الرابع(رماد الماضي)

658 41 27
                                    

الفصل الرابع من رواية تائه في عيون عوراء.
قبل مرور ثلاثة أيام....
كانت آية قد وصلت إلى منزلها، جلست في غرفتها بعدما نظرت إلى تلك الورقة التي تركها عابد قبل أن يرحل.
وضعتها في حقيبتها من جديد، ثم أمسكت هاتفها تتفحصه، لتعلم أن الجهاز المخترق مازال مغلق.
ضمت قدميها وهي تشعر بالخوف إثر كلمات عابد.
ترى أي نوع من الانتقام سيطولها؟
ظلت على فراشها، وهي تتفحص كل الرسائل التي كانت قد حفظتها من الهاتف المخترق الخاص بعمر.
علمت حينها أن ثمة تخطيطات كانت لم تنتهِ بعد.
ظلت تفكر، فأمسكت هاتفها ثانيًا، وقامت بالإتصال بالرقم الخاص بعابد.
كان حينها يقف في نافذة خالد، قاطع شروده رنين هاتفه، كان سيتجاهل الرد خاصة أن الرقم غير معلوم. ولكن المتصل قد لح عليه في الإتصال، فأجاب بملل.
أتى إليه صوتها الذي ميزه منذ أول كلمة قالتها، ابتسم حينها، وتظاهر أنه لم يعرف المتصل.
أجابته بخبث أنها تلك الصحفية التي استطاعت جمع معلومات لم يستطع هو جمعها.
استشاط من كلماتها، وكانت هي تكتم ضحكاتها، ثم وأخيرًا ابتسم.
قالت أن هناك أمر مهم غير قابل للتأجيل، فقررا أنهم سيتقابلون اليوم في مكانٍ عام.
أغلق الهاتف، ثم ابتسم وهو يسجل اسمها .
استعد للخروج، وقبل ذلك دخل إلى خالد وجده يجلس بتيه كعادته.
اقترب منه، وضع يده على كتفيه وهو يقول:
- إنساها يا صاحبي.
نظر إليه خالد عاقدًا حاجبيه وهو يقول:
- لو عارف ماكنش ده بقى حالي.
جلس بجانبه عابد وهو يردف:
- ماتنكرش إنك ظلمتها يا خالد.
أومأ إليه بالايجاب وهو يقول:
- ماحدش عارف أيه هو اللي جوايا.
استشاط عابد من كلماته وتحدث بغضب:
- وأيه هو اللي جواك يخليك تسيب واحدة بتحبها من غير مبرر؟ كل الكلام اللي انت قولته لي ده مايدخلش دماغ عيل صغير.
يعني أيه لمّا بشوفها بتخنق! أمرك غريب يا خالد.
الإنسان بيتمنى يلاقي الشخص اللي حبه بينهم شعور متبادل، وأنت غبي ضيعت ده من أيدك.
ظلت أنفاس خالد تتردد في المكان عندما استمع إلى حديث صديقة، فقام والغضب قد تملكه :
- وطبعًا بتقول لي كده عشان نهى بتح....
لم يكمل ماكان سيقوله، توترت نظرات عابد من وقع الكلمات على مسمعه، رجع عدة خطوات وهو يقول:
- وأيه دخل نهى في كلامي؟
ظهرت علامات التبلد في وجه خالد وهو يستطرد:
- أنت فاهم وأنا فاهم يا عابد.
ازدرد ريقه وانكمشت ملامحه وحينها قال:
- تمام يا خالد.
قال جملته، واتجه خارج المنزل، يشعر بالضيق مما سمعه من خالد الذي كان بمثابة أخٍ له منذ الصغر، هو حقيقة كان يشعر بالغضب تجاهه لما فعله في عروسه.
ذهب إلى المكان المتفق عليه، وجدها تنتظره وهي ممسكة بهاتفها.
جلس أمامها بهدوء، فرفعت نظرها تجاهه وحينها قالت:
- فكرت إنك مش جاي من كتر ما اتأخرت.
تجاهل كلماتها وهو يقول بعملية شديدة:
- أيه هي المعلومات اللي معاكِ؟
شعرت بالحراج من تجاهله فاستطردت:
- عمر بيجهز للتنقيب عن الآثار في منطقة في عين شمس.
عقد حاجبيه وهو يقول:
- عرفتي منين؟
رجعت برأسها للوراء وهي تردف:
- ديه مصادري، أكيد مش هقولك عليها.
أتسعت عيناه وهو يقول:
- بما إنك قولتي كده يبقى في معلومات تانية أنتِ عارفاها ومش قايلاه.
نظرت إليه بشراسة وهي تقول:
- وحضرتك عايز تاخد مني معلوماتي على الجاهز؟
صدم يده بغضب على الطاولة، واستعد للوقوف، وخطى عدة خطوات للخلف.
زاد غضبها مما فعله فوقفت تتبعه وهي تتحدث بصوتٍ عالٍ، أنها تعلم موعد التنقيب، وهو من يحتاجها، وليس العكس، حتى وقف في منتصف الطريق عاقد ذراعه وهو يقول:
- ومستنية أيه؟ لما تخليه يهرب بالآثار ديه كمان!
وقفت أمامه وهي تستطرد:
- يعني هو أنا جبتك هنا ليه؟ ما هو عشان أقولك.
حاول أن يسيطر على غضبه وأكمل بهدوء:
- اتفضلي قولي.
بدأت تسرد على مسمعه ما سيحدث، وبأي توقيت، وطلبت منه أنها سوف تصور القوات عندما يقومون بالإمساك بعمر.
انهت ما قالته بحماس شديد، جعله ينسى غضبه، وما يفكر به، وهم يخططان معًا ما سوف يقمان به.
قام بتوصيلها أمام المنزل، وكان الليل قد أرخى جفونة، فخلدت إلى النوم، وقد دق على بابها شعور جديد، مازالت لم تحدد ماهيته بعد.
& بقلمي شيماء عثمان
..........................

تائه في عيون عوراء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن