16| وحي.

282 46 92
                                    

بقي جيمين هادئا وهو يقودني عبر حديقة القصر، دحرجتُ عيناي من حولي أخذ نظرة عن محيطي، سرنا داخل غرفة بها نوافذ من كلا الجانبين، الجبال الخضراء من جهة وسلسلة من الشلالات من جهة أخرى تصب في نهر يتدفق تحت الغرفة ويصبُ بدوره في البحر من الجانب الأخر.

«هذه الغرفة جسر!!» سألته بدهشة تغلب صوتي.

توقف جيمين عن السير واستدار لينضم إلي بينما كنتُ أراقب النهر الذي كان لونه فيروزيا مزيجا بين الأزرق والأخضر تحت السحب الرمادية.

«لم أكن اتوقع أن الأرض التي تحكمها النار مليئة بالماء هكذا!!»

«الماء يخمد النار» جيمين أجاب بصوت خافت يحدق في الغيوم التي تتجمع، ألقيتُ نظرة سريعة على وجهه وأذهلني كم كان وسيمًا. كانت عيناه تعكسان لون الغيوم بينما شفتاه المكتنزتان ترتفعان عند الأطراف في ابتسامة هادئة. عندما نظر إلي كدتُ افقد أنفاسي للحظة. لم أرَ مخلوقًا بهذا الجمال قط، بصرف النظر ربما عن تايهيونغ، على الرغم من أني رفضت الإعتراف بذلك حتى لنفسي.

«النّار تغذي الكوكب، بدونها لن يعيش شيء، هي من تدفع إلى تكوين الجبال وشق البحار وانفلاق الأرض، وعندما تحرق النار الغابة تنمو من جديد من رمادها أقوى من قبل. النار هي الحياة»

أحسستُ بلهيب يشتعل في عينيه وهو يحدق في قبل أن يعيد بصره إلى النهر «لكنها يمكن أن تكون مدمرة أيضا» أضاف بحسرة «انها إحساس بالغضب والحرارة العالية وبدون تدفق الماء نحن سنهلك. لذلك نعيش على جزيرة بها بركان لكن تحيط بها المياه. هذا التوازن الذي حاول الفاي خلقه»

حدقتُ في جيمين أحاول استيعاب كلماته الأنيقة، لم يتحدث أحد من قبل حولي بهذا الذكاء بل كانوا فقط يتحدثون بمواضيع تافهة كالطقس وما كنتُ أرتديه.

عندما أدركَ جيمين ذهولي حدق في الأرض محرجا. «أعذريني، عادة ما يبرز موسم الأمطار جانبي الفلسفي»

«لابأس» قلت بهدوء «أنا أقدّر الشخص الذي يسمح لنفسه بالتحدث بصراحة عن الأشياء التي يؤمن بها»

ابتسم جيمين على نطاق واسع وعيناه تلمعان قبل أن يدير رأسه جانبا «هيا بنا، يجب أن نسرع قبل أن تهطل الأمطار مرة أخرى، على الرغم من أنها مهدئة ومريحة، إلا أنها تصبح كالصداع في الرأس عندما تريد قضاء شيء في الخارج» نظر إلي مجددا مع ابتسامة خطيرة «كما أن الفاي لا يحبذون الإبتلال»

بمجرد خروجنا من الحديقة سرنا فوق طريق من الحصى إلى بستان مليء بالأشجار، كانت الفوانيس معلقة على الأعمدة الطويلة طوال الطريق. تمسكتُ بالحبال بإحكام بينما أتبع جيمين نهبط الدرجات الحجرية الضيقة. كان الهواء منعشا ونظيفا يذكرني بالطريق التي اعتدتُ سلكها برفقة فيرديناند عبر غابة برويل. كانت الذكرى مؤثرة لدرجة أن جعلتني أتوقف للحظة أجمع فيها شتات نفسي.

The Eye Of The Ancients [Arabic Ver]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن