وأنَّ الراحلَ إليكَ قريبُ المسافةِ

70 5 0
                                    

"وأنَّ الراحلَ إليكَ قريبُ المسافةِ"

السير والسلوك إلى اللّٰه تعالى ليس سيرًا مكانيًّا له مسافةٌ ثابتةٌ يجب قطعها للوصول، بل هو سير تكاملٍ للإنسان، يخرج فيه من تعلّقاته وحجبه ويتّصل بحبل اللّٰه فتُشرق أنواره على القلب ويصير مرآةً عاكسةً لكمال اللّٰه وجماله وجلاله.
فالمسافة ليست سوى إزالة العلائق مع كلّ ما سوى اللّٰه، وخرق الحجب التي يلفّ بها الإنسان نفسه بذنوبه ومعاصيه، وهي حجبٌ مصطنعةٌ بيد الإنسان: "وأنَّكَ لا تحتجبُ عنْ خلقِكَ إلّا أنْ تحجبَهُم الأعمالُ دونَكَ".

وسبيل الوصول الوحيد هو أن يفعّل الإنسان عزمه وإرادته، وأن يختار بها اللّٰه عزّ وجلّ من بين الأرباب والآلهة التي تنازعه نفسه إليها، من الأهواء والشهوات والعادات والزعماء وغير ذلك.. فإذا علّق إرادته باللّٰه تعالى وحده سلك إليه بلا موانع وعوائق: "وقدْ علمْتُ أنَّ زادَ الراحلِ إليكَ عزمُ إرادةٍ يختارُكَ بها".

وبعد تفعيل الإرادة ووضع القدم في صراط السفر إلى اللّٰه، لا تبقى مسافةٌ يجب قطعها أصلًا، بل في كلّ آنٍ من آنات المسير يكون العبد واصلًا إلى ربّه، لأنّ الوصول ليس هو إلّا هذا المسير. ولذلك رُوي: "يا موسى؛ إذا قصدتَ إليَّ، فقدْ وصلتَ إليَّ".

                      ✍ الشيخ مجتبى قصير حفظه الله

❇️كن ذا أثر❇️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن