رُبما إغلاقُ دَفاتِرِ الماضِي كانَ كِذبَةً، حاولتُ إقناعَ ذاتِي بِها، فَصَفحاتُ الماضِي لا تُطوى، بَل تَبقى تُلاحِقُك حَتى الهَلاك، تِلكَ الصَّفحات لا تَبتَلُ بِالدموع، لا تُمزَقُ فِي لَحظةِ غَضب، لا تَتَأَثرُ بِنوبَةِ نَدم، سِتبقى كَما هِي حتى بِعدَ مُرورِ العُقود.
سَينعِمُ الرَّبُ عَليكَ بِلَحظاتٍ مِن النِّسيان، الأمرُ الوحيد الذِي سَتدرِكُه بَعدَ الكَثير مِن الهِراء مَع الماضِي وَمُحاولاتِ نِسيانِه، أَن لا تَجعلَ ماضيكَ يَضعُ أَثره عَلى حاضِرك؛ فَمخالِبهُ سامَة، سَتُشوههُ.
عَليكَ التِّوقف عَن تَخيلِ حياتِكَ دونَ ماضِيك، عَن بِناءِ حياةٍ بماضٍ أَفضل وَظروفٍ طبيعية، فَلن يَتغيَّرَ شيء، سَتَبقى ذاتَ الكائِن في ذاتِ الزمان، عالِقاً مع ذاتِ الماضي."يَبدو أَنَّكَ اِعتدتَ عَلى العَيشِ فِي شُقتِي"
نَبستُ أجلسُ عَلى مائِدةِ الطَّعام، أَتجرعُ قَهوتِي الحلوة بِإِرهاق، فَطاقَتِي لا تَعمل سِوى بَعدَ كُوبٍ مِن القَهوة، راقَبتُ دخولَهُ إلى شُقتِي مُحمَلاً بَالأَكياس."بَل اِعتدتُ العَيشَ مَعكِ، لا يَهمنُي أَين أَبقى ما دُمتُ بِجانِبك"
ردَّ يَضعُ مُشترياتِهِ فِي المَطبخ، كَي يَبدَأَ فِي تِفريغِها داخِلَ ثَلاجَتِي وَخزائِنِي."تَبدو تِلكَ كَلماتِ مُشرد"
سَخرتُ، أُقهقِهُ عَلى مُزحَةٍ اِختَلقتُها، قَد أَبدو ثَملةِ، إٍلّا أَنَّ تِلكَ أَعراضُ النُّعاسِ خاصَتي، وَالمَقصودُ بِالحَديث إعتادَ عَلى تِلكَ الحالة."سَأكونَ مُشرداً إِن فارَقتُك؛ فُحُضنُكِ مَسكنِي"
عَلقَ عَلى كِلماتِي يَتركُ قُبلَةً عَلى ناصِيةِ رَأَسي، يَجعَلُ مِن قَلبي يَنتفِض، تأَثُراً بِلمساتِه وَلِسانِه المَعسول، ضَعيفَةُ أَمامَ حَضرتِ كَلماتِه، مَشدوهَةٌ بِهِ أَصبَحت."رباه، لا أَستطيعُ الفَوزَ أَمام كِلماتِك"
شَكوتُ ضَعفي أَمام أَحرُفِه، أَجعلُ مِن اِبتِسامَتهِ تَتسِع بِينما يَضعُ ما جَلبه فِي مكانِه، روبِن لَم يُغادِر منزِلي منذُ أَن خَطتهُ قَدمه، سِوى مِن أَجلِ العمل حيثُ نَذهبُ سَوياً لِلشَرِكة، وَالمتجر لِشراءِ ما يرغب بِه، فَشقتِه كَي يُحضِرَ مَلابِسه وبعضاً مِن لوازِمه، وَعلى هذَا الحال مَرَّ أَسبوعٌ بِرفقَتِه."لا أَزالُ متخَمة مِن طَعام البارِحة"
نَبستُ أَخلِقُ حَديثاً، فَأَنا مُغرمة بِسماع أَحادِيثه وَصوتِه، وَضعتُ كوبِي عَلى المائدة أُطالِعُ ظَهرهُ بِإهتِمام."اِشتريتُ لَنا فُطوراً"
تَحدَثَ يُعلِقُ عَلى كَلماتِي، يَلتَفتُ مُعطِياً إِياي نَظرة مُتفَحِصة، يَنهَبُ مِن كُوبي رَشفة، مُعطياً تَعابيرَ مُشمَئِزة بَعد تَذوقِهِ لِقهوتِي الحُلوة بِالحَليب، لا أَدري لِما يَفعلُ ذاتَ الشيء كُلَّ صَباح، وَهو عَلى عِلماً بِعَدم تَغيُّرِ مُحتَوى الكَوب.
أنت تقرأ
يـاسَـمِـيـن | بَتَـلـات مُـتسـاقِـطـة .
Romanceلَـم تَـكُـن يـاسـمـيـن تَـنـتَـظِـرُ الـكَـثـيـر مِـنْ عَـائِـلَـتِـهَـا، انِـتَـظَـرت حُـضـنـاً دافِـئـاً يَـحـتَـويـهـا فَــ يُـغَـلِّـفُ جَـوارِحـهـا مـاحِـيـاً آثَــارَ الـصَّـقِـيـع عَـنْ جَـنَـبـاتِ فُـؤادِهـا الـمُـحتَـرق، انتَـظَرت أنَـامِـ...