الوَقتُ يَجري فَلا يَنتَظِرُ أَحداً، عَليكَ أَن تُجارِيهِ لِتَعيش، لَن يُوقَفَهُ أَحدٌ مِن أَجلِكَ، هَذا ما أَدرَكتهُ ياسَمين طَوالَ حياتِها التِّي لَم تَدُّمِ سِوى ثَمانِيةَ عَشرةَ عامِاً وَبَعضِ الشُّهور تَجرَعت فِيها الكَثيرَ مِن الهُراء يَفوقُ حُدودَ فَتاةٍ فِي سِنِها، إِلّا أَنَّها قاوَمَت وَحارَبت تِلكَ المَّصاعِب.
اِجتَهَدت ياسَمين خِلالَ فَترَةِ الاِمتِحاناتِ النِّهائِية، وَبَذَلَت أَضعافَ الجُهدِ المَّبذُلِ عادَتَاً، وَاضِعةً أَهدافاً واضِحة لِحياتِها، وَأوَلُها الاِنتِهاءِ مِن المَرحَلَةِ المَدرَسِيَةٍ بِتَفوق، فَعَزَمَت عَلى ذَلِك وَحَقَقَته، وَحَمَلت شَهادَتها وَتَخَرَجَت مِنَ المَّدرَسةِ عَلى أَمل ألّا تَلتَقي بِأيٍ مِن رُوادِها فِي المُستَقبل، سواءَ كان اللَّطيفَ مِنهُم أم البَغيض، لِذا اِمتَنعتُ عَن الذَّهابِ لِحفلِ التَّخرُجِ الرَّاقِصِ، وَالذِّي يَجمَعُ مُختَلِفَ الأَصنافِ مِن البَشر، عائِلَتي العَزيزة لَم تَرى سَبَّباً وَجيهاً لِعَدمِ ذَهابي، فَـحـاوَلَت الكَثير مِن المَّرات تَحَثُّني وَتُحاوِلُ إِقناعِي عَلى الذَّهابِ، حَتى كِدتُ أَظنُّ أَنَّهم سَيَجُرونَني إلى ذَلِكَ الحَفل بِملابِسِ النَّوم، وَرُغمَ ذلِكَ الاِصرارِ مِن قِبَلِهم، تَمَسكتُ بِرَفضي الذَّهاب، فَلا يَهُمني إِن كانَ هذا الحَفلُ لا يَتَكرر سِوى مَرة واحِدة فِي العُّمر وَلا يُمكنُ تَعويضه، وَلا لِخَسارَتي لِتلكَ التَّجرُبة المُّميزة وَالمُّمتِعة.
حَقَقَتُ المَّزيدَ مِن الأَهدافِ فَقَد قُبلتُ في أَشهَرِ جَامِعاتِ إِدارةِ الأَعمال، وَبدأَتُ أذهبُ إلى مَواعيدِ اِختِصاصيٍّ في اللُّغة والتَّخاطُب؛ لِمُعالَجَة مُشكِلَةٍ نُطقي وَالتَّي لَيست بِمشكِلَةٍ خَلقِيةَ إِنَّما نَفسِية، لِذا لَيست بِمُستَحيلة، إلى جانِبِ زِيارةِ الطَّبيبِ النَّفسي بِاِنتِظام لِذاتِ السَّبب، وَحسناً، كُنتُ سابِقاً أَرفُضُ العِلاجَ رَفضاً قاطِعاً، فَقد كُنتُ فِي بِدايةِ مُشكِلَتي أَزورُ أَحدَ الأَطباء، وَالذي لَم يَكن سِوى أَحمقٍ لا يَدري ما يَفعَلُه، فَـيَـرتَدي النَّظاراتَ لِيبدو جاداً، وَيَجلِسُ عَلى الكُرسيِّ يَكتُبُ ما أَقولُهُ، مُحاوِلاً أَن يَبدو عَملِياً، إِلّا أَن زِيارَتُهُ لَم تُجدي أيَ فائِدَة، لَأَنَّهُ لَيسَ سِوى عَجوزٍ خَرِف.وَبِالمُّناسَبة، طَبيبي الجَديد وَسيمٌ بِشَكلٍ مُرهِق، حَتى أنَّني لَم أَتَوقَفِ عَنِ الشَكوة لِجيف بَعدَ جَلسَتِنا الأَولى عَن مَدى وَسامَتِه، ممَّا جَعلهُ يُطالِبُ والِدي بِتغيير ذَلِكَ الطَّبيبِ بِواحِدٍ آخر، معِ التَّأَكيدِ عَلى كَون البَديل أَكبرَ سناً مِن جَدي، إلّا أَنَّ والِدي الع؟َزيز رَفضَ ذَلِك، مُؤَكِداً عَلى كَونِه واثِقاً مِن هَدَفي السَّامي لِزيارَةِ تِلكَ العِّيادَة، وَأَنَّني لَن أَنحَرِفَ عَنه، مِمَّا أَشعَرَني بِتأَنيبِ الضَّمير لِذا تَوقَفتُ عَن تَأَمُلِ ذَلِكَ الوَسيم، وَالتِّفكيرِ بِه بِتلكَ الطَّريقة.
بِالإِضافَة إِلى أَنَّنِي قُمتُ بِتحقيقِ أَمرٍ لَطالَما حَلِمتُ به، فَقد قُمتُ بِإِنشاءِ مُدَونَة خاصَة بِي عَلى الشَّبَكة العنكَبوتِية، حَيثُ أَنشرُ كِتاباتِي وَخَواطِري، وَأَشعُرُ بِالحُرِيةِ خَلفَ تِلكَ الشَّاشات.
أنت تقرأ
يـاسَـمِـيـن | بَتَـلـات مُـتسـاقِـطـة .
Romantizmلَـم تَـكُـن يـاسـمـيـن تَـنـتَـظِـرُ الـكَـثـيـر مِـنْ عَـائِـلَـتِـهَـا، انِـتَـظَـرت حُـضـنـاً دافِـئـاً يَـحـتَـويـهـا فَــ يُـغَـلِّـفُ جَـوارِحـهـا مـاحِـيـاً آثَــارَ الـصَّـقِـيـع عَـنْ جَـنَـبـاتِ فُـؤادِهـا الـمُـحتَـرق، انتَـظَرت أنَـامِـ...