يَومَان طالَبَت بِهما ياسَمين بِالبَقاءَ وَحدها، وَبِمُغادَرةِ شَقيقِها وَرَفيقَيها؛ لِحاجَتِها الاِختِلاءَ بَذاتَها، حَيثُ قَضَت ساعاتٍ طَويلةٍ بِاِستِذكارِ ماضٍ أَسقَمَ جَسدها وَأَعلَّلَ قَلبها وَفكرَها.
اِستَيقَظَت ياسَمين فِي صَباحِ اليَومِ التَّالِي لِزيارَتِها لِمَنزِلِ والِدتِها، عَلى مَشهدٍ أَبعدَ عَنها شُعورَ الوحدَة، وَأَدفَأَ قَلبها المُثقَل، حَيثُ وَجدَت رِفاقَها مُتَفَرقِين حَولها، فَاِحتَلَ جِيسي كُرسِيَّ مَكتَبِها بَينما روبِن نائمَ عَلى الأَرضِ بِجانِبها يَسنُدُ ظَهرَهُ بِالقاعِدةِ الخَشبية لِسريرِها، جِيف بِجانِبها يَحتَضِنُها بِرفقٍ، يَجعَلُ دَمعَةً بائِسَةً تَسقُطُ يَتيمةً عَلى وسادَتِها، تَشكُرُ الرَّبَ عَلى بَعثِهِ لَهُم إلى حَياتِها، فَقد كانُوا كَالبَلسَمِ عَلى جُروحِها.
"روبن اِستَيقظ، روبن لَقد مَلِلت مِن مُحاولاتِ إِيقاظِك"
بِخفوت تَحدَثَت تُحاولُ إيقاظَ روبِن الأَحمق تُقرفِصُ بِجلسَتِها لِتَصِل لِمستواه، كانَت هَذِهِ مُحاولَتُها الثَّالِثة، فَبدأت تَستَسلِمُ لِواقِعِها فَروبِن لَن يَستَيفظ."هل أَنتِ بَخير، جاس؟"
سَألَ يَفتَح عَينيهِ سريعاً، وَمَعالِم القَلَق غَزت وَجهَه، وَيبدو أَن ذِكريات البَارِحة قَد زارَته."أجل أنا بَخير، نَمْ عَلَى السَّريرِ أَيُّها البَطل"
تَحدَثَت تُساعِدُهُ عَلى الوقُوف، أَلقى روبِن جَسدَه بِجانِبِ جِيف، قُبلَةٌ قَريبَةُ مِن شِفاهِها تَلَقتها بِعدَ اِيقاظِها لِروبِن وَوضعِ الغِطاءِ عَليه وَعلى جِيف، جَعلت مِن آثارِ النَّومِ تَهربُ مِنها.
عادَ روبِن لِلنَوم دونَ أَن يُدرِكَ تَأَثيرَ فِعلَتِهِ عَلى قَلبِ الفتاةِ المِسكينة، التِي بَدأت تَلتِفِتُ حَولَها تَبحَثُ عَن شاهِدٍ لِما فَعلِه، وَلم يَكن الشَّاهِد سِوى جِيسي الذِي وِضعَ اِبتِسامَةً ساخِرَة تُثبِتُ أَنَّهُ رَأَى ما حَدث.طَردَت ياسِمين أَفرادَها المُفضَلين بِحجَةِ حاجَتِها لِبعضِ الوقتِ لِنَفسِها، وَبهَذا باتَت وَحيدةً رِفقَةَ عَدوها الأَول، نَفسها.
سَمحَت لِذاتِها السَّوداوية بِالتَّغَلُبِ عَلَيها فَدَخَلت بِدَوامَةٍ مُظلِمة، أَعلَلت جَسدَها وَأَسقَمَته، لَطالَما كانَت اِنتِكاسَاتُها النِّفسِية تَضَعُ بَصمَتَها عَلى صِحَتِها.فِي شُقتِها حَيثُ تَزاحَمت عَليها ذِكرياتُها العَزيزة، بِينَ جُدرانِ غُرفَتِها المُظلِمة، كانَت تَنتَحِب وَتُهلوس، تُمتِمُ بِكلماتٍ مُبهَمة، تغرَقُ بَين وَعيها وَكوابيسِها، تَنتَظِر مَن يَنتَشِلُها مِن قاعِ دَوامَتِها.
هَل ما تَمنَتهُ فِي مُراهَقَتِها عادَ لِيصفَعَ ضَميرها؟ أَتِلكَ نتائِجُ دُعائِها؟ وَلِمَ فؤدَها يَحمِلُ تِلكَ المَشاعِر؟، أَليسَ ما يَحدُثُ مَع والِدَتِها عاقِبة لِأَعمالِها وَخَطايَاها؟ ما شَأَنُها لِتَشعُرَ بِالذِنب!
![](https://img.wattpad.com/cover/272605043-288-k659283.jpg)
أنت تقرأ
يـاسَـمِـيـن | بَتَـلـات مُـتسـاقِـطـة .
Romanceلَـم تَـكُـن يـاسـمـيـن تَـنـتَـظِـرُ الـكَـثـيـر مِـنْ عَـائِـلَـتِـهَـا، انِـتَـظَـرت حُـضـنـاً دافِـئـاً يَـحـتَـويـهـا فَـيُـغَـلِّـفُ جَـوارِحـهـا مـاحِـيـاً آثَــارَ الـصَّـقِـيـع عَـنْ جَـنَـبـاتِ فُـؤادِهـا الـمُـحتَـرق، انتَـظَرت أنَـامِـلَ...