بينما ارتدِي قبعةً من أوراق الأشجار فوق رأسي، كان فيرديناند يشق طريقه ببطء على الطّريق الجبلية شديدة الإنحدار، قطراتُ النّدى تهاوَت من الأوراق نحو عباءتي تاركةً بقعًا زرقاء داكنة على ثوبي المخملي الثّقيل. سمعتُ زقزقة الطّيور التي كانت تحلّق وسط ضباب الصّباح مستفتحةً يومها بالبحث عن الطّعام.
كان الوقت المفضّل لدي على مدار اليوم حيث أكون حرة في أفكاري وأفعالي دون تدخل أحد.
كان فيرديناند يصهلُ من حين لآخر وهو يدوس على التربة الرطبة بأقدامه الثقيلة، بدى وكأنّه يستمتعُ بإمتطائه في هذا الصّباح.
مسحتُ على جانب رقبته وربتتُ عليه قليلا، صهُل مجددًا وهزّزتُ اللّجام لتصدر الخطّافات المعدنية والمشابك الملتصقة به صوتًا منخفضًا. «سنصلُ قريبًا وحينها يمكنكَ أخذُ تفاحتكَ.»
أطلق صهيلاَ منخفضًا وكأنّه لا يصدقني، ضحكتُ وأعدتُ رأسي إلى الخلف أغمضُ عيناي وآخذ نفسًا عميقًا من هواء الغابة الذي يشوبه الملح بسبب المحيطِ القريب.
بعد بضع دقائق أفسح ظلام الغابة لضوء الشّمس ليتسرب بين منحدراتها، أبطأ فيرديناند من وتيرته واختار خطواته بعناية. كنا نأتي إلى هذا المكان دائمًا في أفضل وقتٍ من السّنة ومع هذا كان حصانًا حذرًا ولهذا كان المفضل لدي. ربّما يكون بطيئًا في بعض الأحيان لكنّه لم يدع حماسه للتّفاح يعيق حذره، لذا يمكنني أن أحترم ذلك عنه.
كان بإمكاني سماع صوت الأمواج تحتي لكني لم أجرؤ على النّظر للأسفل، كان فيرديناند حصانًا طويل القامة وإلى جانب المسار الضيق هذا كان كفيلا بإصابتي بالدّوار ولم أكن أريد المخاطرة والسّقوط.
لم أكن خائفةً من الموت بحد ذاته ولكن من الألم الذي ينطوي جرّاء هذه العملية.
أخيرًا وصلنا إلى المنطقة المقصودة، نزلتُ من على السّرج الذّهبي أُمدِد ذراعاي وفيرديناند تجول من حولي مشغولاً بأكل العشب بينما وضعتُ بطانيةً وسحبت الطّعام من حقيبتي.
جلست على البطانية ممددة ساقاي تحت طبقات ثوبي الحريري. كان هواء الصباح باردًا لكني كنتُ أرتدي ملابس جيدة ودافئة.
قام فيرديناند بدفع كتفي عندما أمسكتُ بحبة التفاح، ضحكتُ ورفعتُ واحدةً من أجله حريصةً على إبقاء أصابعي بعيدةً حتى لا يتمكن من قضمها. أخذ التفاحة بحذر شديد ثم دفعها إلى فمه مرةً واحدة ولكزَ كتفي ثانيةً رغبة في الحصول على أخرى.
«واحدة فقط أيها الخنزير.» ضحكتُ وتركته يأخذ الثانية من يدي. تنهدتُ وأخرجتُ إفطاري الخاص الذي أعدّه طاهي القصر عل مضض من أجلي. لم يكن الأمر كما لو أني أيقظته لفعل ذلك لكنه كان حريصا على فعل ما يريد.
أنت تقرأ
The Eye Of The Ancients [Arabic Ver]
Mystery / Thriller- مترجمة - ثلاثَة سيقِفون، ثلاَثة سيسقُطون، وواحدٌ فقَط من سيقودُهم. في ليلة زواجها، اُختطِفت غابرييلا من قبل شخصٍ اعتقدت أنها يمكن أن تثق به، لكنه بالمقابل دفعها إلى عالم، حيث الآلهة حقيقة والسحر سلاح لا يمكن إلا للأقوى أن يستخدمه. السفينة المليئة...