ــ لا يا يوري أنا من مكان أخر لا بل من عالم أخر أكثر تطورا من عالمكم
فنحن لدينا زراعه... صناعه... تجارة وتكنولوجيا تسهل علينا حياتنا .
ــ ما هي التكنولوجيا؟ أهي ملكتكم؟
ابتسم ياسين وهو يقول
ــ لا إنها أشياء متطورة للغاية تساعدنا في إتمام أعمالنا فمثلا لدينا شيء
يسمي بالهاتف وهو يتيح لنا محادثة أي شخص حتى ولو كان بعيدا عنا
بملايين الأميال.
ــ يا الهي هذا رائع للغاية، وهذا يعني أنكم الفرسان القادمون لإنقاذنا.
ــ فرسان! أهي الأسطورة مجددا؟
ــ اجل فنحن لدينا كتاب اسمه حماة الممالك يتحدث عن أسطورة الفرسان
القادمون من عالم أخر يطلق عليه الأرض وسيكون يوم وصولهم
مميز وسيعلمه الجميع، ستدمي السماء وتبكي حتى تنبت الأرض شجرتين
كانت قد قطعت أوصالهم؛ شجرة الذاكرة وشجرة الموت ولكل منهما مهمة
محددة حينما تقوم بإنجازها ستنبت ثمار تسمي بثمار الأمل وحينها ستبدأ
رحلة الخلاص.
ــ وجميعكم علمتم بقدومنا حينما أمطرت السماء أليس كذلك؟
ــ اجل والحاكم يبحث عنكم لكي يقضي عليكم.
هل من طريقة للعودة إلي عالمنا؟
ــ ذكر الكتاب شيئا عن العودة ولكن الملك قد مزق تلك الصفحات لأنه قال
بأنه سيقضي عليكم فلا فائدة لمعرفة طريقة عودتكم.
ضرب ياسين الحائط بقوة وهو يقول
ــ تبا لذلك المتعجرف، يوري اخبريني أكثر عن هذا المكان ولم لم أجد
أصدقائي؟
فكرت يوري قليلا فهي لا تعلم من أين تبدأ ثم تحدثت كمن وجد طريقه
أخيرا قائلة
ــ ربما أصدقائك هنا الآن في اجيستاس وربما قسمكم الكتاب علي أراضي
المملكة الثلاثة
قاطعها ياسين وهو يقول
ــ أراضي ثلاثة؟
ــ اجل فنحن في بورتا تم تقسيمنا إلي أربع أراضي ( بورتا وهي المملكة
الرئيسية وارض الحاكم... اجيستاس... اجنيا وفي النهاية نوليتيميري ).
ــ يبدو أن رحلتنا ستكون ممتعه.
ــ عن أي متعة تتحدث هل ستقفون بجانبنا حقا؟
ــ لا تقلقي يا يوري ولكن هل سنظل في المنزل طويلا فنحن بحاجة إلي
استطلاع اجيستاس والبحث عن أصدقائنا فهل يمكنك تامين عمل لي
حتى أساعدك هنا؟
ــ ستعمل أنت وزوجتك رغما عنكما فقوانين الحاكم تقضي بذلك ولكن
انتبهوا علي تصرفاتكم وتحدثوا دوما بلغتنا حتى ولو بينك وبين سارة.
ـ ولكن هل علي سارة أيضا العمل؟
ــ اسمها سارة إنها فتاة رائعة يا ياسين ولكن أسفه فقوانيننا هي التي تحكمنا.
ــ حسنا يا يوري حينما تستيقظ سأخبرها عن ما حدث وبالمناسبة أنا انتظر ساهر .
ــ سيأتي قريبا فهو في نوليتيميري الآن، اذهب لتعتني بزوجتك وانأ
سأحضر المياه وبعض الطعام.
ــ حسنا شكرا لك يا يوري.
ــ بل شكرا لكم.
_لدي سؤال أخير لك.
_ تفضل يا ياسين.
_ يعمل زوجك كحارس للملك فكيف ستساعدين من يحاول الملك قتلهم؟
_ زوجي يعمل كغيره غصبا ولا احد هنا يملك حريته ولهذا علينا قتل ذلك السمين وهيا اذهب إلي سارة حتى لا تجد نفسها وحيدة فتخاف.
ابتسم ياسين ودخل إلي سارة النائمة ليجدها ترتجف مجددا فوضع
يده علي رأسها، وجد حرارتها مرتفعة وتهذي بكلمات غريبة.
(خائنه... الملك... لا تذهبي.... لعنة القصر .. شجرة الذاكرة وتصرخ بقوة
مناديه باسم سيڤيان)
قلق ياسين ازداد فلم لم يشعر بما تشعر به؟ ولم أحس خالد بتلك الرجفة
مثلها؟ هل يختار الكتاب أشخاصا معينة لذلك؟ طرحت ملايين الأسئلة
في رأسه ولكن لا إجابة لها ليقطع تفكيره طرقات علي الباب فأمر الطارق
بالدخول لتدخل يوري ومعها المياه والطعام فتحدث ياسين والحزن
يكسو ملامحه
ــ يوري حرارة سارة مرتفعة جدا هل هنالك من دواء لها؟ أو هل هنالك
طبيب هنا؟
ــ أسفه ستنتظرني قليلا حتى احضر الأعشاب المناسبة لذلك .
ــ لا يهم يا يوري سأنتظر ولكن هل هنالك من وعاء لأضع فيه بعض المياه ؟
ــ اجل انتظر.
رحلت يوري وبعد دقائق عادت ومعها الوعاء به بعض المياه وقطعة قماش
أيضا فشكرها ياسين وانتبه إلي حبيبته التي تتألم وتألم قلبه معها بينما
يوري قد ذهبت لإحضار الأعشاب.
امسك بيدها وانحني ليقبل رأسها لتحرك يدها وتفتح عينيها ببطء
وتحدثت بضعف
ــ ياسين ما الذي حدث؟ وأين سيڤيان وسيلينا؟
شعر ياسين بالقلق فسارة عادت لتهذي مجددا فسألها بقلق
ــ من سيڤيان وسيلينا يا سارة؟
ــ أنت لم تراهم؟
ــ ارتاحي الأن ولنتحدث فيما بعد.
أرجعت سارة رأسها إلي الوراء فظن أنها ستكمل كلامها ليجدها قد فقدت
الوعي فبلل قطعة القماش بالماء البارد ووضعها علي رأسها ظل يكرر هذا
لمدة إلي أن أتت يوري ومعها كوب به سائل غريب اخضر اللون فسألها
ياسين عن هذا الشيء لتخبره بأنها عشبه للشفاء فهي قادرة علي خفض
حرارتها، رفع ياسين رأس سارة وجعلها تشرب تلك العشبة فقالت يوري
ــ لا تقلق يا ياسين ستكون بخير، عليك أن ترتاح لان يومنا غدا سيكون
صعبا وعليك تذكر ما سأقوله لك لكي لا يشك احد بأمرك.
ــ حسنا يا يوري سأفعل.
استأذنت يوري تاركة ياسين ليرتاح فضم سارة إليه وظل مستيقظا إلي
أن انخفضت حرارتها فغفي من دون أن يشعر.
استيقظت سارة لتجد ياسين بجانبها في غرفة غريبة فظنت أنها تحلم
مجددا ولكن لا هذا ليس حلماً.
خرجت لتتفقد المكان لتفاجئها يوري
_لقد استيقظت أخيرا يا سارة.
سارة باستغراب
_عذرا هل أعرفك؟
_لا يا عزيزتي أنا من أعرفك بالمناسبة أنا يوري.
مدت يوري يدها لتصافح سارة فصافحتها سارة قائلة
_اسمك رائع يا يوري ولكن هل يمكنك أن تخبريني أين نحن وما هذا
المكان؟
_حسنا يمكنك أن تأتي معي إلي الأسفل فالفطور جاهز .
_سأنادي ياسين إذا.
_سأنتظرك في الأسفل.
_حسنا ... أشكرك يا يوري.
_لا تقولي هذا فنحن من يجب علينا شكركم.
ابتسمت سارة وذهبت لتنادي ياسين.
