٤- صفعةً قوية

21.9K 569 24
                                    

ما الذي حدث؟! كنت أظن أنني وأخيراً قد تغلبت على قدري وصنعت من الرضا بيوتاً ليرتاح قلبي بها، هل هذه هي النهاية؟! في اللحظة التي اعتقدت فيها أنني فهمت الحياة، كانت تستعد لتصفعني كفاً قوياً ليهدم جدران قلبي..
- ميار خالد -

***

الضابط : أنتِ مطلوب القبض عليكي، هاتوها
ورد : بس أنا معملتش حاجه!!
الضابط : في القسم هتعرفي
بسملة بدموع صرخت : ورد !! 
ورد : روحي عند عم محروس بسرعه يا بليه و اوعي تخرجي، متخافيش عليا أنا شوية و رجعالك
نزلت ورد معهم و وضعوها في سيارة الشرطة تحت أنظار جميع من في المنطقة و بدأت همساتهم حول القبض على ورد! انطلقت سيارة الشرطة و بعد لحظات وصلت إلى القسم و ترجلوا منها ليدخلوا إليه و ما أن دخلت ورد حتى وقع بصرها على مجدي، ففهمت كل شئ، وقفت ورد أمام الضابط الجالس على كرسي مكتبه و يطالعها بشك
الضابط : أنتِ اللي عملتي في الراجل ده كده؟
مجدي : أيوة يا بيه هي دي اللي كسرتلي المحل بتاعي و فتحت دماغي زي ما أنت شايف
الضابط : أنا بسألها هي
ورد حاولت أن تتكلم و لكن دموعها سبقتها لتمسحها سريعاً و تتكلم ببعض الثبات
ورد : أنا اللي ضربت مجدي و فتحت دماغه، لكن مكسرتش محلات حد، و أنا لما ضربته كنت بدافع عن شرفي
الضابط : وضحي أكتر
ورد : أنا شغالة في محل ملابس بسيط سيادتك، و مجدي صاحب المحل اللي جمبي و كل شوية يغلس عليا و يعاكسني و أنا كنت بتجاهله، لكن المرة دي زاد عن حده و حاول يتحرش بيا، و أنا ملقتش طريقة أدافع بيها عن نفسي غير إني اضربه و هربت، و باين على وشي أني مضروبه هو السبب !
الضابط نظر إلى مجدي بحده ليكمل : بس الكلام اللي عندنا غير كده، أنت بتكدب عليا ولا إيه !
مجدي : لا يا بيه دي كدابه دي بتقول كده عشان تخرج نفسها أنا عندي دليل !
ورد نظرت له بحده وصرخت : حرام عليك ما تسيبني في حالي بقي أنا هلاقيها منك ولا من الكلب رجب
الضابط : دليل إيه ؟
مجدي اتجه إلى الباب سريعاً و أشار بيده لشخصًا ما و بعد لحظات دخل هذا الشخص إلى المكتب لتنظر له ورد بصدمة !
الكاتبة ميار خالد
_________________________________
استيقظ كريم من نومه و أخذ دش كعادته ثم أرتدى ملابسه و وقف أمام مرآته يعدل هيئته، و بعد أن انتهي ظل ينظر إلى انعكاسه في المرآة و تمعن النظر في ملامحه المرهقة و التي يكسوها الحزن ، أنه حقًا لا يتذكر أخر مرة ضحكت فيها عيونه الزرقاء ذو اللون الهادئ و الغريب، و بشرته القمحاوية التي خطى العمر ثناياها و ملامحة الرجولية المميزة ، أبتسم كريم بحزن ثم نزل من غرفته ليجد والده و عمر على طاولة الفطور
كريم بدهشة : غريبة! أول مرة أشوفك صاحي بدري، ولا أنت منمتش أساساً ؟
عمر : بصراحة منمتش
كريم : إحنا مش اتكلمنا في الموضوع ده! أنت عايز تخذلني المرة دي كمان 
عمر : لا ولله مش كده، الحكاية أني سهرت مع صحابي زي كل مرة و نسيت أني عندي جامعة الصبح
كريم : و هتعمل إيه دلوقتي ؟
عمر : هشرب كباية قهوة حلوة كده و أروح جامعتي، مش عايزك تقلق عليا
كريم ربت علي كتفه برفق : و أنا لو مش هقلق عليك هقلق على مين، أنت أخويا الصغير يا عمر
عمر نظر له بحزن : و أنت طلعت أحسن من أبويا و أمي يا كريم، شكراً
أبتسم كريم برفق ثم تركه و أتجه إلى والده ليطمئن عليه و بعد لحظات نزلت مروة بتألقها المعتاد، تجاهل عمر وجودها و نظر إلى هاتفه و كأن قد جاءته مكالمه فهرب من أمامها، فهو يكره أخته كثيراً بسبب غرورها و انانيتها، و لولا كريم لكان يقيم في الشوارع حالياً، فقد تخلى عنه أهله بسبب فشله الدراسي و كريم الوحيد الذي وقف بجانبه و فتح له بيته و أعتبره أخ له، فهو مدين له بالكثير
مروة : صباح الخير يا جماعة
كريم : أنا رايح الشركة يا بابا، دادة فتحيه خلي بالك من بابا
فتحية : في عيني يا بني متقلقيش
مروة : استنى !
كريم : خير؟
مروة : فرح صاحبتي بكره و هي عزماني أنا و أنت و هتزعل جداً لو مكنتش موجود
كريم : ليه هي صاحبتي ولا صاحبتك ؟!
مروة : هتحضر معايا الفرح أنا مش باخد رأيك، ده أمر !
كريم : و أنا مش هحضر أفراح، تمام
ثم تحرك من أمامها لتصرخ به : أنا لسه مخلصتش كلامي !!
خرج من البيت و تركها تستشيط غضباً ثم استقل سيارته و أخذ نفساً عميقاً ليزفره بضيق و أنارت في عقله الفكرة التي قالها له عماد صديقه
عند ورد ..
دخل هذا الشخص و نظرت له ورد بصدمة كبيرة و كانت هذه الشخصية هي مني زميلتها!!
مجدي : دي مني زميلة ورد في الشغل و لو مش مصدقني تقدر تبعت عسكري يعرف بنفسه
الضابط : مش مستنيك تقولي أعمل إيه 
مجدي : آسف يا باشا
الضابط : قولي اللي عندك
مني : أنا شغاله مع ورد في المحل، و هي كل شوية تحكيلي عن مجدي و أنها هتموت عليه بس هو مش مديها وش مهما تعمل مش بتلفت نظره
ورد صرخت : أنا !! أنتِ كدابة
ضابط : اسكتي أنتِ مش في حضانه إحنا! كملي
مني : بس يا بيه، لحد ما في يوم قالتلي أنها عندها خطة عشان توقعوا، و أنها هتروحله المحل عشان تغريه و لما هو رفض ضربته زي ما أنت شايف و عملت أنه حاول يتحرش بيها
ورد هجمت عليها و قالت : أنتِ كدابة!! والله ما هسيبك!
الضابط : يا عسكرري !!
دخل أحد العساكر و أمسك ورد سريعاً ليبعدها عن مني و نظرت ورد أمامها بخوف و ضياع حاولت إيجاد أي طريقة لتخرج بها من هذه المصيبة و في لحظة تذكرته! صمتت للحظات ثم قالت للضابط
ورد : أنا ممكن أعمل مكالمه! مجدي جاب دليل زي ما بيقول من حقي أنا كمان أطلب المساعدة !
ضابط : دقيقة واحدة بس
ورد : تمام
أمسكت هاتفها بقلق ثم أخرجت الكارت الخاص به من محفظتها لتتصل به سريعاً..
كان كريم في سيارته متجها إلى عمله حتى صدع هاتفه برقم غريب أمسك هاتفه بتساؤل ثم فتح الخط
كريم : الو ؟
ورد بتوتر : اا كريم بيه معايا ؟
كريم : أيوة مين ؟
ورد : أنا ورد اللي قابلتها امبارح و..
كريم انتبه أكثر : أيوة فاكرك
ورد : أنا أسفه إني بتصل بيك، بس أنا محتاجه مساعدتك ضروري، أنا في القسم و الناس اللي أذوني امبارح عايزين يوقعوني في مصيبة تاني
كريم : إنتِ في قسم إيه و أنا جايلك ؟
ورد تنهدت براحة و قالت له إسم القسم سريعاً و ما أن انتهت مكالمته معاها حتى غير اتجاهه و ذهب إلي قسم الشرطة
الكاتبة ميار خالد
_________________________________
وصلت ريم إلى جامعتها ثم اتجهت الي مكتب المدرسين و جلست علي مكتبها .. اتجه إليها زميلها ايمن
ايمن : صباح الخير
ريم : صباح النور
ايمن : تحبي تطلبي فطار معانا ؟
ريم فكرت سريعا لترد : لا شكرا معايا اكلي
ايمن ضحك باستهزاء : ليه انتي جايه مدرسة ولا ايه
ريم نظرت له ببرود : اه جايه مدرسه .. ممكن تسيبني اشوف شغلي
ايمن : في ايه انا بهزر معاكي بس !
ريم بابتسامة صفراء : عارفه .. عموما شكرا مش عايزة اطلب حاجة
ابتعد ايمن عنها لتتنهد بضيق ثم لملمت اغراضها و اتجهت نحو أحدى المدرجات .. كان المدرج فارغ تماما فجلست علي مكتبها و انتظرت مجيء الطلاب و هنا انتبهت إلي وجود شخصا واحد في المكان غيرها و لكنه نائم و يضع رأسه بين يديه فنهضت من مكانها و اتجهت له
ريم : يا استاذ !
تململ عمر في مكانه و لكنه لم يستيقظ بعد فضربته ريم بخفه علي كتفه لينزعج قليلا و قبل أن تسحب يدها قد امسك بها و ظل هكذا للحظات .. نظرت له ريم بصدمة و لم تعرف كيف تتصرف حاولت سحب يدها بهدوء و لكنها لم تستطيع فصرخت به
ريم : ما تقووم في ايه هو انت في بيتكم !!
انتفض عمر في مكانه و صرخ : في ايه !
و نظر إلي ريم لترد عليه : في انك نايم في المدرج
عمر : يا شيخة في حد يصحي حد كده .. وسعي خليني امشي
ريم : انت ازاي تكلمني كده !
عمر : بقولك ايه مش عايز صداع ! امشي من قدامي دلوقتي
ريم : انت قليل الادب علي فكرة
عمر اقترب منها أكثر : تحبي اوريكي قلة الادب علي أصولها !
رفعت ريم يدها لتصفعه علي وجهه سريعا دون أن تفكر و في هذه اللحظة دلف الكثير من الطلاب الي المدرج ليروا هذا المشهد !!
ريم : انت بني ادم مش محترم ! اتفضل اطلع بره و مش عايزة اشوف وشك لآخر السنه !
عمر اقترب منها مرة اخري ليهمس بجانب أذنها : انا لو مش محترم صحيح كنت فضحتك قدام طلابك و قولت انك تربية حواري و جايه من منطقة شعبية ! لكن كفايه عليا بس اني اعرفك اني فاهم كل حاجة و سايبك بمزاجي .. و بالنسبة للقلم ده ف انا هردهولك قلمين و هدفعك تمنه غالي اوي !
نظرت له ريم بتحدي و قالت : برا !
بادلها عمر نفس النظرات ليخرج من المكان بعصبية كبيرة و تنهدت هي بضيق
_________________________________
الكاتبة ميار خالد
وصل كريم إلى قسم الشرطة و دلف إليه سريعاً و اتجه إلى مكتب الضابط و دخل إليه دون أن يطرق الباب، نظر له جميع الموجودين و منهم ورد التي تنهدت براحة شديدة لوجود أحد ما يساعدها
الضابط : كريم بيه! اتفضل
كريم أتجه إلى الضابط و صافحه ليكمل الضابط : خير، في حاجة أقدر أساعدك بيها
كريم جلس أمامه و خلع نظارته الشمسية و قال : أنا جاي علشان ورد، أنا عايزك تستجوبني زي أي حد و أنا هقول اللي أعرفه
الضابط نظر له بتعجب نوعا ما : ورد ؟
ورد : حضرتك طلبت دليل يا بيه مش كده، كريم بيه شاهد على كل حاجه و هو ساعدني امبارح و أنا بهرب من مجدي لما حاول يتحرش بيا !
الضابط : الكلام اللي ده مظبوط يا كريم بيه ؟
كريم : أيوة، امبارح بالصدفة و أنا ماشي في طريقي ورد ظهرت قدامي و كانت حالتها صعبة جداً
ثم شاور إلي مجدي بيديه : و شوفت الراجل ده كان بيلاحقها و دماغه مفتوحه، ففهمت أن الموضوع كله عن دفاع عن النفس ورد كانت بتدافع عن نفسها مش اكتر، أنا معرفش ايه التفاصيل ولا سبب تواجدها هنا، بس أنا قولت اللي شوفته بعيني
مجدي بتوتر : كدب كل ده كدب، ده حد من طرفها أكيد جايباه عشان يتبلي عليا !
الضابط هب واقفا : أنت اتجننت ! أنت مش عارف أنت بتكلم مين
كريم : معلش يا فندم، تجاهله
الضابط : حالياً كل حاجة قدامي بتثبت حاجه واحدة بس، و هي براءة ورد و أنك أنت اللي كداب، و الحكومة مش لعبة عشان تيجي تقدم بلاغ كاذب عشان كده هتشرفنا حبة حلوين، و بالنسبة للبنت اللي أنت جايبها عشان تشهد ضد ورد، هتفضل معانا هي كمان بسبب أنها شهدت زور !
منى شهقت بخوف : لا أنا مليش دعوة! هو اللي دفعلي فلوس عشان اقول كده انا مليش دعوة
نظرت لها ورد بكره و توعد ليقول الضابط لكريم : كان كفايه تليفون منك و أنا أحل كل حاجه،  عموماً شرفتنا بمجيتك دي، تقدري تخرجي يا ورد
ورد ابتسمت ابتسامة عريضة و حمدت ربها كثيراً لينهض كريم من مكانه و يشكر الضابط بابتسامة صغيرة و خرج مع ورد من المكان
ورد : انا متشكرة جداً، مش عارفه أقولك إيه بس لولا وجودك كان زماني اتدبست في القضية دي و حياتي ادمرت
كريم : أنا اللي بشكرك إنك لما احتاجتي لمساعدة كلمتيني
ورد : تسلم يا بيه، عن أذنك
كريم : إنتِ رايحه فين ؟
ورد : مروحه زمان أختي الصغيرة قلقانه جداً عليا
كريم : طيب تحبي اوصلك
ورد : لا أنا مش متعوده على كده !
كريم بعدم فهم : نعم ؟
ورد : يعني أنا مش متعوده على المعاملة الطيبة دي من الناس، أنت عايز مني حاجه صح
كريم : و حتى لو عايز، هتعملي اللي أنا عايزه ؟
ورد تغيرت نظراتها في ثواني لتقول : طيب هرجع أقولها لك تاني مش علشان ساعدتني مرة ولا اتنين يبقي تنسي نفسك و انت بتكلمني، و لا تفتكر أنك كده اشتريتني، أنت قدمتلي مساعده و أنا مدينه ليك بكده بس و ياريت تلزم حدودك معايا !
كريم : إنتِ مجنونه!! أنا لسه مخلصك من مصبية !
ورد : أنا بعرفك بس عشان لو فكرت في حاجه كده ولا كده ! معلش أنا عذراك شكلك إبن ناس اوي أكيد متعود علي المناظر المايعه
كريم : مايعه ؟!
ورد : أيوة مايعه مستغرب ليه
كريم ابتسم : و ليه بتقولي كده
ورد : يعني، بيبان علي البني آدم
كريم رفع أحد حاجبيه : لا والله !
ورد : عن أذنك بقي مش عايزة أخلي بليه قلقانه أكتر من كده
كريم لم ينتبه لاسم بليه التي قالته أمامه و شرد للحظات فلم ينتبه أنها ذهبت من امامه و فجأة قال : هي دي اللي بدور عليها ! دي الوحيدة اللي قادرة تكسر غرور مروة و تقف في طريقها، دي الوحيدة اللي هتقدر تنجح خطتي !
قال تلك الجملة ثم تحرك من مكانه بشرود فلم ينتبه للسيارة القادمة نحوه نظرت ورد خلفها فهي لم تبتعد كثيرا عنه لتشاهد هذا المشهد لتتسع عيناها بصدمه ثم صرخت به
ورد : كريم بيه !!

يا ترا ورد هتلحق كريم ولا لا ؟

وردتي الشائكةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن