🌑 بداية جديدة 🌑

1.6K 54 10
                                    


                 
تراجعت آن خطوتين الى الوراء لا إرادياً وهي تنظر بفزع الى الإناء الذي تحطم والارضية التي امتلئت بالحساء  ليقوم عمران بإبعاد القميص الذي التصق بصدره قليلاً بيده ليقول بنبرة بدت كخليط من السخرية والبرود :
" تاني ؟! "
لم تُجبه هي واكتفت بالنظر ارضاً بينما مددت كفيها امامها بألم ، إنتقل ببصره الى كفيها ... ليزفر بعض الهواء ثم يتحرك باتجاه السلم تاركاً إياها ...
في تلك اللحظات دخل عبدالرحمن وميهان الى المكان بعد ان سمعا صوت صرختها ليهبا بسرعة اليها ... بدت علامات الفزع على ميهان وهي تقول :
" بسم الله الرحمن الرحيم ... في شنو مالك ؟ "

ليردف عبدالرحمن بقلق :
" حرقتي يدك ؟ "

لتجيبهما هي بهدوء بينما لا زالت تُطالع يديها  :
" كورة الشوربة وقعت مني "

عبدالرحمن :
" ارح نمشي المستشفى سريع "

(( م يحتاج ))
إتجهت ابصار عبدالرحمن وميهان نحو عمران الذي كان يهبط في درجات السلم .
كان يحمل عبوة مرهم طبية .
تقدم نحوها بخطواته الواسعة ليقف امامها مباشرة ، تفحص كفيها بعينيه قليلاً ليطلب منها قائلاً :
" لو سمحتي اغسلي يدك من الموية الباردة "
ليتقدمها نحو صنبور المياه ليفتحها لها ...
لم تتحرك بل ظلت تُطالعه لثواني طويلة... لتلتقي نظراتهما مجدداً ، لتتقدم هي نحوه ف النهاية لتغسل يدها من الماء البارد .
مد لها صندوق المناديل لتجفف كفيها ثم وضع المرهم على السطح الرخامي :
"امسحيه ف يدك وحتبقي كويسة بإذن الله "

صمت قليلاً ليردف بهمس وبنبرة ساخرة :
" المرة الجايا أبقي أعملي حسابك يا آنسة "

لم تفت عليه تلك اللإبتسامة التي بدت وكأنها رد فعل على نبرته الساخرة :
" وياريت انت كمان تعمل حسابك يا استاذ ، انا اتحرقت بسببك"

" ممممم كدا متساويين ، الدنيا عادلة شديد ... نفس القهوة الكبيتها ف يدي جاتك على هيئة شوربة "

" يعني مُعترف انو الغلط المرة دي منك "

" أيوه مني ، و ردك إثبات كافي انك عارفة انو الغلط السابق كان منك ... بس م اعتقد حتقدري تطلبي مني إعتذار لأنك م قدمتيه المره الفاتت "

انحنى وجهه قليلاً وهو يومئ لها برأسه قبل أن يتجه الى الأعلى لتبديل قميصه تاركاً إياها برفقة عبدالرحمن و ميهان اللذان كانا لا يزالان قلقان عليها ، ولحسن حظها انهما لم يسمعا ذلك الحديث العابر الذي حدث بينهما قبل قليل .
___________________________________________

أغلق باب غرفته خلفه ليبدأ بفك زرائر قميصه الذي اتسخ بالحساء ... سيحتاج بالتأكيد الى أخذ حمام سريع ليزيل رائحة البهار الثقيلة التي بدأت تفوح منه .
وما إن وقف تحت المياه حتى بدأ باستذكار معالم وجهها وهي تتحدث معه ، ما لم تعرفه هي أنها كانت تقف أمام داهية ، شخص وُهِب بالفطرة فراسة تجعله يقرأ ويحلل أي شخص يُقابله ... ليُعزز تلك الهِبة بتوسعه في علم لغة الجسد والإيماءات ... لا تدري أن كل ابتسامة صغيرة ، لمعة في العينين ، تبليل شفتين او إزدرادة ريق هو يدري تماماً ماذا تُخفي خلفها .
استطاع تلمس تلك الأنثى المتمردة حد الجنون التي تختبئ بداخلها ، ذلك النوع من التمرد الذي يطرأ بسبب حدث ما .
متمردة ، متحدية ، ولا تقبل بأي نوع من انواع فرض الرأي او الأوامر ... لذلك السبب لم تتحرك بسرعة عندما طلب منها أن تغسل يديها بالماء البارد لتخفيف وخز الحريق ، كانت مثل من يتأني في تناول الطعام ليتفحص ويدقق في المذاق والنكهات التي يستشعرها ، كذلك هي كانت تتفحص حديثه للكشف عن اي نبرة آمرة ... ويكاد يجزم انه لو تحدث معها بنبرة الأمر لما نفذت ما طلبه منها .
تلك الأنثى السمراء صاحبة الشعر القصير مثيرة للفضول وللريبة .
وذلك التمرد الذي كشفت قليلاً منه عن غير قصد حرك غريزة الرجل الشرقي السحيقة للترويض لديه ... ما يخدمه الآن هو نفسه الطويل و صبره الواسع ... لن يستعجل لسبر غورها على الإطلاق هو يثق تماماً بأن الأيام تزيح عن ستار كل غامض تدريجياً .
اوقف الماء لينسل خارجاً بهدوء ، جفف جسده ثم هم بمسح البخار عن المرآة لتتضح له صورته .
اقترب من المرآة أكثر ليتفحص صدره ويتأكد ما إن أصابه اذى من حسائها .
إكتفى في النهاية بتوزيع مرهم طبي خاص بالحروق على المناطق المحمرة قليلاً ... ليتجه بعدها للخارج ليلبس ثيابه .
__________________________________________

" سلامتك ياخ ... دا عبدالرحمن دا سحرك ... شبكني ليك البت دي شفتة وخطيرة وبتاع "

كسارة البندق  (الجزء الأول ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن