جُبْران ١٠

64 4 0
                                    

"ثم ان هناك امورا لا يمكن ان تنسي "
:
~ نجيب محفوظ ~

خرج و هو مدرك انها ستدمر المكان من غضبها.. ستلعنه بكل لعنه و لغه تعلمتها يوما.. سيزداد نفورها و حقدها منه، و ستنوي ان تكرر صفعتها مره و اثتنين و الف..

لكنها تعاملت و كأن شئ لم يكن .. خالفت ما ظنت انه سيتوقعه وكل ما قد توقع بالفعل.

لكنها لم يكن لديها الفرصه لتفعل حين وجدت حسام دخل من الباب بصحبته العامل الجديد الذي سيعمل  معهم، و التي لم تستطيع حتي ان تتعرف عليه.. كل ما فعلت انها تركت لهم المكان متعلله بالتعب.. بعد ان رحبت بـ "ابراهيم" علي عجله و طلبت من حسام ان يعرفه علي المكان و يتولي امر التنظيف.. لكن قبل صعودها لم تنسي ان تأخذ المفتاح الذي تركه ذاك الوقح.

تدثرت داخل فراشها بعد ساعات و هي بالكاد تستطيع ان تكبح نفسها عن الصراخ بأعلي صوت تملك.. ان كان الامر سهلا لبكت بكل شئ له داخلها.. لبكت نفسها و حياتها و كل ما مر عليها من صعاب.. كما كانت تفعل سابقا.. تبكي و تبكي حتي تنتهي داخلها كل المشاعر السيئه.. و لكن الامر الان اكثر صعوبه بكثير .. البكاء اصبح صعباً للغايه منذ تعلمت ان تمنعه.. منذ اول موقف لها في الشارع بعد ان تركت منزلها..

هل هي بالفعل في حاجه الي ان تبكي كل ما فعله بها؟!.. هل هي بحاجه ان تبكيه لتتخلص من كل هذا العذاب الذي يأكل انسجتها ببطئ!؟...  تريد التخلص و النسيان ليكون ما حدث قد حدث و انتهي!.. او خطأ عابر قد قام به هذا الاحمق.. هل الامر برمته بهذه السهوله؟!..

أبمجرد صفعها له اصبحا الأن متعادلين؟!
لكن لا.. لن يُدير هو اللعبه كما يريد.. لن يفعل.. الامر اختلف كثيرا.. فهي لن تعد كما كانت و لا هو ايضا.. لذا تنَـعُمه و تفهمه هذا لن يفيد..

صوتا داخلها قد تدخل في النقاش الذاتي هذا.. ليصيح صراع عقلي قويا بين رؤساء نقاط ضعفها و نقاط قوتها.. بين عقلها الرافض لتهاونها و قلبها الذي تسأل بعدم فهم يزجرها..ماذا تريدي اكثر اياتها الحمقاء!... اتنكرين ان داخلك كان يرقص فرحا حين رأيتِه يحاول و يحاول معك.. و ان انكرتي هذا، هل ستنكرين انك كدتِ تتشبثين به حين كان قريباً منذ ساعات... ام انك ستنكرين ان الندم يأكلك لما فعلتي معه! ...

فركت عيناها بكفيّها و هي تعتدل مره اخري لتسند رأسها علي ظهر الفراش بينما عقلها يعمل كمكوك فضائى محاولا معها ان تفهم نفسها و ما تريد..

الم تكن هي من صممت علي اغضابه من خلال ثيابها!؟.. نعم هي لم تكن لتخلع معطفها.. لقد عدلت عن هذه الفكره، و كل ما فكرت به انه لا احد سيأتي مره اخري الي المكان .. تناست تماما امر العامل .. و حُسام، حتي انها تناست انه قد يأتي حين انشغل تفكيرها بمشاكل فهد و ما قد يفعل عمه.. لم ترتب فعلا ان يحدث هذا
لكن الحظ لعب لعبته لينفذ خطه كانت و كأنها مرسومه بالسنتيمتر..

جُبْرانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن