لَمْ تَعُد تِلكَ الرِّئتانِ قادِرَتا على أَسْرِ أَنْفاسِهِ الَّتي احتَفَظَ بِها في جَوفِه، لِيَنْطِقَ أَخيرًا مُعلِنًا صَفَّارَةَ إِنتِهاءِ الْجَلْسَةِ، اعْتَدَلَتْ مُقيمَةٌ نَفسَها بانكِسارٍ و فَجَعٍ، كَانَتْ كَالفَنَنِ الذّاوي إذا لَمَسْتُهُ وَدَّع شَجَرَتُهُ هالِكًا، خَرَجَتْ تَجُرُّ نَفسَها بِثِقَلٍ، أَهوَ مِنْ سوءِ النِّظامِ الغذائِيِّ لَها؟ عَلى أيَّةِ حالٍ مَنْ يَلبَثُ ثَلاثَةَ أَيّامٍ بِلا طَعام؟ فَقط الكَثيرُ مِنَ الكافيين (القهوة)، أُشفِقُ على حالِها.
تَصِلُ مَنْزِلَها كَما أَخبَرَت (مي يونغ) البارِحَةَ، لِتَجِدَ والِداها ينتَظِران وُصولِها بِشِدَّة، نَظَراتِهِما لها توحي بِكَمِ الشّوقِ و الذُّعرِ على يَعفورَتِهِما، و لٰكن أَحْضَرَتْ مَعَها جبهَةٍ هَوائيَّةٍ مِنَ الصّقيعِ في عاقِبَةِ الخَريفِ، لَم تُبدِ إِهتمامًا لِمَن يَتوقُ لِرؤيَتِها، لِتَصْدِمَهم قائِلَةً: أَلَن تَعودا لليابان؟ هَل سَتَبقَيانِ هُنا حَتّى نَفنى؟
لَقَد شَعَرا بِغَصّةٍ شَوكيَّةٍ في حُنجَرَتيهِما وَ لٰكِن لَم يَنفَرا مِن أُسلوبِها الوَقح؛ لأَنّهما يَعلَمانِ مَدى أَلَمِها، والِدَتِها: (سانا) أَتَذكُري أَنتِ مَن رَغِبتي في حُضورنا؛ لأنك تُعانينَ من الإِكتِئابِ، لا نَستَطيعَ تَركُكِ.
بالواقِعِ هي أَخبَرَتهم أنّها مُكتَئِبةٌ عِنَدَما لَم يَكُن طَبيبُها (تشانيول) أي قَبْلُ ثَلاثَةِ أَشهُرٍ، لَم تَجِدْ نَتيجَةٍ تَدُّل على التَّحَسُّنِ، لِتَجِدَ (تشانيول) الَّذي يُعَدُّ أَمَلًا لَها، إذًا حَربُها مَع الإكتئاب مُنذُ فَترَةٍ طويلةٍ، و لٰكِنَّها كَذَّبَت بِشأنِ سَبب الإِكتِئاب، على الأغلب قالَت لَهُم أنّه بِسَببِ ضغوطاتِ تَخَرُّجِها، حَسَنًا هي خريجةٌ منذُ ثماني أشهُرٍ و الطُّلاب يُعانون في الجامعةِ لذلك كانتْ حُجَّةً مُقنِعَةً لِوالِدَيها، نَظَرَتْ مُجَدَدًا قائِلَةً: سَأَرَى أَقرَبُ وَقتٍ لِرَحَلاتٍ إِلى اليابان، وَالِدَها بِقَلَقٍ واضِحٍ: أَنا لَمْ أَعُد أَعرِفُ ما يَجوبُ في رَأْسِكِ، لَمْ تَعُدِ إِبنَتي و عُصفورَتي الصَّغيرة.
(سانا): اليوم السادِسةَ مَساءً، هذا يعني أربَعَةُ ساعاتٍ منَ الآن، وَضَعت قَدَمَها على الدَّرَجِ بِشيءٍ من عَدَمِ الثَّباتِ قاصِدَةً الغُرفَةَ التي تَأوي اَمتِعَةَ والِدَيها، بسُرعَةٍ لَملَمَتْ كُلَّ الأَمتِعةَ، جولةِ رؤيَةٍ في الغرفَةِ للتَّأَكُدِ من عَدَمِ نِسيانِها شيئًا، لِتُغَّلِقَ الحَقائِبَ تَنزِلُ بِهِم إلى الأَسفل، و اسْتَثمَروا الوَقتَ المُتَبَقي في الجُلوسِ مَع بَعضِهِم فَترَةٍ قَصيرَةٍ.
(سانا): إِنَّها الرّابِعة، لِنَنْطَلِقْ لا نَدري كَيفَ حالِ الطُّرُق، رَكِبوا سَيارَةَ (سانا) مُعلِنين الرَّحيل، طَوالَ الطَّريقِ لم ينبَسوا بِبِنتِ شَفَةٍ كانَ الصّمتُ يُخيِّمُ على المَكانِ.
وُصولًا للمَطارِ تُوَّدِعُ (سانا) والِديها كما لو أَنَّها لَم تَطلُبَ مِنهُمُ الرَّحيل، كانَتْ تَبكِ كَثيرًا وَ عانَقَت والِدَها حَتّى صَدَح نِداء لِلمُسافرين المُتَوَجِهين إلى مدينة (طوكيو) مُباشَرَةّ التَّوَجُه للبُوابةِ الثانيةِ، هَمَسَتْ في أُذُنِ والِدَها: لَقَدْ قُصَّت أجنِحَةَ عُصفورَتِك.
لِيُفَكُ العِناق و يَسحَبا حقائَبَهُما، محاولانِ حَبسِ دُموعِهِما دونَ الإِلتِفاتِ لِصَغيرَتِهِما الباكِيَةُ، خَرَجَتْ مِنَ المَطار إلى مَنزِلِها، فَورَ وُصولِها تَركُض إلى غُرفَتِها مُستَنزِفَةً وَقتَها في البُكاءِ، إلى أَنْ جَمَعَت شُتاتِ نَفسَها و استَقامَت لِتَرسُم شُتاتَها، و لٰكن لا نَتيجَةٍ زادَ الأَمرُ سوءًا، فمَزَّقَتْ اللَّوحَةَ وَ رَمَت نَفسَها على السّرير إِعلانًا لإِنتِهاءِ يومِها مَختومًا بالنّومِ.
أنت تقرأ
Philophobia || فيلوفوبيا
Lãng mạnكَأي فَتاةٍ لَطالَما حَلِمتُ بِقِصَّةِ حُبٍ تَملَؤها الرومانسيه وَ الإِهتِمامِ، كَقِصَصِ الأَميراتِ حَلِمتُ بِأَميري يَأخُذُني لِأَماكِنٍ خَياليَّةٍ عَلى حِصانِهِ الأَبيضِ، أَتَشَبَثُ بِحُبِّهِ خَوفًا مِنَ السقوطِ وَ الخِذلانِ.