استيقظ ياسين واطمئن علي سارة ثم نزل الاثنان إلي الطابق الأول فأتت يوري وأخذتهم إلي غرفة الطعام وبدأت بشرح تفاصيل العالم.
_في البداية عليكم أن تعلموا بان هنالك من ينتظر ظهوركم وستعلمون كل
شيء عنه قريبا أما ألان سأشرح طبيعة اجيستاس.
جميع من يتنفسون يعملون وفي كل صباح يمر الحراس لتجميع الجزية.
قال ياسين متسائلا
_ أيجمعون الأموال من الجميع ؟
فقالت يوري لا بل يجمعون الناس ليواجهوا بعضهم البعض .
_أتمزحين ؟
_ولم سأفعل يا ياسين؟ عليك بمواجهة ما سيصيبك فشباب اجيستاس
محكوم عليهم بالموت وجميع من تبقي يتابع في صمت.
طرقات قوية علي الباب قاطعت حديثهم ففتحت يوري وإذا بثلاث
حراس يدخلون قال أحدهم
_يوري من هذا الشاب؟ وتلك الفتاة؟
_إنهم جدد هنا وقد فقدوا بضاعتهم وبالمناسبة تلك الفتاة تخص الأمير فهو قد أوكل إلي مهمة اختيار جواري جدد.
نظر الحارس إلي ياسين وقال
_من أين أنت أيها الشاب؟
ارتعبت يوري ولكن إجابة ياسين طمأنتها حين قال بثقة
_أنا من اراتيا وقد أتيت إلي هنا بالأمس ولا أحد معي سوي تلك الفتاة
الواقفة هناك.
قال الحارس محدثا من معه
_خذوهم إلي العربة.
دخل الاثنان إلي العربة فقالت سارة
_ما الذي سيحدث الأن يا ياسين؟
أتاها صوت تعرفه جيدا
_سارة هل هذا أنت؟
_يارا؟
ضحك خالد وقال
_يبدو أننا هنا جميعا.
_أثير ويوسف ليسوا معنا.
من نافذة صغيرة في العربة.. نظر كل من يارا وسارة ،كانت البلدة الصغيرة حالها يرثي له فالبيوت مائلة تكاد أن تسقط علي رؤوس ساكنيها.... أمام كل منزل يبكي أحد علي فراق من هم لهم... مع نهاية المنازل فتحت بوابة تحيطها أسوار شاهقة الارتفاع، يتخطى طولها الستون متراً ومع كل ركن من أركانها "برج" يقف به حارس بسهام ونيران .
_عدل اجيستاس.
هكذا قالت يارا وهي تنظر إلى القصور التي تمتد في كل ركن بعد تلك البوابة.
بعد الهلاك وجدوا حياة أخري يملئها الترف ... تعلو صوت ضحكات فتيات الليل ويقف الشباب سكاري كأنهم دمي تحركها عاهرة.
وفي أثناء سيرهم، شاهدوا المشهد الذي لن يمحي من ذاكرتهم أبداً من بشاعته"طفلة صغيرة تمسك بطفلة أخري عارية وتلبسها ذلك الطوق المخصص الكلاب... تضربها بشدة فتظهر علامات الضرب في جسد الصغيرة... تبكي فتزيد الأخرى ضربها وكأن بكائها يزيد ضحكات الأخرى.
حاولوا الخروج من تلك العربة لإنقاذ الصغيرة ولكن بلا فائدة فضرباتهم تلك علي العربة لم تكن إلا لحناً يطرب أذان الحمقى الواقفين.
_توقفوا عن هذا.
قالتها إحدى الأسري.
قالت سارة وهي تحاول فتح الباب
_تلك الصغيرة تتعذب وأنتِ تأمريننا بالتوقف.
_لن تستطيعوا فعل شيء فهذا الحال لن يتغير إلا بوصول حماتنا.
_تباً لضعفكم هذا يا شعب اجيستاس، تريدون من الحماة تغيير كل شيء وأنتم بحاجة إلي معجزة لتغيركم.
قالتها يارا وهي تركل مؤخرة العربة.