لَم أَكُن مِمن يُجيدون التَّكَتُمِ عَلى مَشاعِرِهم، بَل كَانَ وَجهي السَّبَبَ فِي فَضحِي دَوماً، فَتَعابيري تُبدِعُ فِي فَضحِي أَمامَ المُقربين مِني، فَأظهَرُ واضِحة كَأَحدِ الكُتُبِ المَفتوحة، حَدَقَتيّ وَنظراتِي تَمتَلِكُ الفَضلَ فِي ذَلِك.
لَم أَكن بارِعَة فِي سَترِ مَشاعِري، فَأَشعُرُ بِالاِرهاقِ عِندَ فِعلي، دُموعِي تَتسابَقُ لِلهُطولِ فِي الكَثيرِ مِن المَواقِفِ، وَلَم أَجد فِي تَركِيبِ شَخصِيَتي مُشكِلة إِلّا حَينَ بَدأَتُ فِي اِرتيادِ الجَامعِة وَالاِختِلاطِ مَع مُختَلفِ البَشر.
تَأَتأَتي لَم تَعُد ظاهِرة، سِوى لِمن يُخالِطُني بِكَثرة، وَبَعضِ الحَالاتِ الشَّاذة كَشُعوري بِالتَّوتُرِ وَالاِحراج، كَما الخَجَل، فَتُصبِحُ الكَلِماتُ ثَقيلَة عَلى لِسانِي وَصعبَةَ النُّطقِ، وَهَذهِ كانَت طَريقة أُخرى اِجَمَعت لفضحِ مَشاعري.
لِم يَكن لَديَّ مُشكِلةَ فِي كَونِ مَشاعِري مَفضوحَة سِوى عَندَ إعجَابِ بِزَميلي، وَمُنافِسي عَلى المَرتِبة الأَولى، حَسناً لِم أرهُ مُنافِسي قَط، فَلَم أَكُ مُهتَمة فِي تِلكَ المَرتَبة، فَما أَبذلُهُ فِي حِياتي الجَامِعية مِن جُهدٍ لَيسَ إِلّا لِمَحَبتي لِتخَصُصي، عَلى عَكسِه هو، فَكان عاشِقاً لِلمُنافَسة وَالتَّنافُس، حَيثُ لَم يَتوقَف عَن نِدائِي بِأَلقابٍ طُفوليَة وَسَخيفَةَ، كَـ -مُنافِسَتي- و -عَدُوتِي- ، وَرُغمَ حُمقِ تِلكَ الأَلقاب، إِلّا أَنَّني رَأَيتُها ظَريفَةَ، فَشَعرتُ بِكونِي مُميزةَ مُتفَرِدة بِها، فَهو صَدٍيقي رُغمَ تِلكَ المُنافَسة الوِّدية مِن ناحِيَتِه.
بَاتَ لَديّ أَصدِقاءٌ أَتِفاخَر بِهِم أَمامَ أُمِي كَاث، والِدي، وَجِيف الذِي لا يَنفَكُ عَن مُصادَقَةِ أَصدِقائِي كَالغِراء، لَم أَظَنُّ أَنَّني سَأَكونُ مُحاطَة بِالأَصدِقاء فِي سَنتِي الأُولى، وِلَم أَعرِف كَيف تَمكَنتُ مِن فِعلِ ذَلِك لِأَكونَ صادِقَة، أَسعدنِي وُجودُ أَشخاصٍ مُسلينَ مِن حَولي، رُغمَ طَبيعَتِي الاِنطوائِية؛ لَم يَقِف طَبعي حاجِزاً أَمامَ أُولئِكَ الأَشخاصِ، فَتَمَّ ضَمِي لِمَجموعَتِهم المَرِحة والدَّافِئِة، فَأَشعُرُ بِرِفقَتِهم أَنَّني أَعرِفُهُم مُنذُ الأَزَل.
كُنتُ دَوماً شَخصَ هادِئَ الطِّباعِ، قَليلَ الكَلَامِ بِحُكمِ مُشكِلَةِ نُطقِي، وَخَوفِي مِن رَفضِ الآخَرينَ لِي، أَو تَسبِيبِ الاِزعاجِ لَهم، فَينفِروا مِني، وَيبتَعِدوا عَني.
لِكِن بِعدَ أَن قَضيتُ وَقتي رِفقَتهم، أَصبَحتُ أَكثَرَ شَجاعَة وَمَع القَليلِ من الاِفصلحِ فِي لَحظَةِ ثَمالَة أَضحَيتُ أَكثَرَ صِدقاً رِفقَتِهم، وأَقل تَخوفاً ، فِبِت؟ُ أَتَصَرفُ رِفقَتِهم كَما أَفعَل رِفقةَ جِيف، دُونَ أَيّ حَواجِزٍ.هَل يُمكِنُني وَصفهُ عَلى أَنَّهُ حُبي الأَول؟ بِالطَّبعِ سَأَفعَل، يُدعى مارك اِسمٌ ظَريف وَشائِع، يَمتَلِك طولاً مُتوسِطاً فَكان لا يَزيدُ عن طُولي سِوى بَعضِ السَّنتِمِترات، أَشقَرُ الشَّعرِ، أَزرقُ العُيون، يمتَلِك وَجهاً عادِيةً، إِلّا أَن اِبتِسامَتَه تَجعلُ مِنه مُشرِقاً كَأَحد النُّجومِ، مَرحُ الطِّباع، لَطيفٌ وَمٌمتُعُ الصَّحبَة. وَعِندَ بِقائِها بِرفقَتِه فِي العَديد مِن المِواد، رِفقَةِ كل تِلكَ الخَصائِص، لِم تَكُن تَمتَلكِ خِياراً سِوى الاِعجابِ بِه.
كانَت ياسِمين شَفافَة فِي اِعجابِها بِه أَمامَ أَصدِقائِها عَداه، فَكانَت أَفعالُها تَفضحها، لَم تِكُن مَمَّن يَتأَمَل مَن يُعجِبُه، بِل كانَت مَن يَبتَسم عِندَ ذِكرِهِ فِي الأَحادِيث، وَلا يَتوقَفُ عَنِ الدِّفاعِ عَنهِ عِندَ إِغاظِته مِن قِبلِ الرِّفاق، وَمِن لا يِتوقَف عَن الاِبتسام حَولَه، والضَّحِكَ بِرِفقِتِه. أِما عِندِ شُعورِها بِالغِيرة كِانِت تَقطيبةُ حاجِبَيّها تُسارِعُ فِي فَضحِها.
أنت تقرأ
يـاسَـمِـيـن | بَتَـلـات مُـتسـاقِـطـة .
Romanceلَـم تَـكُـن يـاسـمـيـن تَـنـتَـظِـرُ الـكَـثـيـر مِـنْ عَـائِـلَـتِـهَـا، انِـتَـظَـرت حُـضـنـاً دافِـئـاً يَـحـتَـويـهـا فَــ يُـغَـلِّـفُ جَـوارِحـهـا مـاحِـيـاً آثَــارَ الـصَّـقِـيـع عَـنْ جَـنَـبـاتِ فُـؤادِهـا الـمُـحتَـرق، انتَـظَرت أنَـامِـ...