بارت 2

979 61 0
                                    

ضحكات ساخرة انتشرت بالمكان.... وكأنَّ تهديدها لم يكن سوى نكتة سخيفة بالنسبةِ لهم خصوصاً عندما تقدم منها أحد الرجال الثلاثة الجالسين وتكلَّم: ما هو التصرف الثاني الذي ستتخذينه يا ابنة أخي؟!

نهضت إحدى النساء أيضاً وعلى ما يبدو أنها زوجته لأنها وقفت ملاصقةً له وتكلمت: ستلجأ ربما للفتيان الذين تصاحبهم !!! المشكلة أنهم سيفرون عندما يروا وجه عمي فقط، أنهت كلامها مشيرة بعيناها إلى ذلك العجوز الصامت بشكل مخيف.

لا تعلم كيف أسرعت عيناها إلى ذلك الجد الذي لم يبدي أي رد فعل... لدرجة أنها لم تستـثـنيه من المذهولين والساخرين... هالة القوة حوله رغم كِبَر سنه يخبرها بأنه شخص ليس سهل بتاتاً... مع أنَّ هذه العباءة البيضاء التي يلبسها وتلك التي لا تعلم اسمها على رأسه ربما عمامة تجعله بمظهر مريب وغريب بالنسبة لها لكن هذا لا يعني أنَّهُ لا يبدو من الأشخاص المحنكين.

كانت عيناه تنظران بشرود إلى نقطة وهمية كأنَّه يفكر بشيء ما بعمق شديد قبل أن ينظر لها جاعلاً إياها تتكلَّم ببرود: ما رأيك أيها الجد بالعقاب المناسب؟! لقد أنهيت من تقريره الآن!! يبدو أنَّه صعب لتستغرق بضعة دقائق صحيح؟!

كان الجميع مستغرباً من كلامها معه.... لنتغاضى عن خوفها من النظر إليه أو الاقتراب منه لكن ما الذي يجعلها تقول كلمة عقاب؟! هو دائماً يرى تصرفاتها دون أن يفعل شيئاً!! يكتفي بمشاهدة هذه المهزلة فحسب!! ما الذي حصل ليتدخل هذه المرة مثلاً؟! هي دائماً ما تدعي القوة لكن اليوم أثقلت العيار قليلاً وأمسكت يد والدها فقط تمنعه وهددتهم، هذه كانت أفكارهم عكس الجدة التي نظرت إليها بنظرة غريبة .

بينما الجد ابتسم لها ببرود... عقلها الذي أصبح ذكياً فجأة لن يفيدها من الذي قرره لأجلها.... لذا تكلَّم بنبرة آمرة لا مجال للنقاش فيها: لقد وافقتُ على عرض الزواج الذي أتاها ولن أتراجع أبداً بما أنك لم توقفها عن حدها كما وعدتني!!

توقعت والدها سيوافق بما أنها هددته للتو غير تصرفه معها منذ البداية لكنها تفاجأت به عندما دفعها خلفه بحماية وتكلَّم بحدة: وأنا لم أقبل به!!! ابنتي بالثامنة عشر من عمرها ولازال أمامها الكثير لتجد غيره وأفضل منه.

لم تركز على شيء من الذي قاله بقدر تركيزها على إخفائها خلفه هكذا.... صحيحٌ أنَّ هذا العمر مزعج لها فهو يذكرها بحادثة موتهما وكان ينبغي أن تتأثر لكن لا شيء.... فهذا المنظر يذكرها بوالدها..... نبرته العدائية والحادَّة إذا ما مسَّ أحد بشعرة منها رغم معرفته بقدرتها على الدفاع عن نفسها جعلت منها تنظر إليه نظرة أخرى مختلفة كنظرة احترام مثلاً؟!

ضرب ناصر عكازه بالأرض لينطق بصوت جهوري خشن: هل تعصيني يا ياسر؟!

ياسر؟! ما هذا الاسم السخيف والغريب؟! مهلاً أيعقل أن يكون اسماً عربـ....؟! نقلت نظرها إلى المكان حولها لتنتبه للتو إلى اللوحات المطرزة التي تملأ المكان... حتى المزهريات كانت تبدو بشكل مغاير.... نوعهن أقرب للطين؟! أعادت نظرها للذين حولها لتلاحظ للتو الملابس الطويلة التراثية التي تصل للأرض وقطعة القماش التي تغطي شعر النساء حتى والدتها!! عداها بالطبع وأختها أيضاً لكن هذا لا يمنع لباس أختها الذي يصل لفوق ركبتيها!!

هذه ليست أنا؟!!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن