الجزء ٧:الفراق

7.4K 138 5
                                    

*سلام على روح كانت لي يوما ملجأ من كل شر*

*قصة الحياة لا تنتهي بعد الممات، بل تستمر مع اولئك الذي أحبوك، يروونها بشغف، فالموت لا يكون حين توقف القلب عن النبض بل يكون حين ينساك أحبائك*

توقفت عند باب المنزل بعدما أخبرت غوستاف بالرحيل ، و أنه لا داعي للقلق. ذلك ان مارييت في كل مرة لا تجدها بالبيت تتصل بها و تخبرها بضرورة الحضور لأمر طارئ حتى تلاقيها بالعتاب لخروجها.
تقدمت داخل البيت و هي تنتظر أن تنقض عليها مارييت في أي لحظة.
بعد ان وصلت إلى بهو الفيلا و لم تجد أحدا، استغربت ، فصاحت قائلة:
" مارييت ، أين أنت؟....ما الأمر العاجل .."
جلست عند الأريكة تنتظر خروج مارييت في أي لحظة، لكنها لم تحضر ، لم يُسمع لها نفس.

قامت من مكانها مجددا لتبحث عنها في أرجاء المكان، تحولت من غرفة إلى غرفة ، إلى أن وصلت إلى غرفة المكتبة، توقف قلبها للحظات للمنظر الذي رأته عينيها ، كان جسد مارييت ممرغا بالأرض ، اشتعلت حواسها و اضطرب تنفسها لتصرخ بأقصى قواها:
" مارييت.."
اندفعت قدماها نحوها بدون شعور جلست عند رأسها تحاول إفاقتها لكنها لم تستجب ، كان وجهها شاحبا و تنفسها غير مسموع، أصيبت ريما بالشلل للحظات غير مستوعبة ما يحدث و قد انغمرت الدموع من عينيها ، أخيرا ركضت نحو هاتفها في فزع أخدته بين يديها المرتعدتين، لترن لسيارة الإسعاف.

ارتعدت كل أوصالها و هي ترى المسعفين يحاوطون جسد مارييت الخامد، ظلت تراقب بأعين مدمعة ذلك المشهد أمامها، انقبض صدرها حين نظر لها أحدهم و قد فحص نبض مارييت بملامح خائبة ، تقدم نحوها لتصل كلماته إلى ذهنها المُغيب :
"نحن آسفون ، لكنها قد توفت ."
أخدت كل أوصالها بالصراخ ، اندفعت نحو جسد مارييت ، متقوقعة عليها و شاهقة في كلمات بالكاد تُفرَز:
" لا ...لا...لا يمكن... هيا أفيقي.."
كانت تحركها بيديها في محاولة لإيقاظها، لا يعقل أن تكون قد فارقت الحياة حقا و تركتها، أخدت صرخاتها بالتزايد ، و لكن مارييت لم تفق، ظلت تتشبث بها بقوة حين حاول رجال الشرطة إبعادها عنها، كانت تدفعهم عنها بشراسة ،فكل ما يدور في ذهنها انها لم تمت ، لا يمكن أن تتركها لوحدها، لا يمكن أن تكون قد فارقتها للأبد .

وقفت خارج باب المنزل بعدما أرغمتها الشرطة على ترك جسد مارييت، رأتهم و هم يخرجونها من البيت و هي جثة هامدة مغطاة، كانت عينيها تستقبل الصورة لكن ذهنها يرفض معالجتها، كل شيء بداخلها يرفض حدوث هذا ، "لا يمكن"، هذا ما لفظته شفتاها في خفوت، و هي ترى سيارة الإسعاف تبتعد عنها ، و كانت وسط ، تلتقط كلمات متقطعة من رجل الشرطة الذي يقف إلى جانبها:
" سنأخدها إلى....... سبب الوفاة..."
بالكاد كان ذهنها يفرز أي معنى ، بالكاد كان ذهنها يستقبل شيئا، لتحجب غمامة من السواد عنها الرؤية،و ينهد جسدها تحت وقع الصدمة.

ريماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن