" أنت لست من مستواي ".
هكذا أنهى نامجون كلامه وأغلق الخط في وجه لونا تاركا إياها تنازع زفراتها ودموعها الحارقة ، كانت تلك الكلمات كفيلة أن تمزق شرايين قلبها الصغير ، كيف أمكنه إنهاء علاقة دامت سنوات ، ببساطة ، فقط لأنه أصبح قائد فرقة مبتدئة ، بالكاد يعرفها القليل من الناس ، " أنت لست من مستواي " .. تبدو جملة بسيطة لكنها كانت سببا في تآكل داخل تلك الصغيرة التي تظن أن الحياة توقفت ، وأن سعادتها الوحيدة غادرتها ..
ظلت لونا على تلك الحال فترة من الزمن ، لا تأكل ولا تشرب إلا ما يبقيها على قيد الحياة ، أمضت أكثر من شهرين في غرفتها ، غالقة النوافذ و مستلقية على فراشها ، تحارب شريط الذكريات الذي يأبى أن يتوقف ، تقرأ رسائلهم ، و تتفرج على الصور القليلة التي جمعتها مع نامجون ، و الكثير من الوقت في متابعة أخبار فرقته الجديدة .
لونا لطالما كانت فتاة إنطوائية ، لا تشكي ولا تحكي ، حتى أن في حياتها لم تكون صداقات ، كبرت بعيدة عن عائلتها ، و لم يكن لها سوى نامجون ، أو موني كما كان يحب أن تناديه ، لطالما كانا سندا بعضهما البعض ، كانت هي النور و هو الظلام ، هو القسوة وهي الحنان ، كانا مختلفين لكن مع ذلك جمعهم حب صادق حقيقي ، أو هكذا كانت تظن ..
ل لونا ثلاثة أصدقاء ، أرنبتها البيضاء الصغيرة ، النجوم والشمس ..كانت صديقة وفية للطبيعة لأنها كانت تكره الناس ، تمضي وقتها في مطالعة الكتب والإستماع للموسيقى خارج البيت أو في الثانوية ، و كتابة خواطرها أو مشاهدة الأنمي في البيت ، علاقة لونا كانت سيئة بالجميع ، وازدادت سوءا خاصة بعد إنفصالهما، فقد صارت عدوانية حقا ، تمقت الكل والكل يمقتها ، لكنها مع ذلك ، لم تتغير ، لمعة عيونها وطيبتها لم يفسدهما شيء ، رغم ادعاءها للقسوة فقط كي تخرج كل مكبوتاتها ، إلا أنها بقيت تحمل بين أضلاعها ، قلب بريء طاهر لا يعرف للأذى طريق .
ظلت على هذه الحال مدة ، لكنها بدأت تتحسن ، تتحسن مع نفسها طبعا ،لكن معاملتها الباردة للآخرين لم تكن معنية بهذا التغيير ، وأخيرا بدأ السواد المحيط بعينيها العسليتين يختفي ، خاصة وأنها بدل أن تمضي الليل تبكي على ضوء القمر ، صارت تمضيه ف قراءة قصة للنجوم ، يبدو أمرا جنونيا لكن هذا ما كان يحدث ، إلى أن تطلع الشمس ، لتستقبلها بابتسامة بريئة و تغط في نوم عميق ، متجنبة بذلك الإحتكاك بالبشر .
في تلك الليلة بالضبط ، توسلت أن يعوضها الله عن كل دمعة ذرفتها و عن كل حب صادق بادرت به ولم تُلاق سوى معاملة باردة ، ونامت .. لكن في تلك الأثناء حلمت ، بثلاث ملائكة ، أو هكذا تصور لها ، ملائكة مبتسمين ، وكأنها إشارة على أن القادم أجمل .