.......

773 50 0
                                    

تقدمت صاحبة التاج لتواجه المرأة صاحبة الحداد، وفي يدها طبق امتلأ للمرة الثالثة ضاربة بنظامها الغذائي الصارم عرض الحائط، وقالت ببساطة وهي تمرر ببطء طعامها بين شفتيها:

- حفل طلاقي يا أمي.

راحت المرأة تتطلع إلى وجه أبنتها كمن يراقب مجنونًا فقد عقله، وتجعد جبينها مُنذرًا بعاصفة عاتية من الغضب، ثم صاحت:

- هل تريدين فضحنا أمام الناس، ألا يكفينا كارثة طلاقك؟

- طلاقي ليس بكارثة، والناس عندي مثل هذا.

رفعت طرف فستانها الناري بلون الجرأة؛ تكشف عن ساق خمرية تنتهي بحذاء ذي كعب عالٍ تكرهه كما تكره اللون الأحمر.
بدأت الهمهمات تتصاعد من أفواه المدعوات وكل منهن تميل على رأس الأخرى، تعلق على الحدث مباشرة، ثم تحولت الهمهمات إلى شهقات إذ نزل كف المرأة صاحبة الحداد على وجه أبنتها بقوة تركت أثارًا فورية فوق الوجنة الوردية.
أتت العاصفة من جهة صاحبة التاج:
-أضربيني ثانية!

وقفت بثبات ترفع للتحدي راية، وتتخذ من العزيمة سلاحًا، وقفت تواجه بجرأة، سكتت الأم إلا من أعين نطقت بدمعات غلبتها، وكف مرتعش تحرك لتغطي به فمًا أكثر أرتعاشًا، لا يدري الرائي هل تُقبِّل الكف الذي صفع أبنتها أمام صديقاتها أم تواريه خجلًا.
لم تتوقف العاصفة عند هذا الحد، أخذت الرياح تزمجر من جديد:

- أضربيي لكن أبدًا لن تجبريني على العودة إليه، لقد تحررت أخيرًا، صرت اليوم حرة يا أمي من زواج كان كالقيد، لن أعود إليه، عل سمعتِ؟ لن أعود إليه، وإن أردتِ أن تتبرأي مني كما هددتني صباحًا.. حسنًا أفعلي الآن.

نُكست الرؤوس، وأنعقدت الألسن، تقدمت من الأم إحدى صديقات أبنتها وأحاطتها بذراعها، تخرجها من البيت لتحميها من تبعات عاصفة لن تهدأ، أحاطت الصديقات بصاحبة التاج، تقطف إحداهن دمعاتها، وتسكب أخرى كلمات برّاقات في أذنها:
- كل شيء سيكون أفظل في الغد.. لقد إتخذت القرار الصحيح..《حواء》كوني قوية.

ثاني أكسيد الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن