الحادي عشر (المجهول)

499 40 25
                                    

الفصل الحادي عشر من رواية تائه في عيون عوراء.
" لا تبتعدي عني، فنبضاتي ستقتلني. إما أن تتخلي وأموت من الفراق. أو تقتربي وأموت في حبك..
في الحالتين خراب، لكني أفضل خرابك...هشمي قلبي برقتك المعتادة!
ربما خيالي الواسع من كوني كاتب يطمع في نهاية سعيدة. "
أنهى كتابة تلك الكلمات في دفتره حينما ذهب إلى منزله، بعد أن رحلت ليلى عن المشفى.
تلفتت عنقه في أنحاء المنزل، هل كل ذكرياته هنا كانت كذبة قد صدقها هو!
عاش على ذكرى والده من الأعوام ثلاثين! لمن يعش المتبقي من العمر، وهو قد أهدر كل تلك السنوات!
عاش على حطام أم خائنة! والأب الحقيقي أراد له السوء.
لم يجد شيء حقيقي سوى الكتابة، كانت ونعمَ الصديق.
تذكر ليلى، وأخذ يمسك الوشاح الخاص بها الذي سقط منها هنا، وكذلك العين الصناعية التي رمتها أمامه.
تنهد بعمق، حتى أغمض عينيه، وقرر أن يزور الصديق الثاني له....قرر النوم.

.....................

كانت شهقاتي عنيفة، وأنا بمفردي وسط المياة ولا أجيد السباحة، أي ذنب قد أقحمت به روحي، ولا يوجد بي مكان آخر للذنوب.
حاولت أن أطفوا على سطح المياة، وأنا أصرخ، واطلب الاستغاثة من ربي.
حتى رأيت جسد يصعد إلى سطح المياة، فزعت من الصوت، لكني وجدته يتوجه لي ويساعدني.
أرخيت جسدي وأنا أرتعش، حمدت ربي كثيرًا على استجابته لي.
وضعني على الأرض في مكان هادئ، وجدته يضع على عينيه اليمنى جلدة سوداء سميكة، نظرت إليه نظرات أمتنان، فأومأ لي بلطف وهو يقول:
- كانت محاولة انتحار فاشلة.
انكمشت تعابير وجهي، فأكمل:
- كنت موجود لما رميتي نفسك، وعلى ما وصلت للمكان اللي رميتي نفسك منه مالقتكيش.
ثم أكمل وهو يبتسم:
- لكن ماترددتش إني أنط.
أجبته بهدوء:
- شكرًا لحضرتك، بصراحة مش عارفة أشكرك أزاي.
ابتسم بلطف ومد يده لكي يصافحني قائلًا:
- زياد.
بادلته التصافح، وقلت بهدوء:
- ليلى.
نظر إلى عيني وقال بقلق:
- ماكنش ينفع تعرضي عينك كده من غير ماتحطي عليها حاجة تحميها.
تذكرت عيني التي قد دخلت بها المياة، ونظرت إلى عينيه هو الآخر، فأردف بهدوء:
- أيوه أنا كمان شيلت عيني.
استطردت بحزن:
- أنا بلبس عين صناعية، لكن ضاعت وماكونتش فاضية أعمل واحدة غيرها.
أومأ إلي بتفهم قائلًا:
- أتمنى نتقابل تاني يا ليلى.
ابتسمت بلطف مجاملة إياه، فأضاف:
- أنا عندي مستشفى في أمريكا، وكنت جاي هنا عشان أخد طلاب في طب ياخدوا منحة تدريب في المستشفى بتاعتي.
رفعت عيني إليه منتبهة فأكمل:
- كنت هروح الكلية دلوقتي، بس واضح كده إني هتأخر عشان هدومي أتبلت.
قلت له باهتمام:
- طيب وهل في شروط تكون في الطالب ده.
أجابني بعملية:
- أكيد يكون جايب مجموع عالي في السنين اللي درسها، أو يكون واخد ترتيب على دفعته.
ابتسمت بلطف قائلة:
- اخويا في كلية الطب، وهو دلوقتي هيروح سنة خامسة، وطول الأربع سنين كان بيطلع ترتيب على الدفعة.
ابتسم بهدوء قائلًا:
- خلاص يبقى تديني رقمك، وهكلمك عشان أتفق معاكِ.
أعطيته رقم هاتفي بامتنان شديد، وكذلك أعطاني رقمه الخاص، ورحلت بخطوات مثقلة بعد أن رفضت أن يقوم بايصالي.
& بقلمي شيماء عثمان
....................

تائه في عيون عوراء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن