.. الفصل الحادي عشر..

151 18 0
                                    

جولاريا هذه الأيام تعاني من ضغط شديد ، ضغط عملها من جهة  و أولادها و مسؤولية منزلها المتروكة على عاتقها من جهة أخرى،  ناهيك عن ما تراه في هذا المنزل من أحداث غريبة في الأيام الأخيرة الماضية ، لم تستطع أن تساعد دانبي بكل قواها كما في المرات السابقة ، ها هي ذا واقفة دون حراك منغمسة في تفكيرها ، لدرجة أنها نست كل ما حولها ، راحت تفكر في الاستقالة عن عملها ، لكن تذكرت من سيعيل أطفالها ؟

بينما هي تفكر ، بدأ صوت ضحكة دانبي في التناقص ، ليكون ذلك بمثابة منبه لها لتتوقف عن تفكيرها ، و ذلك لإدراكها لا إراديا بأن المكان أصبح أهدأ و بالتالي  كان كمن "أيقظها" .

راحت تقترب من دانبي و ناولتها كأس ماء دون أن تنطق بكلمة و غادرت الغرفة للطابق السفلي أين تجد راحتها و تعتبره أفضل ملجئ لها .

فراحت تكمل حوارها بينها وبين نفسها : " ما هذه الحياة التي كنت أوهم نفسي بأنها جيدة و أفضل من التي يعيشها الآخرون ؟ لمَ لمْ أدرك حتى الآن بأن حياتي و لقمة عيشي و أطفالي مرهونة برحمة آدمي،  لا فرق بيني و بينه سوى في المركز الاجتماعي و الثروة ، حتى جانبي العاطفي ظل جافا لم يرتوي طيلة حياتي ، بل حينما ظننتني رويته ، كانت مياها ملوثة ، جلبت لي زواجا كاذبا تكلل بأطفال يعيشون أسوء معيشة يمكن للمرء تخيلها و كذا دون صاحب الري الفاسد ' والدهم ' ، مالذي علي فعله لتتحسن هذه الحياة معي ؟
عقدان من العمل كخادمة في منزل ، و ها أنا ذا أتم عامي السابع و الثلاثين دون أي شيئ مميز قمت به ..
لا يهم الآن ، لقد فات الآوان لأترك عملي و أبدأ بجديد ، يجب علي الاجتهاد فيه لأحصل على معاش أكبر و مساعدة أطفالي ."

قالت ذلك ثم اتجهت لترى دانبي و إذا كانت بخير .

في جهة أخرى من المدينة و بمسافة ليست ببعيدة عن منزل عائلة 'كيم ' .
كانت تقطن أنجيليكا مع جدتها و والدتها و ذلك بعد وفاة جدها الذي ذُكِر في الفصول السابقة 'سوكجين ' .

عاشت أنجيليكا تقريبا طوال حياتها مع جديها ، فقد توفي والدها عندما كانت في الثالثة من عمرها ، و باعتبار أمها وحيدة والديها ، انتقلت للعيش مع ابنتها في منزل والديها ، و عاشتا حياة جميلة طوال السنوات الماضية .

قبل أيام قليلة تعد على أصابع اليد توفي 'سوكجين' ، لتنقلب حياة هذه العائلة رأسا على عقب و على رأسهم والدة أنجيليكا 'بيلا' ، خصوصا أنها كانت تعاني من مشاكل صحية من قبل ، لكن زادها وفاة والدها سوءا ، لكنها تلقت دعما عظيما من والدتها ، أي جدة أنجيليكا 'أليكسي ' ، كانت تلك المرأة قوية، فهي كنور  الشمس في فضائله على الكائنات الحية ، على من حولها ،  فهي أفضل مثال على دلالة اسمها "المرأة القوية المثابرة ".

هل تذكرت حينما كنت تتساءل عن سبب كون أنجيليكا تبدو مختلطة عرقيا في أحد الفصول السابقة ؟

ألم تدرك حتى الآن السبب ؟
أسماء روسية ، بعض من دلالاتها ، أسماء أخرى كورية .

أراهن على أنك قد أدركت الآن .

حسنا أنجيليكا من أصل روسي ، جدتها روسية و جدها كوري ، ورثت والدتها جينات جدتها و ورّثَتها بدورها لابنتها ، و كذلك اسمها فقد منحتها اسما روسيا كما فعلت الجدة أليكسي .

أما عن المعومات العامة عنهم ، فكما تم التطرق إليه في الفصول السابقة،  سوكجين كان جنديا ، أليكسي عرّافة ، أنجيليكا تدرس في كلية الصيدلة و أوشكت على التخرج ، بينما بيلا فلا تعمل و ذلك لمعاناتها مع مرضها و صعوبة الانخراط في أي من ميادين العمل .

فقد كانت تعاني من صعوبة التحكم في جسدها وكذا حركات أطرافها ، و ذلك منذ ولادتها  و لم تتمكن من إيجاد حل لهذا المشكل حتى الآن .

لنعد لمنزل العائلة كيم ، الآن هذه الأحداث تُحاك ليلا ، حيث  بدأ النعاس و التعب يتسلل لجسد يونغي ، فقرر أن يذهب للنوم في الغرفة التي يمتلك مفتاحها ، تلك الأخيرة كانت في الطابق السفلي ، بسرير مريح و جو هادئ ، دخلها و غط في نوم عميق .

حتى الآن لا تزال جولاريا مع دانبي في نفس الغرفة ، و الآن قد تحسنت حالة كل من هما و بدأتا  تتبادلان أطراف الحديث .

كانتا تتساءلان عن الأحداث المريبة التي تحصل في المنزل  خلال الفترة القصيرة الماضية .

فقالت دانبي : "أيعقل ؟ هل هو شبح ، لا بل هل هم أشباح ؟ يتحكمون بما أحس به ، ضحكي و مشاعري ؟ "

ردت جولاريا : " صحيح ، ذكّرتِني ، نسيت أن أقول لك لقد رأيت مفاتيح معلقة بالهواء قبل أن تصيبك هيستيريا الضحك تلك ".

" ماذا ؟ كيف ذلك ؟
لقد قلت لكِ أنهم أشباح " ، أجابتها دانبي .

ثم أضافت : " هل كنتِ بمفردك عندما رأيت ذلك؟  "

لترد الأخرى : "لا ، بل كنت مع أنجيليكا ".

فقالت دانبي بسخط :" عرفت ذلك ، تلك الساحرة ، لقد تطورت على جدتها العرافة و أصبحت تجلب لنا الأشباح .
ثم لماذا هربت بعد أن قامت بفعلتها الشنيعة هذه ؟ "

صمتت جولاريا و لم تنطق بأي كلمة ، فقد كانت بين نارين ، فهي من جهة تحب أنجيليكا و تعتبرها كأختها الصغرى و تريد الدفاع عنها ، و من جهة ثانية  هي تريد الحفاظ على صورتها لامعة أمام دانبي و كذا عملها و معاشها .

ثم أنصرفت قائلة : "لدي شيئ مهم للقيام به ، أنا ذاهبة ".

فأومأت لها الأخرى برأسها سامحة لها بالذهاب بعد أن أدركت ما قالته لها ، و هي تدرك تماما مكانة أنجيليكا لديها .
و بقيت تراقب ابنها من مكانها .

أما عن هيون فقد كان جالسا في مكتبه طيلة اليوم لم يغادره ، يتساءل عن سبب ما يحدث معه ، و عن ما إذا كان أفضل له لو رافق أنجيليكا لرؤية هذا الغريب الذي كان في منزله .

نهض هيون عن كرسيه و غادر مكتبه لعله يرتاح من هذا التفكير .

"لقد حرك يده اليمنى " قالت دانبي بصوت مرتفع،  كان ذلك تايهيونغ ، لقد بدأ يستفيق .

بدأ كذلك يحرك جفنيه .

.
.

||Cazabluetchai_ كازابلوتشاي||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن