زيارة عروس

29 5 0
                                    

سحابة قاتمة تحاول أن ترين على روحها لمرارة الذكريات ولكن كانت هناك مصادر نور تنطلق من تجارب صالحة بدأت الشوط فأتمته بنجاح ، وهنا برزت أمامها صورة صديقتها سعاد . فشعرت نحوها بشوق صادق فهي قد ذهبت منذ أيام مع عريسها ليستهلا حياتهما الجديدة في زيارة لبعض المشاهد المقدسة وكانت هذه الذكرى كفيلة ببعث ملامح نور زاهية في نفس غفران ، وعادت بها الذكرى إلى صديقتها سعاد فتذكرتها في ترقبها وهي فتاة واستعرضت الخطوط التي رسمت أبعاد اختيارها لشريك الحياة . ثم تطلعاتها الخيرة وهي تقف على أبواب الحياة الزوجية وترفعها عن الزخارف التي شوهت مفهوم هذه المرحلة المقدسة التي وجدت لتكون لبنة صالحة في بناء عش مؤمن سعيد تدعمه شركة روحية بين زوجين ويترعرع في جنباته جيل خير من الابناء ، ولم يسعها إلا أن تتوجه إلى الله العلي القدير أن يحرس صديقتها المؤمنة ويحقق لها آمالها الخيرة التي بنتها على هذه الزيجة المنتقاة ، ولم تكد غفران أن تصل في أفكارها عند هذا الحد حتى سمعت رنين جرس الباب فسارعت إليه لتجد إحدى صديقتها وقد جاءت لتخبرها بعودة سعاد ، فغمرتها الفرحة وقالت في لهفة بالغة إذن أنت ذاهبة إليها الآن انتظريني لأصحبك إليها يا أختاه ، قالت هذا ثم توجهت لتأتي بعباءتها ولكن صديقتها أجابت في تردد . ولكن لا . ليس الآن يا غفران ، فاستدارت غفران نحوها في استغراب وقالت ليس الآن ولماذا ؟ قالت يبدو أن

هناك بعض الموانع ، قالت موانع !! أرجو أن تكون خيراً ؟ فابتسمت صاحبتها ثم أردفت بعد فترة سكوت : لقد قيل أنها لا تزال جديدة عهد في بيتها ولهذا فهي لم تعد العدة لاستقبال الضيوف بعد !! فأطرقت غفران في ألم ثم رفعت رأسها وهي تقول : ولكن لا أظن أن سعاد تقول هذا فهل أنت واثقة مما تتحدثين ؛ قالت أنني واثقة مما نقل إليّ ولكنني مثلك لا أكاد أصدّق أن هذه هي فكرة سعاد أو ليست سعاد هي التي رسمت في خطوط زواجها صوراً من المثالية ترتفع بها عن الاهتمام بأمثال هذه الشكليات ، فأردفت غفران تقول في حيرة وألم : نعم أنني لا أكاد أصدق ولهذا دعينا نذهب يا هناء فلعل في الأمر بعض الالتباس ، قالت صاحبتها ولكن ألا يخطر لك أن هذا العذر يخفي وراءه أعذارا جديدة أخرى ، وعلى فرض وجود ذلك فسوف يكون ذهابنا غير مرغوب فيه ، فسكتت غفران برهة ثم قالت : نعم لعله كذلك فإن سعاد ليست ممن تمتنع عن استقبال زائراتها لقلة في أثاث أو بساطة في بيت ورياش أنها تهتم بالجوهر ولم يسبق لها أن اهتمت بالعرض يوماً ما .

***

قضت غفران ساعات عصرها ذاك وهي في ألم حزين تضرب للأمر أخماساً بأسداس . ولاحت لها فكرة قاتمة تقول لعل سعاد هي أيضاً ممن لم تتمكن من مسايرة التجربة الخيرة

حتى النجاح ، ولكنها عادت لتهتف لنفسها قائلة : لا . أن لدى سعاد من الكفاءة ما يمكنها أن تكون وسيلة إيضاح كاملة ولهذا فهي لن تضعف أو تتراجع أمام شيء ، وما كادت الساعة التاسعة تعلن عن انقضائها حتى دق جرس الباب من جديد فاندفعت نحوه غفران على أمل أن تجد خبراً جديداً عن سعاد وما أن فتحت الباب حتى كانت بانتظارها أروع مفاجأة إذا طالعتها من ورائه صورة سعاد .. كادت غفران أن تغالط بصرها لحظة ولكن يد سعاد التي امتدت نحوها لتصافحها بحرارة أثبتت لها الواقع المحسوس فغمرتها الفرحة وطبعت على جبين صديقتها قبلة إيمان صادقة وأسعدها أن تجد أسارير سعاد وهي تنطق عن الراحة والسعادة ثم أخذت بيدها وهي تردد : مبروك يا عزيزتي وألف مبروك . ما أكثر ما أوحشتينا بغيابك يا أختاه . قالت هذا ثم حاولت أن تدعوها إلى داخل الدار فأجابت سعاد : لا يا غفران أن هناك من ينتظرني في الخارج ولكنني افتقدت زيارتك لي عصر هذا اليوم وخمنت أنك لم تعرفي بقدومي بعد ثم لقد كنت في شوق إليك بعد هذه الفترة من البعد ، قالت غفران ولكن ألم تعلني أنت أن موعد استقبالك للزائرات لم يحن بعد ! فرددت سعاد كلمات غفران في استغراب قائلة : موعد زيارتي لم يحن بعد ولكن لماذا ؟ كيف يمكن لي أن أقول هذا وأنا في انتظار أخواتي منذ الساعة الأولى ؟ قالت غفران لأن بيتك لم يعد للاستقبال كما ينبغي ويليق فضحكت سعاد ثم قالت ومتى أصبحت

المجموعة القصصية (( الكاملة )) الشهيدة بنت الهدى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن