جُبْران ٦

93 7 2
                                    

وقلبي كعجوز.. يتيمه.. ارمله.. ثكلي..  بينما انا في
ريعان شبابي

..
..
هل سبق و قد همست لنفسك بأن حظك عاثر!؟
حسنا عزيزي لم يكن حظك كحظ تلك المسكينه، التي تزوجت امها من أبيها غصباً دون ارادتها، نعم لقد اجبرها والديها علي الزواج من رجل لا تحبه لكن مستواه المادي كان أفضل من حاله أسرت امها الصغيره، و بمهر زواج جيد سيكمل اخيها الصغير تعليمه، جائت هي إلي حياه و اسره بها اب يعمل أغلب وقته و ام لم تكرهه شخص علي هذا الكون بقدر ابنتها، و مع غياب رب البيت و اهماله لزوجته التي لم تحبه من الاساس وقعت الزوجه في عشق جارها الذي كان أكثر من عاشق، مشاكل مستمره لم تنسي منهم جُمله واحده وسط شجار، آخرها كانت خساره أبيها كل ما يملك، لقد اقنعه أحد اصدقائه باستيراد كميه كبيره من السلع و عليهم وضع كل ما يملكون في هذا الأمر، صديق خائن أخذ المال و اختفي، و عذرا أيها السيد فالقانون لا يحمي المُغفلين، شجار تلو الآخر، إلي أن قررت الزوجه الذهاب و ستترك له الفتاه بالمقابل.
طلاق... و بيت بلا ام كان أكثر شعور سئ جربته في حياتها... فأول ليله تنام بها و هي تعلم أنها ستستيقظ صباحاً لتعد حقيبه مدرستها بنفسها كانت الاصعب علي الاطلاق، لكن والدها الحبيب ذو القلب النقي، الذي يحمل من الحب ما قد يغطي الكون بأكمله، قد شملها بحب و حنان فاض و زاد، تعلم.. لم يقصر يوما في شئ .. حتي انه أكمل حياته ككاهن بلا زواج حتي لا تذوق ابنته مراره الحياه مع زوجه الاب.
لكنها كانت تريد والدتها.. التي أصبحت ام لطفل آخر بعد ما يقرب السنه و الله يشهد انها أحبت اخيها هذا من قبل أن تراه حتي، تمنت دوما أن يجتمعا، أن يكونا اصدقاء ولم يرفض والدها يوماً لكن والدتها قد رفضت الأمر  بشكل قاطع.
"انا معتبرتهاش بنتي علشان تقول أن زياد اخوها" نعم هذا ما قالته، هذا ما سمعته حين طلب والدها أن تتعرف علي اخيها.. جمله دمرتها لسنوات، ترددت علي مسامعها إلي اليوم، لم يكن لها اصدقاء و كانت تريد أن يكون لها اخ، لم تكن لتنتظر منه شئ لكن يكفي ان يكون موجود، حياه منغلقه بشكل سئ، لا اصدقاء مدرسه و لا أطفال من عمرها في البنايه، لا اُم ولا أقارب، انتهت من مرحله الثانويه لتلتحق بكليه الحقوق، تحب القانون هي، سيحميها و ستحمي به والدها، و أن كان القانون لا يحمي المغفلين فسيحمي الاذكياء المجتهدين، غالبا أكثر المحاميين نجاحاً هم الأطفال الذين تخلي عنهم القانون في صغرهم، هم من يُجيدون استخدام القانون كثيراً، ان كان بشكل نظيف للغايه أو شديده القذاره، و هي اختارت الطريق الأصعب و أخذت الشرف نهج لحياتها لكن الحياه لم يعجبها الأمر.
  اتنهت من سنواتها الثلاث بتقدير امتاز، يبدو أن كل شئ سيصبح أفضل، لقد تقدم والدها في السن و مرض السُكري قد انتهك جسده " يا بابا مافيش شغل تاني لو عملت ايه و الله ماهتخرج تروح شغل تاني... انا جالي شغل تحت التدريب و المرتب هيكون كويس دا غير انك جمعت فلوس كويسه من شغلك هتقضينا لحد متخرج ... و انا خايفه يحصلك حاجه و انت في الشارع" اقتنع الكهل الذي اكل العمل عمره و صحته   بدئت هي العمل بشكل جيد، و رب العمل رجل أكثر من رائع، يدعمها دوما و لا خوف من مكروهه قد يمس والدها في الشارع فهو بأمان في المنزل، لكن حظها العثر قد شمر عن ساعديه يخبرها انه مازال هنا و المكروهه قد مسه و هو داخل فراشه، غيبوبه السكر قد زارته و هي في عملها و لم يجد من يسعفه.
توفي ... والدها توفي، الرجل الذي كانت تحتمي به من غدر الدنيا قد رحل، لا تريد تخيل كيف عاني و هو يصارع سكرات الموت.. بالطبع لا تريد، و تحاول مرارا أن تلقي بهذه الفكره في مؤخره عقلها فيكفيها ضميرها الذي ظل يجلدها لسنين، لو كانت بجواره لكانت اسعافته، لكنها كانت تحاول حمايته في المنزل...
يتيمه هي كانت وقتها من كلا والديها، توقف عملها و دراستها، توقف الكون بأكمله من حولها، هل من قريب قد يظهر، بلي لم يكن لابيها سوي اخت تعيش خارج البلاد، و لا عزاء للوالده هانم،  والدتها التي قررت انها لن تنظر إلي وجهها مره اخري، يوم دخلت إلي صاله العزاء، ماده يدها متحدثه بجمله مكونه من كلمتين، و ما قالته بعد الكلمتين لم تسمعه ترف... ولم تنظر إليها كما قررت.

جُبْرانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن