الفصل الرابع

943 97 6
                                    

كان جسده مُسجى على فراش المشفى تحاوطه الأسلاك من جميع النواحي ، قدماه مُجبرتان والكدمات تنتشر بوحشية على صدره و وجههُ ، لُف رأسه بضمادات تمنع نزيف جروحه ، وقف وائل و آسر يطالعونه بخوف والقلق ينهش صدورهما  على صديقهما الذي لا حول له ولا قوة ، وجدوا والد وائل وعم آدم يأتي مهرولًا ، وقفا في محاذاته ليسألهما بقلق

_ ما الذي حدث لهُ ؟

نظراته له كانت فَزعة ابن أخيه الذي علم بخبر رجوعه مع خبر تعرضه لحادثة أدت إلى العديد من الكسور والشروخ بجسده ، همس له وائل بصوت أُنهك من البكاء

_ لقد كُنا نمتطي درجاتنا و أتت سيارة سريعاً في الظلام وقامت بـ صدم آدم.

جلس على المقعد مُتهالكًا ، بينما آسر كان يُمسك هاتف آدم بين يديه فقد وجده وهما ينقلونه إلي المشفى وكانت شاشته كسرت فحسب نظر للاسم اللحوح الذي يرن منذ أمس وزفر بضيق ، كانت صورة آدم وسارة هي صورة جهة الإتصال فـ تمالك نفسه وأحباله الصوتية

_ سلام عليكم.
_ آدم أين أنتَ؟ ، لقد أخبرتني والدتك أنك سافرت لمَ لم تخبرني ؟

قاطعها آسر بهدوء

_ أنا لستُ آدم.
_ إذاً من أنتَ وأين آدم ؟
_ أنا آسر ابن عمه وآدم قد تعرض لحادث وهو الآن في المشفى.

انتقلت له صرخاتها عبر الهاتف

_ هل يمكنك أن تهدئي هو الآن بخير لكن تأثير المخدر مازال نشطاً ، لذلك فهو نائم.
_ أين العنوان أمليه عليَّ فأنا أرغب برؤيته.
_ آنسة سارة نحن في الصعيد كيف ستأتي ؟
_ سأتصرف فقط أملي عليّ العنوان.

أعطاها العنوان ثم عاد ليجلس بجوار خاله جميعهم صامتين في إنتظار الآتي خرج الطبيب من غرفته وأقبل عليهم

_ هو بخير لا تقلقوا وسيفيق في أي وقت ظلوا بجواره فقط. 

جلسوا ينتظرون إفاقته ساعة مرت عليهم كالدهر وهم يتناوبون في الجلوس بجواره حتى كان الدور على وائل ليجده قد رفرفر أهدابه وكشف عن عينيه

_ آدم قد أفاق.

صاح بها بسعادة ليأتي أبوه وآسر على صوته

_ آدم.. حمد لله أنك بخير.

قالها عمه وهو يحتضنه بعيناه خوفًا عليه ، أجابهم بتعب

_ ماذا حدث لي ؟
_ لقد صدمتك السيارة.

أغمض عيناه بتعب و يعود للنوم مرة آخرى ، ليخرجوا من الغرفة وقد أطمئنت قلوبهم عليه ، أتت آسية ابنة عمه وشقيقة وائل

_ كيف حاله الآن ؟

كان يظهر عليها علامات البكاء و عيناها حمروتان للغاية ، ضمها وائل بمواساة

_ هو بخير أفاق وعاد للنوم مرة آخرى.

حمدت ربها في سرها وهي تدعو له بالشفاء العاجل ظلوا جالسين حتى تعب العم ورحل للمنزل وظل آسر ، و وائل  ، و آسية التي رفضت المغادرة

_ آدم أين هو؟!

كان صوتها عالي ولفت أنظارهم جميعاً لـ يلتفتوا إليها يطالعوها بإستغراب ، فتاة ذات خصلات حمراء نارية ملابسها فاضحة من بيئة لا تنتمي إليهم لم يحتاجوا مجهود لإدراك هذا

_ من أنتِ ؟

تقدمت منها آسية وهي تسألها بحدة

_ سارة حبيبة آدم.

عم الصمت عليهم جميعاً وآسية تنظر لها بصدمة

_ حبيبة آدم ؟
_ نعم الآن أخبريني أين هو لم أأتي كي أقف وأتحاور معكِ ، أين آدم!

أجابها آسر وهو يرى صدمة ابنة خاله

_ آدم نائم الآن ، و غرفته أمامك إن رغبتي برؤيته.

ثم تحرك بتثاقل ليعود لجلسته

_ ألست أنتَ من أجبت على الهاتف ؟  ألم يفيق خلال كل تلك المدة ؟
_ لقد أفاق ثم عاد للنوم مرة آخرى.

هزت رأسها بصمت وهي تدلف للغرفة ، تبعتها آسية بغيرة واضحة وقفت تتأملها وهي تقترب من فراشه وتجلس على المقعد المجاور له ، تحتضن يده وتمرر يديها على عروقه البارزة طبعت قبلة على يديه أحرقت قلب تلك الواقفة التي تطلع إليهم بصدمة ممزوجة بحزن ، خرجت لتواجه أخاها

_ لما لم تخبرني أن لديه حبيبة ؟
_ لأننا لم نكن نعرف آسية.

طالعته بغضب ونبرة صوتها تعلو

_ كيف لا تعرفون وأنتم الأقرب إليه ولا يُخفي عليكم شيئًا.

وقف وائل مقابلة لها مدافعة بثبات

_ كان هذا في الماضي لقد تغير آدم وأنتِ لا تعلمين شيئاً عن شخصيته الجديدة ، ليس فقط أمر حبيبته الذي يخفيه هو يخفي الكثير وليس هناك قدرة لقلبك على تحمله ، أفيقي ولا تجعلي غيرتك تُعميكِ عن حقائق جميعنا ندركها.
_ وائل لا تكن قاسياً هكذا ، أنه آدم ابن عمك.
_ لستُ قاسياً هي فقط لا تُبصر العديد من الأمور التي ستؤذيها.

ثم أنسحب وتركهما ، جلست بهدوء ظاهري مُقابل آسر

_ ما الذي يخفيه آدم يا آسر.

حاول أن يجعل كلماته هادئة مرتبة لا تجرحها أو تصيبها بأذى

_ آسية أنتِ ابنة خالي ومثل شقيقتي لذا لا تسألي عم لا يعنيك ، تلك الأمور تخص آدم وحده  " لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "
_ لقد أقلقتني يا آسر.

طمئنها وهو يردف بصدق

_ اطمئني آدم ليس بذلك السوء الذي يعتقده الآخرين ، فـ روحه مازالت روح آدم الطفل الذي كان يلعب معنا ولم يمسها سوء أو دنس .

جاهدت عضلات فكها كي تبتسم لكنها فشلت وعاودت الدموع تترقرق في عيناها ، فـ نظر لها آسر بعجزٍ يأس ، جميعهم يعملون بِـ حب آسية لآدم.. آدم نفسه يعلم ولكنه يراها أنقى من أن يلوثها ، وأرق من أن تُعامل من قبله
آسية تستحق الأفضل ولا يعلم أنه ظل الأفضل في نظرها لسنوات تجلدت بـ ذكرياتهم القليلة الطفولية تُنازع ليبقى حبه في قلبها لا يُستبدل ولا يَقل ، ولكن هل تقبل ببقاية رجل بمظهر مُذنب تملئه الخطايا وتغرقه ؟

وضعت رأسها بين كفيها وهي تشهق باكية وعقلها يردد

" لماذا يا آدم لماذا؟ "

Bad Boy. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن