36

90 20 6
                                    

سألتني يوماً أحد صديقاتي بجدية قائلة..

"فقط أخبريني بالشيء الوحيد الذي يمكنه فهم تصرفاتك، تفسير أفكارك الغريبة، و تقبلك بها؟. أقسم بأنني سأهديه العالم أجمع!"

إبتسمت لطريقتها المبالغة بالحديث و سرعان ما عدت لأحدق بهاتفي بتمعن.

"ألن تجيبي؟" أضافت متنهدة بتململ.

"أليس هذا واضحاً؟" أردفت دون أن أكلف نفسي عناء النظر لها حتى، كوني منشغلة بكتابة خاطرة ما.

"بحقك لست أمزح!" قالت ساحبة الهاتف من بين يداي بنفاد صبر.

" الإجابة هاتفي.. نعم، إنه الشيء الوحيد الذي يتفهمني و يعطني الفرصة لأكون نفسي!" أجبت بإندفاع، فلم أستطع تجاهل يديها التي تمسك بهاتفي و تلوح به في الهواء بعدم إكثراث!.

ماذا إن وقع منها؟ .. أقسم بأنه سيكون أخر يوم تتنفس به على هذا الكوكب!

" أنت حقا مضحكة!" سخرت ضاحكة من إجابتي التي بنظرها مجرد هراء، مما إضطرني لأنفي برأسي و أوضح بنبرة هادئة، رزينة..

"أنا جادة صدقيني، و سأفسر لك ما أعنيه، هاتفي الشيء الوحيد الذي لا يعترض عن أي من أفعالي، حتى الساذجة منها، كأخطائي الكتابية أو معاملتي السيئة له، صحيح بأنه يتوقف عن العمل أحيانا، و مع هذا يعود للمقاومة مجدداً، فقط لأجلي، إنه هادئ بالنحو الذي يريحني!" سكت لبرهة و عدت لأتنهد مستطردة بنبرة مشابهة..

" أما عن أنه يعطني الفرصة لأجد ذاتي و أكونها، فأنا أعني هذا، أنظري من حولك! .. أنا أكتب بهذا الهاتف، أصور به، أبحث عن ما أرغب، أمسح و أدع ما أشاء، أقرأ بداخله كتبي المفضلة، بل أحيانا ما أتجول بين المعالم التي أرغب بزيارتها عن طريقه، ليس هذا وفقط، فأنا أتواصل مع أصدقائي و من أحب عبره أيضا، أتعلمين، حتى فرص العمل باتت نراها بفضله، ألا ترين بأن جل حياتي تتمحور حوله!" ختمت كلماتي لأسحب منها عزيزي ذو اللون الأسود الغامق، الجميل، و المذهل بحذر.

"أتحفتني يا فتاة و مع هذا أشعر بالأسى لأجلك، فبصرك بدأ يضعف رويداً رويداً، و أيضا الهالات السوداء التي تحيط عيناك باتت أكبر من حجم الكرة، ناهيك عن بشرتك المرهقة، ألا تعتقدين بأن هذه ردود أفعال هاتفك الرائع عليك؟!" صاحت متسألة بنبرة تهكمية بنهاية جملتها، التي أرى بأنها صائبة على نحو ما، و هنا إعتلت وجهي ملامح الصدمة و أخدت أتمتم بعدم تصديق.

"يا إله حتى هاتفي لا يتقبلني!".

"يا إله حتى هاتفي لا يتقبلني!"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

********
رأيكم؟

هذه الخاطرة إهداء إلى هاتفي العزيز لول 💙

00:00حيث تعيش القصص. اكتشف الآن