أّلَفِّصٌلَ أّلََّسأّبِعٌ أّلَأّنِفِّتّأّحٌ مَنِ جِدِيِّدِ

60 7 0
                                    

بَِّسمَ أّلَلَهِ أّلَرحٌمَنِ أّلَرحٌيِّمَ

إن من رحمة الله عليّ أن فترة الجمود تلك لم تكن طويلة فقد حدث ما هزني وبعث فيّ الحياة من جديد ودفعني إلى التعرف على مسؤوليتي بشكل أقوى مما كنت عليه ، وهكذا فان الانسان لا يتبلور ويتكامل إلا بعد المرور بمختلف أشكال التجارب والمحن وفعلاً فأنا أحمد الله إن مررت بمحنة حسستني بأهمية الايمان عندي من جديد وما أحسن قول الشاعر حينما يقول :

لك الحمد أن البلايا عطاء *** وأن المصيبات بعض الكرم

إذن ... فنحن لا ينبغي لنا أن ننظر إلى فداحة المحن وقساوتها فقط ، ولكن علينا أن نقيس كل ذلك مع الدروس التي تعطيها والفوائد الروحية والمعنوية التي يجنيها الانسان من ذلك لكي نتمكن من استقبالها بثغر باسم وصدر رحب وعزيمة وإصرار . وأنني لأذكر حادثة خلال هذه المحنة ، أذكرها وقد كنت أذكرها دائماً لعمق ما أثرت عليّ في حينها ، كان

ذلك خلال فترة ضيق قاسية قد تشابكت خيوطها حتى كاد اليأس يتسرب إليّ فانتزعت نفسي من البيت وخرجت إلى الشارع وكأنني كنت أحاول بذلك التحلل ولو إلى قليل من أسلاك المحنة الشائكة التي كانت تحيط بي ولكنني سرعان ما أحسست أنني كنت غلطانة ! فلم تكن المحنة التي أعيشها وليدة البيت لكي تتركني أو أتركها عندما أغادره ، ولهذا وقفت حائرة مخذولة لا أعلم إلى أين أتجه وماذا اعمل ؟ وإذا بصوت اسمعه من بعيد فيشدني إليه ، وإذا بكلماته تجذبني نحوها وكأنني لم أسمعها من قبل : ( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فننجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) عند ذاك تنبهت من جديد وأفقت من الاغفاءة الفكرية التي كادت أن تجرني إلى اليأس ، وتذكرت أن الله عز وجل لا يخذل عباده المخلصين ، وان المحن والبلايا ليست سوى بعض طرق التكامل والنضوج ، وهي مثلها للانسان مثل مختبر للتحاليل يظهر حقيقة الانسان ويكشف له ما كان يجهله من نفسه وجوانب الضعف والوهن فيها.
ومضيت بعد ذلك أقطع مسيرة الحياة بين آلام وآمال ووسط أزهار وأشواك ، وهل يوجد الزهر إلى جوار الشوك ولولا الألم لما وجد الأمل ، ولهذا كنت منسجمة مع تقلب الحوادث وتتابع الأدوار ، لا يغرني نعيمها ولا يحزنني أليمها انتظر سراءها عند الضراء واترقب ضراءها عند السراء وكأنني وإياها كما يقول الشاعر:

تزيـده الأيـام إن أقبلت *** شـدة خـوف لتصاريفهـا

كأنــها في وقع اقبالها *** تسمعه رنة تخويفها

ومرّت السنوات تتتابع وأنا أجد من رحمة الله فوق ما استحق حتى أصبحت أحس نحو نفسي بالصغار أمام ما أجد من عطف الله عليّ ورحمته بوجودي ، فأخذت استصغر عطائي واستكثر ما أجد وكان هذا الشعور هو بداية الألم في حياتي التي نذرتها لله ، فقد أصبحت أحس بعذاب ومرارة. وأصبح قصوري أمام الله عز وجل يتراءى أمامي على شكل تقصير تارة وعلى شكل عجز وتهاون أخرى فتبرمت بما أجد حولي بعد أن حسبت نفسي دخيلة عليه وأخذت أحاول أن أبتعد عن مسرح حياتي بعد أن وجدته أكثر مما استحق ، وهل هناك أقسى من شعور الانسان بالتقصير أمام الله ؟ ولهذا فقد رانت على قلبي غمامة من ألم وحسرة لوثت صفاء روحي وسعادتها في العمل من أجل الله... ولولا أن الله عز وجل رحمني باشراقه من نور كانت تضيء جوانب روحي بضيائها الهادي الوديع لحدث ما لا يحمد عقباه ، فالحمد لله الذي لا يغلق على موحديه أبواب رحمته.

أّلَبِأّرتّ أّلََّسأّبِعٌ 🦋

المجموعة القصصية (( الكاملة )) الشهيدة بنت الهدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن