٥- خبث أم ندم؟!

23K 547 12
                                    

ورد : كريم بيه !!
قالت تلك الجملة و ركضت نحوه سريعاً لتبعده عن الطريق في أخر لحظة، فاق كريم من شروده و نظر حوله بصدمه 
كريم : حصل إيه؟!
ورد : خد بالك و أنت ماشي، لولا أني شوفتك و العربية بتقرب منك كان هيجرالك حاجه
كريم : أنا سرحت شوية بس
ورد : أبقى خد بالك يا بيه ده طريق
كريم : شكراً جداً يا ورد
ابتسمت ورد : لا مفيش شكر، كده إحنا خالصين، أنت ساعدتني و أنا أنقذت حياتك، كده اتساوينا عشان لو مشوفناش بعض تاني محسش أن ليا عند حد دين
كريم : بس دي مش أخر مرة هنتقابل فيها
ورد نظرت له بتساؤل ليكمل : أقصد إنك لو احتاجتي مساعدتي تاني كلميني، من غير ما تفكري
نظرت له ورد للحظات ثم تنهدت بحرارة و قالت : كريم بيه، أنا طول عمري شايلة مسؤولية كل حاجه و مش بثق في حد بسهولة، عمري ما اتسندت على حد في عز إني يتيمة مطلبتش مساعدة حد ولا مرة، و أنا لما طلبت مساعدتك مش عشاني، عشان لو جرالي حاجه خواتي هيتفرقوا و إحنا ملناش غير بعض أساساً، أنت ظهرت في حياتي فجأة و أتمني تختفي فجأة كمان
كريم : ليه بتقولي كده
ورد صمتت للحظات ثم قالت : عشان الواحد مش ناقص وجع قلب، كفايه اللي أنا فيه، غير كده أنا مش عايزة اتسند على حد عشان الدنيا ملهاش أمان يا بيه، ناس بتظهر و ناس تختفي و أنا مش حمل كسرة تاني 
كريم : أنا محترم كل الكلام اللي قولتيه ده، بس صدقيني لازم نتقابل تاني !
ورد : و ليه لازم ؟
كريم : هتعرفي كل حاجه في الوقت المناسب، برضو مصممه أنك تروحي لوحدك، لسه عند عرضي ممكن اوصلك ؟
ورد : متشكرين يا بيه، تعبتك معايا و أنا عارفه أن وقتك غالي جداً
كريم : متشغليش بالك بوقتي، وقت ما تحتاجي مساعدة كلميني علطول، اتفقنا !
طالعته ورد بتعجب نوعاً ما فقال : مالك بتبصيلي كده ليه؟
ورد : هو أنت طيب كده مع كل الناس؟ ولا في حاجة غلط
كريم ضحك ثم قال : و هي الطيبة حاجه عيب
ورد : للأسف في الزمن ده بقت عيب، أما حد يقول على فلان ده طيب ساعات بيكون بيشتم فيه مش بيمدحه
كريم : أنا مليش دعوة بكل التعقيدات دي، و خليكي عارفه أن صوابع إيدك مش زي بعضها في فرق بين الطيبة و السذاجة، و المهم عندي أنك لو احتاجتي أي حاجه حاجه تكلميني من غير ما تفكري
نظرت له ورد بتعجب ثم تحركت من أمامه بسرعه لتختفي عن أنظاره
______________________________________

أنهت ريم عملها و أمسكت رأسها بتعب فتذكرت أنها لم تأكل أي شيء من الصباح، لملمت أغراضها و جاءت لتخرج من المكتب و لكن دخل عمر بسرعة و أغلق الباب عليهم و لم يبقى سواهم في الغرفة
ريم : أنت اتجننت! وسع خليني أمشي
عمر : و لو موسعتش؟ هتعملي إيه هتضربيني قلم تاني
ريم تكلمت بهون نوعاً ما لإرهاقها الشديد : عمر أرجوك وسع خليني أمشي
عمر أمسك ذراعها بعنف : إنتِ مش هتخرجي من هنا غير لما تعتذريلي و مش بس هنا إنتِ تعتذريلي قدام الجامعة كلها!!
ريم تألمت قليلاً لتصيح به بتعب : سيب أيدي أنت اتجننت
عمر : صدقيني إنتِ لسه مشوفتيش جنان لحد دلوقتي 
ريم : طيب خليني أمشي دلوقتي، مش قادرة أقف على رجلي
عمر بغضب : أنا ميخصنيش كل ده
نظرت له ريم بعيون زائغة و عدم تركيز و في تلك اللحظة تغيرت نظرات عمر لتتهاوى ريم على الأرض مغشي عليها
عمر : ريم !!
التقطها عمر سريعاً ثم حملها بين يديه و أتجه بها إلى أحد المقاعد و تركها ليبحث عن الماء و رجع إليها ليجدها علي نفس الحالة، ضربها بخفة على وجنتيها
عمر : ريم ردي عليا
ريم لم ترد عليه و مازالت على نفس وضعها أمسك عمر يدها و أحس بنبضات قلبها ليجدها ضعيفة و بطيئة، تركها  و خرج من الغرفة ثم عاد بعد لحظات و في يده كيس من المحلول و عالجها بسرعة و وصل المحلول بيدها، رمقها عمر للحظات لينبض قلبه بشده و انتعش بداخله شعور ما لم يستطيع تفسيره و هنا تأمل ملامحها و لأول مرة، بشرتها الصافية مثل الأطفال و ملامحها البسيطة و التي تكسوها البراءة عكس ما تظهره من قوة، عيونها ذو الرموش الكثيفة مع أنفها الصغير و شفتاها الممتلئة، ظل ينظر لها للحظات حتى بدأت في إستعادة وعيها مرة اخري
عمر : إنتِ كويسة ؟
ريم أمسكت رأسها بتعب : حصل إيه؟!
عمر : أنا كنت بكلمك و فجأة أغمي عليكي، جالك هبوط
ريم نظرت إلى يدها و المحلول المعلق بها وقالت بدهشه : أنت اللي عملت كل ده ؟!
عمر : و هو في غيري في المكان
ريم : غريبة، كنت فكراك هتسيبني واقعة في الأرض و تمشي أصلا
أقترب منها عمر قليلاً : مهما كان كرهي ليكي ده مش هينسيني إني انسان في الأخر، في ألف طريقة ممكن انتقم بيها منك غير إني اسيبك واقعة و أمشي
ريم نظرت في عيونه للحظات ثم توترت بسبب قربه منها فابتعدت عنه قليلاً و قالت : عموماً شكراً جداً أنك ساعدتني
عمر : غريبه، مش أنا اللي كنتِ لسه ضرباني قلم، بتشكريني دلوقتي
ريم : لكل فعل رد فعل، أنت قليت ادبك و أنا ضربتك و دلوقتي ساعدتني و أنا شكرتك
عمر نظر لها للحظات ثم التفت ليخرج من المكان فلم ينتبه لمفاتيحه التي سقطت في مكتبها و لكن ريم انتبهت لها، خلعت إبرة المحلول من يدها ما أن احست ببعض التحسن و التقطت مفاتيحه و خرجت من مكتبها للحاق به لتلاحظ أن الوقت قد تأخر كثيراً و أن الجامعة خالية من الناس نوعاً ما، في نصف الطريق أنتبه عمر أن مفاتيحه ليست في جيبه و تذكر أنها قد تكون وقعت منه في مكتب ريم، زفر بضيق شديد و التفت ليعود أدراجه ليجدها أمامه
ريم : مفاتيحك
عمر أخدها منها و نظر لها بسخط : متشكر
و هنا انقطعت الكهرباء لتفزع ريم بشدة و تتمسك بيده
ريم بتوتر و خوف : النور راح ليه !!
عمر : و أنا هعرف منين، وسعي خليني أمشي
ريم بخوف : استنى طيب شوف الكهرباء مالها
عمر : دقيقة و هترجع تاني
و لم تمر ثواني حتى عادت الكهرباء مرة أخرى لتتنهد ريم براحة شديدة نظر لها عمر بتعجب و تساؤل
ريم : بتبص على إيه؟ مش كنت ماشي اتفضل
عمر نظر لها بعدم إهتمام ومشى في طريقه و كذلك هي خرجت من مكانها و اتجهت إلى بيتها
_________________________________
الكاتبة ميار خالد
: ورد !!
قالتها بسملة ثم ركضت نحوها سريعاً لترتمي في أحضانها بدموع
ورد مسحت على شعرها : أهدي بس، أنا كويسة أهو
بسمله : كنت فكراكي مش هترجعي تاني و إني هفضل لوحدي
ورد : و هو أنا أقدر أعيش من غيرك برضو
محروس : خير يا بنتي في إيه، و الحكومة كانت عايزة إيه منك
ورد : ده حوار كبير أوي يا عم محروس و أنا هلكانه والله، بس كل اللي أقدر أقوله لك أني مش هقدر أرجع الشغل اللي كنت فيه تاني، من أول بكره هبدأ أدور على شغل جديد
محروس : لا حول ولا قوه إلا بالله، ربنا يوسع رزقك يا بنتي، عموماً إنزلي أنتِ و متشيليش هم بليه، هي جوه عيوني
ورد : والله يا عم محروس ما عارفه أقولك إيه، أنا تقلت عليك أوي الفترة دي
محروس : عيب يا بنتي متقوليش كده، ربنا يعلم البت بليه دي بتهون عليا أد إيه، يكفي وجودها جمبي بس بيفرحني
ورد : الله يخليك يا عم محروس، والله أنت طلعت أحسن من القريب، عيلة أبويا و أمي اللي رمونا ولا بيسألوا فينا حتى، ساعات الغريب بيبقي أحنّ عليك من القريب
محروس : و هو أنا غريب برضو يا ورد
ورد : مش قصدي والله
ضحك محروس : عارف يا بنتي، و مش عايزك تفتكري أن بليه تقيله عليا ولا حاجه، ده أنا أخدت إجازة من الشغل عشانها، أنا عارف إنك تعبانه يلا بقي الغدا جاهز اتغدوا معانا و روحي ارتاحي
ورد : تسلم والله بس..
محروس : مفيش بس يلا
ثم جلسوا جميعاً على طاولة الغداء تناولت ورد بعض اللقيمات ثم نهضت لتتجه إلى بيتها، دلفت إليه بتعب و لم تمر ثواني حتي رن جرس المنزل
ورد قالت لبليه : اوعي تقولي لريم أي حاجه، فاهمه
بليه : ليه طيب
ورد : اسمعي كلامي يا بليه الله يخليكي، مش عايزاها تقلق أنتِ عارفه ريم
أجابت برأسها لها و اتجهت ورد لتفتح باب المنزل لتجد ريم أمامها بوجهٍ شاحب ففزعت قليلاً وقالت
ورد : مالك في إيه؟! وشك مصفر كده ليه
و وقع بصرها على يدها فلاحظت أثار إبرة المحلول فقالت : و إيه اللي في إيدك ده!! طمنيني عليكي متسكتيش كده
ريم : متقلقيش يا ورد أنا ضغطي نزل شويه بس لكن دلوقتي أنا كويسة
ورد : و ضغطك نزل ليه؟ أكيد عشان مكلتيش حاجه من الصبح
ريم : والله بنسي
ورد غضبت : هو إيه اللي بتنسي، عجبك خضتي عليكي و إنتِ داخلة عليا بالشكل ده !
ريم : والله يا ورد ما مستحملة حاجة خلي التهزيق ده لبكرة
ورد : يا بنتي أنا خايفة عليكي أنتِ أصلا ضعيفة و كمان مش بتاخدي بالك من أكلك
ريم : أنا أسفه يا ورد، بس صدقيني بتشغل و بنسي أكل
ورد : هو في حد بينسي ياكل !! ده إيه المصيبة دي
ريم : طيب أنا هخش أنام دلوقتي عشان تعبانه جداً
ورد : ماشي يا ريم، يجي النهار علينا بس والله ما هسيبك
ذهبت ريم إلى غرفتها لتنام بجانب بسملة التي تظاهرت بالنوم بعد ان بدلت ملابسها لتغط في نومًا عميق، تنهدت ورد بتعب و اتجهت هي أيضاً إلى غرفتها و بدلت ملابسها وجلست على سريرها و هاجمتها جميع أحداث اليوم و ما أن تذكرت وجه كريم حتى ابتسمت بطريقة لا إرادية ليعبس وجهها في وقتها، هبت ورد من مكانها : في إيه! إيه الإبتسامة دي؟! لا فوقي كده، أحسن برضو أني مش هشوفه تاني الواحد مش ناقص وجع قلب، بس هو بني آدم ذوق بصراحة
و استلقت على سريرها ثم قالت : لو كُنا في زمن غير ده أو وضع غير اللي أنا فيه، كنت ممكن أحبه، بس هو من عالم و أنا من عالم تاني مستحيل نتقابل!
و هنا احست بحركة جانب سريرها نظرت لمصدر الصوت لتجدها بسملة
بسمله : ممكن أنام في حضنك النهاردة
ورد ابتسمت برفق : إيه ممكن دي؟؟ أنتِ تيجي تنامي في حضني من غير رأيي حتى، تعالي
ذهبت لها بليه سريعاً و نامت بين أحضانها لتقبلها ورد في رأسها و نام الإثنين بسلام و امان
_________________________________
الكاتبة ميار خالد
: عملت اللي قولتلك عليه !
إيهاب : متقلقيش، كل حاجه هتمشي زي ما أنت عايز، أنا عرفت من العامل بتاع المدرج أن بكرة هي هتكون موجودة لحد أخر اليوم، و اتفقت معاه أنه يحبسها في المدرج بمجرد ما تخلص، و اهي لما تقضي ليلة لوحدها هتتأدب أكيد !
عمر : و هو وافق بسهولة كده ؟
ايهاب : أكيد لا يعني، لما أخد قرشين حلوين كده وافق
عمر : طيب، بس أنت هتستفاد إيه من مساعدتك دي
ايهاب : عيب عليك يا عمر، و هو في بينا الكلام ده ده انا حتي صاحبك يا أخي
عمر : اه قولتلي
ايهاب : بقولك إيه صحيح
عمر نظر له بانتباه فأكمل إيهاب بوقاحه : أنا بقول بدل ما نحبسها في المدرج نحسبها في بيتي أحسن
عمر : إيهاب !! أنا عايز أعاقبها بس مش أكتر اتلم بقى !
ايهاب : ما دي تعتبر معاقبه برضو
عمر : لو قولت حاجه تانيه في السيرة دي صدقني هتزعل مني أوي !
ايهاب : خلاص يا عم في إيه مكنش إقتراح، عموماً كل اللي عايزه هيتم
عمر : تمام، ياريت متزودش أي حاجة من عندك
إيهاب : ماشي، صحيح أنت عرفت أخر الأخبار ؟
عمر : أخبار مين ؟
ايهاب : اللي كانت مجنناك
عمر تغيرت ملامحه وقال ليقول : ميهمنيش أعرف
إيهاب : و ميهمكش تعرف أن خطوبتها اتفسخت !
عمر أبتسم بسخرية : والله؟ و ده ليه
إيهاب : مش عارف التفاصيل بالظبط بس تقريباً هو اللي سابها بسبب مشكلة كده
عمر : يلا مش خسارة فيها
ايهاب : طيب و أنت ناوي على إيه؟
عمر كرر السؤال بتهكم : ناوي على إيه ؟؟ البنت دي صفحة و اتقفلت في عمري و أتمني متتفتحش تاني
إيهاب : أنت متأكد ؟
عمر نظر له للحظات ثم قال له بحدة : هو أنت عايز إيه بالظبط؟
ايهاب : مصلحتك
عمر : مصلحتي أنك تنفذ اللي طلبته منك و بس مفهوم
ايهاب : قولتلك كل اللي عايزة هيتم
عمر نظر أمامه بتوعد و قال : تمام، أنا هعرفها هي وقعت مع مين .. عشان تبقي تتحداني كويس !!

يا ترا عمر هينفذ اللي في دماغه ولا لا ؟
توقعاتكم ؟؟ ارائكم ؟؟❤️

وردتي الشائكةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن