الفصل الحادي عشر

41 2 0
                                    

في صباح اليوم التالي، قرَّر خالد الذهاب لعمر وعزَمَ الأمر على ذلك، وَدعَا الله كثيرًا ألَّا يعود مكسور الخاطر.. وصل لبيته وطرق الباب ففتحت والدة عمر..

# أهلًا، ازيك يا خالد يابني.. انت فين من زمان، ادخل ده أنا عاوزاك

± ازيك يا أمي، أنا تحت أمرك في أي وقت.. خير فيه ايه؟!

# عمر حالته لا تسر عدو ولا حبيب.. قافل على نفسه الأوضة ولا بيكلم حد ولا بيشوف حد زي المساجين بالظبط.. يادوب بندخَّل له اللقمة وياكل بالعافية، والأكل بيرجع زي ما هو.. قلبي واكلني عليه يابني ومش عارفين نعمل معاه حاجة، لا أنا ولا أبوه ولا حتى أخته..

ادخل كده حاول معاه يمكن يرضى يفتحلك وتكلمه.

± حاضر متشيليش هم..

توجَّه خالد لغرفة عمر وطرق الباب

± عمر أنا خالد.. افتح أنا لازم أقعد معاك، انت وحشتني ومينفعش اللي بتعمله ده..

ما إن سمع عمر صوت صديقه حتى بدا وكأنَّه كان ينتظر تلك اللحظة، وأنَّه طوق النجاة بالنسبة له، فأسرع إلى الباب وفتحه.. تفاجئ خالد بأنَّه ارتمى بين أحضانه وعانقه بشدةٍ وجسده ينتفض من البكاء.. رقَّ قلب خالد لحال عمر، فهو لم يره بتلك الحالة قط، فبكى لبُكائه وظلَّا هكذا لفترةٍ ليست بقليلةٍ ثم جذبه عمر داخل، الغرفة وأغلق الباب..

نظر خالد لوجه صديقه فإذا به شاحب اللون تكاد عظام وجهه أن تخرج، وجحظت عيناه من شدة ضعفه..

ثيابه مهلهلة ويبدو كهيكلٍ عظميٍ به من الروح ما يُمكِّنه من الحركة والكلام..

± ايه اللي انت عامله في نفسك ده يا عمر، ليه كل ده فيك ايه وقافل على نفسك ومقاطع الكل

= أنا مستاهلش أعيش ولا أستاهل إن حد يكلمني.. أنا كان المفروض أسمع كلامك لما حذرتني اني أروح للؤي في اليوم المشؤوم ده.. عارف خلَّاني أعمل ايه يا خالد.. خلاني أشرب خ... فوضع خالد يده على فم عمر وقال:

± بس بس متقولش أي حاجة، متجاهرش بالمعصية.. ربنا سترك متفضحش انت نفسك وتحكي.. أنا فاهم وكنت خايف من ده كله من أول ما كلمتك وحاولت أمنعك... على فكرة ربنا بيحبك..

= بيحبني! لا ربنا غضبان عليا، عمره ما هيرضى عني أبدًا بعد اللي عملته

± لا بيحبك لو مش بيحبك مكانش سترك كل ده.. مكانش مد في عمرك لحد اللحظة دي عشان يديك فرصة تانية وتالتة ومليون فرصة إنك تتوب وترجع تاني.. باب التوبة متقفلش ولا هيتقفل وتوبتك هتتقبل لحد آخر نفس فيك..

= بس أنا غلطت كتير وقصَّرت في حق ربنا اوي.. وياما كان قدامي فرص إني أقرَّب واخترت البعد.. كان قدامي فرص إني أبعد عن المعصية وقرَّبت منها برضو وبإرادتي...

كالونِّي | Καλλονήحيث تعيش القصص. اكتشف الآن