كُنتُ أجلسُ بين كومة الكتب المليئة بالتعقيد، أحاول دراستها إستعداداً لإمتحاني بنهاية هذا الأسبوع، و لكن تركيزي يكاد يكون معدوماً بسبب الضوضاء الصادرة من الشقة المقابلة لخاصتي.
تبا لك إدوارد!.. إنه العقاريّ المُسن الذي أجَّر لي بهذا الحي الرخيص!. كان بإمكانه البحث عن مكان أفضل بذات السعر!!
نظرتُ للساعة و كانت تشير على التاسعة مساءاً ، أي وقت بدء إحتفال أولئك الحمقى.. نعم، فمنذ قدومي إلى هنا، أي منذ إسبوعين و هم يحتفلون بنفس الوقت تماماً.
سأفقد صوابي إن لم يخفضوا من صوت الموسيقى، أنا حقا لا أستطيع التركيز!
بعد القليل من التفكير، قررتُ أخيرا النهوض و الذهاب للتحدث معهم، علَّهم يقدرون أن جارهم طالبٌ جامعي، و يحتاج لبعض الهدوء كي يستطيع الدراسة، فأنا لا أملك سوى هذه السُوَيعات لأدرس بها، أما باقي يومي فأقضيه بالعمل كنادل بأحد المطاعم المجاورة.
تنفست الصعداء لأتمالك غضبي عندما وقفت أمام باب منزلهم لأقوم بطرقه بقوة، ما هي إلا بضع ثواني و فُتح الباب ليسقبلني شاب يبدو من هيئته أنه بمثل عمري .
"هل بإمكانك خفض صوت الموسيقى رجاءً، فلا أستطيع الدراسة وسط كل هذه الضجة!" قلت بعلو كي يستطيع سماعي في حين أومئ هو بملامح خالية ليردف بتساؤل" جارٌ جديد؟" .
أومأت بضجر فلا أود تضيع وقتي أكثر، لذا إلتفت عازما العودة لشقتي في حين ألحق هو بهدوء " ما رأيك بالإنضمام لنا؟".
هل هذا الأخرق يحاول إستفزازي!؟
إلتفتُ بحنق و تقدمت بخطوات سريعة لأمسكه من ياقة قميصه قائلاً بحدة " هل لديك مشكلة بالفهم؟ أخبرتك بأنني أدرس!.. و الأن عد إلى الداخل و أخفض صوت الموسيقى قبل أن أُقدم على فعل جنوني!".
تركته بعنف عندما لم أستطع سحبه معي لخارج منزله، ثم إلتفتُ عائداً لشقتي غير آبهٍ لنظراتهِ المحتدة نحوي.
_
صعدت الدرج وصولا لشقتي بالدور الثالث و الأخير بهذا المبنى المهترئ!
فتحت الباب لأدلف لداخل بجسد منهك، فلم أستطع النوم بالأمس جيداً بسبب الإزعاج المتواصل، فهم لم يخفضوا من صوت الموسيقى حتى بعد حديثي مع أحدهم.
جلستُ على الأريكة التي تتوسط المنزل بتعب ناظراً للساعة المعلقة بالحائط أمامي، كانت عقاربها تشير على التاسعة إلا خمس دقائق.
بقيتُ أحدق بها أتابع حركة أسهمها و هي تدور، إلى أن دقت الساعة التاسعة مساءً ليصدح معها صوت الموسيقى الصاخب فوراً.
هذا حقا لا يطاق!
سحبت هاتفي بتنهيدةٍ غاضبة ثم ضغطت على رقم المُحتال إدوارد .
"مرحبا سيد توماس .. أمل بأن كل شيء على ما يرام؟" أجاب بصوته الرخم فور فتحه للخط في حين صرخت بالمقابل " أتمازحني؟ لقد طلبت منك إستئجار شقة بحيّ هادئ، و لكنك فعلت العكس تماماً!".
" عذراً سيدي، و لكنني بالفعل نفذتُ طلبكَ!".
" أتسخر مني؟ أنت لم تخبرني بأن الشقة المقابلة لي يقطنها مجموعة من المراهقين الصاخبين!".
"عفواً منك سيد توماس و لكن البِنايَة فارغة و لا يوجد أحد غيرك يُقِيمُ بها!" قاطعني قائلا بجدية لأقلب عيناي بعدم تصديق معقباً " أتعلم .. سأسترجع أموالي بالغذ، إنتهى النقاش!".
أغلقت الهاتف لأرميه على الطاولة أمامي بنفاد صبر مزمجراً بإمتعاض " هل يستخف بعقلي هذا العجوز الخرف؟! .. أيظنني أصم؟ أم كفيف؟ كي لا أسمع و أرى ما يحدث في الشقة المجاورة!.. أقسم بأنني سأجعله يندم بالغذ!!".
إستقمت بغيظ لأتجه نحو شقتهم بملامح متجهمة، و دون أدنى تفكير قمت بطرق الباب بقوة تُعبِّر عن مدى غضبي.
فُتح الباب ليستقبلني نفس الشاب الذي قابلته بالأمس، و الذي أظن بأنه صاحب المكان.
في هذه المرة عِوضاً عن التحاور معه بعقلانية، فضلتُ إنهاء الأمر بأسلوبي الخاص، حيث أبعدته من طريقي بفظاظة، لأقتحم المنزل عازماً تحطيم مسجل الموسيقى خاصته.
كنت مندفع بطريقة جنونية حتى أنني لاحظت تواً فقط أن الشقة فارغة تماماً.. بل مهجورة!!.
قفزت كلمات العقاريّ حول كوني أسكن بمفردي بداخل عقلي، ليراودني شعور واحد.. الخوف. خاصة عندما رأيت مجموعة من الأشخاص الغرباء يقفون بأحد زوايا الغرفة يحدقون نحوي بملامح أَسفة!؟.
يا إله! هل كل هذا من وحي خيالي؟ أم أنني أصبحتُ مجنوناً بالفعل؟.
قاطع تساؤلاتي وقوف الشاب الذي قام بإستقبالي أمامي بملامح مظلمة، تُزينُ ثُغرهُ إبتسامةٌ ماكرة، و ما أفزعني أكثر عندما توهجت عيناهُ بشكل غريب، و قبل أن أتحرك خطوة واحدة قال هو بلكنة مخيفة..
" أظنُ بأنهُ حانَ الوقتُ لتَنْضَمّ للحفل!".#ألاء_سالم
#مايكروفكشن
أنت تقرأ
00:00
Randomلن تجد كلمات تصف سطوري .. فها هي ساعة الصفر تدق . #منوعات . كتاب يحتوي على مجموعة خواطر و قصص قصيرة من تأليفي الشخصي لذا أرجوا عدم السرقة ! من يود الإقتباس فليضع إسمي، للمحافظة على حقوقي الفكرية و بالتأكيد سأكون له شاكرة :) -دمتم سعداء- . يعتبر الج...