١٢. "قد حدث"

19 3 1
                                    


"قد يكون ضرورياً ان تظل هنالك أسئلة بلا جواب كي نستمر في الحياة والكفاح والبحث."

-غادة السمان،
كاتبة وأديبة سورية

-الـ ٣١ من مايو عام ٢٠٠٦-

انقضى شهر مايو في سرعة وأخذت حرارة الجو تشتد يوماً بعد يوم. إنه الأربعاء المعتاد من كل أسبوع ولكن جونجداي ينتابه شعور بأنه أربعاء مختلف عن نظائره من أيام الأربعاء المنقضية.

وَدَّع والدته وخرج مرتدياً حقيبة ظهره وأمسكت يده اليسرى بمشغل الأغاني خاصته استعداداً لوقت طويل من اللاشيء سينشغل فيه بسماع الأغاني ومراقبة الشارع كالمعتاد.

جلس على أحد مقاعد محطة الحافلات في انتظار الحافلة المتجهة إلى ﴿جواتشون﴾ ونظر إلى ساعته السوداء الملتفة حول معصمه الأيمن، إنها السابعة إلا الربع، تبقت ١٥ دقيقة على وصول الحافلة.

زاد عدد منتظري الحافلات بمرور الدقائق وراحت أعين جونجداي تنظر إلى الجهة اليمنى مترقباً مجئ الحافلة، ولم تمضي دقائق حتى وصلت ليترجل منها عدة أفراد ويصعدها عدداً من الناس من بينهم جونجداي.

ما إن صعد الحافلة حتى أخذ يبحث بنظره عن مقعد فارغ إلى جوار النافذة، ولم يصدق عينيه عندما بَصُرَ ضئيلة الهيئة قصيرة الشعر تشير إليه في حرارة ليأتي ويجلس إلى جانبها.

"ماذا تفعلين هنا؟"

سألها ما إن جلس إلى جوار النافذة بعد أن أفسحت له المكان فابتسمت هي وقالت

"أحرص على جلوسك إلى جانب النافذة"

ضحك ثم وجه سؤالاً آخر لها قائلاً

"صدقاً، لِمَ أنتِ هنا؟ أليس السائق هو من يوصلكِ؟"

"لا تكن مفسداً للمرح واصمت. أنا أحب ركوب الحافلة"

قالت ثم أخذت سماعة الأذن اليمنى خاصته ووضعتها في أذنها اليسرى ليقول هو ساخراً

"لقد ركبتي الحافلة مرة واحدة فقط والآن أصبحتي تحبين ركوبها!"

"أنا أقع في الحب من النظرة الأولى"

أردفت بابتسامة دافئة على ثغرها وهي تنظر إليه وهو بالفعل يستطيع أن يشعر بأن هناك خطب ما. ربما هناك شيء قد أحزنها وهي تحاول الهرب منه.

"كيف تبلي في المذاكرة؟"

سألته بعد صمت طويل ليجيبها قائلاً

"لا بأس بها. اعتقد أن احتمالية حصولي على درجات أفضل من السابقة مرتفعة جداً"

"يجدر بك أن تفعل، وإلا سألقنك درساً لن تنساه"

أردفت وقد شكلت بيدها قبضة مهددة إياه ليقهقه هو ويقول مطمئناً إياها

"سأفعل، أنا أعدكِ. فقط ضعي قبضتكِ إلى جانبكِ"

Clean-Handed Murderer || قَــاتِلٌ بَــرِيءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن