السابع عشر

440 40 17
                                    

الفصل السابع عشر من رواية تائه في عيون عوراء.
النمط السودوي قد لاق عليّ..أو أنا من لقت عليه. وبجدارة أصبحت المغلفة بالضباب! أنا المجهولة التي تظهر من اللاشيء! أنا البرق الذي يأتي بلا ضوء، بلا رعشة، بلا حياة!
تفاقم بداخلي الحزن، وأنا أقف على قدم من رماد، انتظر يحيى ليطمئنني أنه بخير.
أردت كتيرًا أن أراه، سمح لي الطبيب بالولوج إليه بشرط ألا أزعجه.
استعدت ثباتي، وولجت إلى الغرفة.
كان متمدد على الفراش، واللون الأصفر يستحوذ على وجهه، كأن الحزن لاق عليه!
جلست أمامه، أغمضت عيني، وكأني أشاركه فيما أنتشله مني. سلبت أنفاسي بالكاد من داخلي، شعرت بالدفء في حضرته.
رددت اسمه بخفوت، لم يجبني، كنت أعتقد أن ولوجي هنا سيؤثر به، وسيستفيق، مثلما قرأت في العديد من الروايات. لكنها خدعة بائسة لم تُجدِ نفعًا.
وقفت بوهن، واتجهت أقدامي نحو الباب. حتى استوقفني صوته الذي سلبني من عتمتي، وهو يردد بخفوت:
- ليلى!
& بقلمي شيماء عثمان
...................

رفع عابد يده، وعلامات التوتر بدت عليه حينما رأى السلاح متوجهًا لرأسه. وقفت خلف الباب ولم أصدر أي صوت. كانت خطوات الرجل حذرة، وحين أقترب ولوجه للغرفة، صدمت يد،ه وعلى حين غرة منه سقط السلاح الذي أسرع عابد بالامساك به، وصدم به رأس الرجل عدة مرات حتى انبطح أرضًا.
تنفست بارتياح وحينها قلت:
- شوفت الحركة اللي أنا عملتها.
أمسكني من خصلات شعري، وقد زادت تعابير وجهه المتألمة قائلًا:
- اسكتي بقى عشان نعرف نخرج.
هززت رأسي بالايجاب، فترك شعري، وصار بخطوات هادئة، وقمت بالسير مثله حتى وصلنا إلى الطريق.
وقف بضيق وهو يقول:
- أنا لازم أقابل القوات دلوقتي.
هززت رأسي رافضة ما نبس به وحينها قلت:
- لا طبعًا، إحنا هنروح مستشفى، مستحيل تروح في حتة تانية وأنت تعبان كده.
أهمل ما قلته وشددت على حديثي معه، نظر إليّ بحيرة وهو يقول:
- لازم أعرف العملية هتتنفذ أمتى، حتى لو مش هكون موجود لحظة القبض عليهم.
ثم أكمل بتوتر:
- أنا قرأت المعلومات اللي أنتِ جمعتيها.
أتسعت حدقة عيني بغضب وأنا أردد:
- آه يا حرامي معلومات!
شاح بصره بغضب، فأكملت:
- طب أيه رأيك بقى إني عارفة العملية هتتنفذ أمتى، ومش هقولك.
رفع إحدى حاجبيه وهو يقول بخبث:
- لو ماقولتليش مش هروح المستشفى.
استوقفتني كلماته، وهززت رأسي وأنا أقول:
- العملية هتتم بكرة.
ثم أكملت بحماس:
- سجلتلهم حتة تسجيل إنما أيه.
استوقفني وهو يقول:
- يعني أنتِ معاكِ التسجيل اللي بيتفقوا فيه، و مش راضية تتكلمي.
هززت رأسي إيجابًا، وحينها قلت بخبث:
- صحيح، هي مين بقى اللي أنت قولت إنك مش بتحبها؟
توترت نظراته وهو يقول:
- أنا ماقولتش حاجة.
كنت سأجيبه لكنه نظر خلفي وهو يقول:
- في فار وراكي يا آية.
قفزت من مستقري، فاستمعت إلى ضحكاته، وعلمت أنه يحتايل عليّ كي لا يجيبني.

......................

كأن روحي ردت إليّ وهو يردد اسمي بخفوت، استدرت بجسدي متجهة إليه، كانت عيناه ترتعش، وكنت أنا بكامل جسدي أرتعش!
خرجت منه الكلمات مرة أخرى ببطئ:
- الحمد لله إنك بخير.
حركت رأسي بهدوء، ولم أعلم ما هو الذي من المفترض أن أقوله.
أكمل حديثه وهو يحرك عيناه في أركان الغرفة:
- فين زياد؟
عقدت حاجبي، وقلت بهدوء:
- زياد برا، البنت اللي كانت مخطوفة معانا دخلت غيبوبة، وهو واقف قدام أوضتها.
باغتني بسؤال:
- طيب هو كويس؟
أومأت إليه بالايجاب، فظهرت علامات الارتياح على وجهه، ثم وجه رأسه إليّ ثانيًا وهو يقول:
- كنت هموت لو جرا لك حاجة.
توترت مما قاله، ظل الصمت يصاحبني، وظلت نظراته تداهمني خلسة، ثم أخبرني بأنه يريد رؤية زياد.
أؤمأت إليه متجهة إلى الخارج، وجدت زياد مازال يجلس القرفصاء أمام غرفة تلك الفتاة، كانت عيناه على وشك الذهاب في النوم، لكن ترديدي لاسمه جعله يستفيق، وحينها أخبرته بأن يحيى قد استيقظ، ويريد الحديث معه، نظر إليّ بلهفة، ولم يتردد قط، واتجه إلى الغرفة.
جلست على المقعد المقابل للغرفة، ونظرات خالد تتفحصني بحزن.
& بقلمي شيماء عثمان
.................

تائه في عيون عوراء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن