها المرء من النسمة إلى العاصفة ، من شخص صامت لشخص لا يتوقف عن الكلام ، من شخص متكلم لشخص صامت ببرود تام  ، من شخص خائف لشخص قوي ، من شخص بارد إلى بارود قابل للإشتعال في أي لحظة ، هناك لحظة ما نمر بها شئنا أم أبينا لا نعود فيها كما كنا أبداً ، سوف تقول لي موقف و أنا أقول لك لحظة ، لا يهمنا المواقف التي نتعرض لها  بقدر ذروة الموقف التي لا تتجاوز جملة واحدة هي التي تدب في أجسادنا تلك القشعريرة التي نتحول منها ، لا يهم لأي شكل نتحول ولكن تبقى دوماً  ، نشعر بتلك القشعريرة التي غيرتنا بشكلٍ لا نُحسد عليه بقدر ما يرينا أن داخل كل إنسان قدرة رهيبة على التغير ، بقدر ما يرينا أن صف الكلمات التي تسرد إما أن تكون سكين حادة أو أن يكون لها حضن دافئ ، عندها ندرك أن اللغة سلاح ذو حدين و أن داخل الإنسان قوة مخيفة جداً حتى نستطيع أن نتغير باللحظة التي تلمس فيها جراحنا أو باللحظة التي تُغرز جراحنا .

" بكى حسام ، بكى كل قهره ، بكى وهو يعتصر يديه كأنه يرى ألمه هنا بين يديه و يريد التخلص منه ، إنه يطلب النجدة ،النجدة التي كان يظنها الأطباء نوبة طلب المخدرات ما كانت إلا صراخ النجدة ، للتحرر من الذي وصل إليه "
مسكت يدي حسام و قلت له أرجوك إسمح لي أن أتقاسم ألمك ، إفتح لي يديك لآخذ هذا الحمل عنك .

حسام :  من تكونين أنت حتى أعطيك بعض ألمي ، ألم ينتبه أحد من قبل إلى هزول جسدك الزائد ؟ ، تلك البقع الداكنة التي تنام تحت عينيك ، ألم ينتبه أحد لحركة قدمك و التوتر و الإجهاد الذي تعيشينه !
كفاكِ كفاحاً أعطِ نفسك فرصة لتنهاري ، لتصرخي ، لتعلني ذلك الألم اللعين الذي يستوطن روحك ، أصرخي بألمك لا تهربي من آلام روحك لتداوي أرواح الناس ، بهذه الطريقة لن تتحرري

وسن :  أتريد ألقاء خطابات مؤثرة ؟ لا تلقيها بتحليل شخصيتي على هوائك ، انا لا أحتاج نظرتك تلك ، و إياك التصرف معي كأنك صديقي منذ ألف عام ، إن آلمتك كلماتي أوقف ألمك و بُح به ، سوف يبقى ذلك الألم في صدرك يتربع كثعبانٍ سام ، لن تتخلص منه بسهوله أبداً ، إن لم تصرخ وجعك لن ترتاح أبداً ، فلا تظن إن حطمت هذه المستشفى كاملة سوف يذهب ذلك الثعبان ، لن يذهب إلا إذا صرخت بألمك ، لن تكسر كبريائي ، رغبتي و قلبي بكلماتك التي قلتها لتستفزني ، لو أن قلبي يُكسر بثلاث جمل من أي إنسان لكنت منذ زمن أشكي على الطرقات ، لو أن القلب سهل الوصول إليه لما وضعه الله خلف قضبان قفصنا الصدري ، إنه محكوم و مصون ، أستغرقت عمراً كاملاً في صنع هذا القلب أتهزمني كلماتك الآن ، ولكن يوماً ما سوف يهزمك ألمك حسام ، لك الحرية ، هيا أنا ذاهبة .

حسام: آااااااااااااااااه لقد تعبت تعبت ، لقد تعبت من الصمت و تعبت من الرفض و تعبت من عدم سماعي أنا تعبت أتفهمين ،   توقفي حسناً سوف أخبرك قصتي من أين بدأت و كيف انتهت كاملة ولكنك سوف تتلطخين بألمي الذي أظلم حياتي حتى اسودت ، أنت تدخلين ذلك الطريق الأسود معي سوف تتلطخين لن تنجي بهالات سوداء فقط هذه المرة .

وسن : من قال لك أن حياتنا بيضاء؟
من قال لك أننا لا نعاني !
من قال لك أن خطيئتك سوف تلطخني أنا ، كُلٌّ منا له كيان منفصل لو مهما بلغ تعاطف أحدهم معك إياك أن تظن لن ينم يومه لأنك تتألم ، إياك أن تدع سقف آمالك بأي شخص في هذه الحياة يصل لهذا التفكير سوف تتعب كثيراً .
حسام : حتى انت !
وسن : حتى انا ، لا أحد مستثنى .
بعد دقائق :

حسام : أولاً أعتذر ، ثانياً أعلم شيئاً واحداً أنك الوحيدة التي ستعرفين قصتي بعد العديد من المحاولات الفاشلة بجعلي أبوح من زملائك ،و أعرف جيداً أن تلك المقبرة التي تحت عينيك ما هي إلا قصص مرضاكِ و أن خطيئتي سوف توشم كأخواتها تحت عينيكِ

وسن : هل تبدأ !
حسام : من أي قسم أن إمرأتي ماتت أمام عيني ؟
أم أنني قتلت أمي ؟ أم ....

.......يتبع

للقَدر رأيٌ آخر 💙🕊️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن