مقدمة الخالة الضائعة

27 4 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الناشر

المرأة ـ الجزء الثاني من إنسان الأرض : لها وضعها الخاص ، ونفسيتها الخاصة ، وطريقتها ، وذوقها .
وهي في كل ذلك تمثل الوجه الآخر للحياة . وواضح أن على الانسان أن يعرف « وجهي » الحقيقة حتى يستطيع أن يحكم بصدق ، وينمي الحياة بشكل طبيعي ، ويضمن الاستقرار والبقاء للجنس البشري.
ومن الخطأ أن ننظر إلى جانب واحد من المرأة كأن ننظر إلى هيكلها الذي قد لا يختلف كثيراً عن هيكل الرجل كما أن من الخطأ أن ننظر إلى جانب واحد من جوانب الرجل .
إن الحضارة المادية سقطت في قاع الفساد والفوضى عندما نظرت إلى جانب واحد من المرأة فوقعت بسبب هذه النظرة الضيقة في متاهة التناقض فهي في نفس الوقت الذي تحمل المرأة مسؤولية الأمومة ، والرضاعة ، وما إلى ذلك ، في نفس الوقت حملتها مسؤوليات الرجال ، فأصبح الرجل

.
.
.
.
الخالة الضائعة

كانت خديجة جالسة تستمع إلى خالتها تتحدث مع أمها بصوت يتهدج من البكاء وهي تقول ، وهكذا ترين كيف ذهبت أتعابي معهم هباء وكيف أنهم تجاهلوا الليالي التي سهرتها والآلام التي تحملتها والتضحيات التي قدمتها ، أما والله لقد بعت آخر حلية لي في سبيل إرسال بشرى إلى الخارج من أجل إكمال دراستها بعد أن لم تقبل هنا في الجامعة وقد رهنت بيتي مرتين من أجل أن يصبح ولدي هشام دكتوراً ملء السمع والبصر أتذكرين كيف أنني بعت فرش بيتي في سبيل أن أحقق رغبة بشرى في شراء جهاز التلفزيون ؟ ولكن الآن ، هل تراهما يذكران شيئا من ذلك ؟ أبداً لقد أقصاني هشام عن بيته لأن زوجته تستقبل من الزائرات طبقة لا يروقها وجودي بينهن ولأنها تريد أن تكون حرة في بيتها تتصرف به كما تشاء دون أن يكون عليها رقيب . وظننت أن لي في بيت بشرى ملجأ ألوذ به أو ليست هي ابنتي الوحيدة التي كنت أدنو اليها بمزيد من الأمل







والرجاء ؟ أو لست أنا التي فتحت لها أبواب الحياة وجعلتها تنطلق متحررة من كل قيد فهل تعلمين كيف كان مقامي عندها ؟ لقد أخذت تعاملني كخادمة أنظف لها بيتها وأربي لها أطفالها بينما تنتقل هي مع زوجتها بين المسارح ودور السينما والنوادي . وأمس تأخرت حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وكان طفلها يبكي بشكل مستمر وقد عجزت عن إسكاته بأي ثمن . وعندما عادت كنت غير مرتاحة ولأول مرة أظهرت لها تبرمي لهذا الوضع وبأن من الواجب عليها أن تعرف بأن مقامي في بيتها هو مقام أم ولست خادمة أو مربية أطفال فهل تعلمين ماذا كان جوابها ؟ آه أن قلبي ليتمزق ألماً حينما أذكره لقد قالت لي وبكل صفاقة أنك تتكلمين وتنسين أن بيتي هو الذي تكفل بإعالتك وإعاشتك ثم لا تنسي أيضاً بأنني كنت ولا أزال حرة وأنني غير مستعدة أن أُقيد نفسي من أجلك أو من أجل طفلي . وهنا لم تتمكن الخالة من الاسترسال في حديثها وأخذت تجهش في بكاء مرٍ حزين . فنهضت خديجة وقدمت إلى خالتها كأساً من ماء بارد وحاولت هي وأمها أن تخففا عنها حتى سكن جأشها إلى حد ما وعند ذلك انبرت خديجة لتقول : إن مما يؤسف له أن تكون تضحياتك التي ذكرتها هي التي حدت به إلى هذا الموقف العصبي يا خالة . أنك كنت تسيرين في طريق خيّل لك أنه من صالح ولديك وصالحك معهما وقد صور لك الوهم أن سعادة ابنتك منوطة بأن تكون حرة فعملت على ذلك وكانت

المجموعة القصصية (( الكاملة )) الشهيدة بنت الهدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن