" ويا ليت المشاعر ترى ليعرف كل ذي حق حقه "
_نزار قبانيتلفتت حواليها بامتعاض وهي تمط شفتيها بانزعاج بدا واضح للغاية لتزدرد ريقها وهي تتلعثم :
" ع ... على ف فكرة يعني يا استاذ يا محترم ... انا لو كنت عارفة انو هنا كدا يعني ..... م كنت ... م كنت آه ؟
ولو كان برضو انت هنا ... شفت ... م جيت بي جاي بس ... ي ... ياها اول مرة وتاني انا م .... "صمتت فجأة لينتفخ خداها بصورة مثيرة للضحك بعد تلك الكلمات الغير مفهومة التي قالتها ، لترمش عدة مرات وهي تُطالع الأرض .
بينما كان هو يتجرع الماء مُحاولاً ألا يُفلت تلك الضحكة التي تُقاوم للخروج .
إرتفع رأسها عندما سمعت سؤاله الذي وجهه لها ولم تفت عليها النبرة الساخرة للغاية التي غلف بها كلماته :
" الأطفال بقو مزعِجين شديد "التقى حاجبيها قليلاً لتتنحنح وهي تقول باستنكار :
" الشنو ؟ الأطفال ؟ "طالعت بأنظارها المكان حولها قبل أن تُصفق بكلتا يديها وهي تضحك :
" هههههههههههههههههههههههههههههههههه"لتزول ابتسامتها تدريجياً بطريقة تراجيدية لتُردف وهي تضغط على اسنانها :
" انا م طفلة ... انا عمري ٢٣ سنة وداخلة على ال٢٤ "" طيب يا أمورة م وروك انو م صح ندخل محلات ساي ؟ "
بدت معالم الإحراج واضحة على وجهها لتبدأ بالتلعثم مجدداً :
" ي...ياخ ...ان....انا آ..آسفة ... انا ... ص...صحيت لقيت اني ف مكان غريب ... و ... و كنت ... بفتش على م...ميهان و ....عبدالرحمن "م إن شعر بأن حديثه قد ضايقها حتى أدار دفة الموضوع ليغيره :
" بالمناسبة ... انتي بتشربي نسكافيه كيف وانتي بتجيك نوبات هلع ؟ انتي عارفة انو الكافيين بيزيدها ؟ "" انت عرفت كيف انو بتجيني نوبات ؟ مش احتمال دي اول مرة ؟ "
" لو دي اول مرة انتي م كنتي حتكون عارفاها نوبة وحتنبهيني عليها وتوضحي لي "
صمتت قليلا لتنطق بعدها :
" عموماً م بشربو كتير انا ... الا بس لمن أكون م عايزة انوم و افضل مصحصحة "تلفتت حواليها وهي تتأفأف :
" وريني اطلع كيف من هنا ؟ "اشار بيده نحو الباب:
" امشي لحدي نهاية الممر وشرقك طوالي ح..."لم يُكمل عبارته من مداخلتها مقاطعة له:
" لو سمحت قول لي يمين وشمال من دون شرقك وغربك "
طالعها لثواني قبل أن يهز رأسه متفهماً :
" على يدك اليمين ، البتاكلي بيها عرفتيها ؟ ""لا م عرفتها ، وريني ليها ياتا "
قالت عبارتها بسُخرية مثيلة لخاصته ...
لتفتح الباب متجهة الى الخارج ...
إتبعها برُماديتاه حتى اختفت ليتجه بهدوء نحو احدى الآلات ليستأنف تمرينه ، شرد قليلاً حين تذكر تلك الطريقة التي كانت ترقص بها .
هذه الفتاة عبارة عن كائن مليئ بالغموض والأسرار ، الحركات التي كانت تقوم بها توحي بلا شك الى أنها راقصة باليه ، وليست أي راقصة بل راقصة متمرسة للغاية ... كما كان يُخبر نفسه دائماً بأن الأيام قادرة على إِزاحة الستار عن كل غامض ، وها قد بدأت الآن معها .
مسح حبيبات العرق عن جبينه ليُكمل تمرينه .
____________________________________________
إتبعت وصفه لتجد نفسها امام السُلم ... تنفست الصعداء عندما سمعت صوت عبدالرحمن وميهان من الأسفل ويبدو أنهما في طريقهما للأعلى .
اسرعت في هبوطها للمدرجات لتصطدم بهما ...
علا صوت عبدالرحمن بسعادة :
" آن ... حمدلله على السلامة ياخ "
أنت تقرأ
كسارة البندق (الجزء الأول )
Romansaيجب قراءة رواية بنت عمران لفهم ماضي بعض الأبطال برواية كسارة البندق . لذلك من الأفضل ان تبدأ ببنت عمران اولاً .