الفصل الثامن والعشرون

334 37 13
                                    

جلست على الكنبة الي جانب صديقتها "مضى عشر ايام ولم تغادر بعد طالت هذه الزيارة كثيراً" رمقتها فاتن بنظرة متفاجئة "خير ليلى تحسبين الايام للمرأة!"
-وجودها يوتر أعصابي وبناته أيضا لااستطيع ان ادخل غرفتي بسببهم ماهذا
-لا تبالغي مجرد طفلتين ليس وكأنهما احتلال
-تقولين ذالك لأنك لاتعرفين إلينا هذه ليست اقل من امها لؤم وعدوانيه لامشكلة لدي مع الصغيرة إيدا
-ولله لو لم أكن صديقتك لظننتك تغارين منها
سكتت ليلى واخدت ترتشف قهوتها بعصبيه ابتسمت فاتن "انظري إلي هل تغارين منها حقا!!"
-لا تبالغي ليس بوضع طبيعي ان تظل طليقته معنا في نفس البيت وهذا حقي كزوجه حتى لو لم يكن زواج حقيقي
-تقولين ان عمر لك يعني
-كما يعتبرني ملكه أملكه أيضا
ضحكت فاتن بتسلية بدت غير مقتنعه فغيرت ليلى الموضوع "اخبريني عنك كيف هي الأحوال مع جهاد؟ "
-جيدة يعمل طوال اليوم وأحيانا طوال الليل أيضا ولكن اعتدت
-الي متى تنوين الاستمرار هكذا فاتن
-لا أعلم المهم اننا معا في الوقت الحالي جهاد خرج من علاقة فاشلة وتطلق حديثاً لااريد ان اتحدث عن الزواج الان سوف اعطيه بعض الوقت
-ولكن لا تطلي الوقت فقد يعتاد العزوبية
-لا تقلقي طالما انا هنا لن اسمح له
وقفت ليلى لتأخد حقيبتها "يجب أن أذهب تأخرت" رافقتها فاتن حتى الباب "لا تنسي عشاء الليلة سيكون عشائنا الأول مع أيلول" "تمام أراك مسآء".
لبست أجمل ثيابها احمر قاني يصل الي ركبتيها ضيق ليظهر نحالة خصرها وجمال قوامها الممشوق بدون أكمام يلتصق بصدرها ليظهر عظام الترقوة البارز والجذابة شعرها الأشقر مموج علي كتفيها وظهرها رسمة عينيها بكحل اسود لتبرز زرقتهما وكأنهما بحر قاتم وعميق ولونة شفتيها بلون الدم الأحمر لتزيد من جاذبية إبتسامتها خرج عمر من الحمام يرتدي ثيابه الرسمية متأنق كعادته شديد الوسامة نظر اليه بإعجاب "يزداد جمالك كل يوم مشا الله"
-شكرا لك
-هل يمكن أن أعرف الي اين تذهبين ليلى هانم؟
-الي منزلي القديم عند البنات نحتفل اليوم بإنضمام أيلول لشقتنا المتواضعة
لم يجب ابتسم برضى ولم يعلق على الثوب على عكس توقعات ليلى التي جهزت ثوب احتياطي في حال رفض زوجها خروجها بهذا الثوب ولكنه لم يكثرت وقف أمام المرأة ليعدل شعره ويرش عطره بدا في مزاج جيد فسألته بفضول "الي اين تذهب عمر بيك؟" أجاب دون أن ينظر إليها "عشاء خاص" حاولت أن تكتم فضولها حتى لاتغضبه جلست على حافة السرير تراقبه بفضول لبس ساعته الفاخرة وغادر الغرفة بسرعة انتظرت حتى سمعت سيارته تغادر نزلت الدرج مسرعة حتى لا تلتقي بأحد من العائلة نادتها فخرية على عجل" ليلى انتظري لحظة"لحقت بها الي الاسفل "لا أحد في المنزل لاداعي للهرب"
-حمد الله لست اهرب فقد أخبرت عمر ولكن تعرفين عائلة الباشا تتدخل في كل شي
-انا اكثر من يعرف لاتقلقي ذهب الجميع لعمتي هازان لااحد هنا غيري لست في مزاج جيد للمجاملات وأسئلة عمتي الكثيرة
-معك كل الحق
-بالنسبة تبدين جميلة جدا
-شكرا لك
-رأيت عمي يخرج قبل قليل مع بيران
حلت الصدمة على ليلى اجابتها بتوتر "لديه عشاء خاص ماشأن بيران بالأمر".. "لا أعلم انا أسألك لما اخدها معه في العادة عمى لا يطيقها اغلب زيارتها قضتها في الفندق بقئها هنا يثير الريبة " تبدل مزاج ليلى على الفور وفقدت رغبتها في مغادرة القصر تمنت لو تستطيع العودة الي غرفتها ونزع هذه الثياب عنها تراجعت عن فكرتها عندما سمعت فخرية تقول" هل اوصلك؟ نتساير في السيارة قليلاً "رافقتها الي السيارة وفي رأسها الف فكرة وسؤال طوال الطريق ظلت شاردة وصامته تجيب بعبارات موجزة حتى وصلت وقبل ان تنزل من سيارة إعتذرت فخرية "أعتذر منك بسبب ماقلته عن عمي وبيران يبدو اني شوشت عقلك اسفه ولكن متأكدة لديه تفسير وسبب ومقنع "ابتسمت ليلى بشكل طبيعي "لا عليك لايهمني مايفعله عمر بحياته شكرا على التوصيل" وخرجت من السيارة اكثر توتر وغضب ظلت بضع دقائق أمام الباب حتى تستجمع قوتها وتسيطر على أفكارها قبل أن ترن الجرس فتح مراد بدا مبتهج" ها قد وصلت أميرة الحفل جميلة كالعادة "جعلها تبتسم بصدق ودخلت بثقة لتسلم على أصدقائها كما رحبت بأيلول مرة أخرى وجلست الي جانب زينة "أين ليان؟"
زينة :في غرفتها
حازم :بسبب غباء مارت الفتاة حبست نفسها
مارت :ولله بالله لم اقصد ان اخيفها اتوسل إليك ليلى حلي الأمر لان زينة زادته تعقيدا
ليلى :تمام الأمر عندي هيا فاتن لنفعل شيئ
توجهت برفقة فاتن لغرفة ليان دخلتا واغلقت الباب همس فورات ل أيلول" هكذا تسير الأمور هنا بجنون ولكنك ستعتادين الحياة في هذه البناية" ابتسمت برضى "اظنني احببتها منذ الان ولكن أخبرني ماذا يحدث؟"
-قبل ذالك لاعرفك على طبيعة السكان هنا قليلاً
-تمام اسمعك
-فاتن الشخص الوحيد الطبيعي هنا تهتم بشؤن الجميع طبخ غسيل ومشاكل عائلية وعاطفية كله تحله فاتن
-هي القائد والام يعني
-تماما أما زينة على العكس تعقد الأمور اكثر فأكثر وكله بسبب والدها الذي طلق امها وهجرهم وكأنها فقدت الثقة بالبشر والحب والرجال بشكل خاص
-من الجيد انها تقبلت وجودي أصبحنا على وفاق
-نأتي الي ليان قد تجدينها تتصرف بغرابة وهذه طبيعتها تبكي لأجل لوحة تحزن بشأن عصفور ميت وقد تكتئب عندما تتذكر القطط المشردة ببساطة هي بريئة جدا وأكثر مما يتخيله عقلك
-لاحظت ذالك ليان لطيفة اكثر من اللازم مالذي يزعجها اذا؟
-مارت يحبها منذ وقت طويل وقد غامر صديقنا واعترف لها بهذا الحب
ضحكت أيلول لهذا السبب الذي بدا لها سخيف رغم أنها أصغر من ليان ولكنها شعرت بنفسها اكثر نضجا
فتحت فاتن الخزانة "انظري ثوبك الأصفر الجميل" فردته أمام ليان التي ظلت عبوسة الوجه حتى قرصتها ليلى من خذيها "يافراشة الربيع الجميلة ابتسمي ارجوكي"
ليان :اسفة ياليلى لاطاقة لي
ليلى :سوف ترتفع طاقتك ياروحي الجميع في خارج نشط هيا
ليان :لا استطيع
فاتن :ليان بدأت اغضب بحق هيا بدلي ثيابك لنخرج سيحل منتصف الليل وعلينا العودة الي بيتونا
ليلى :ليان ياروحي ياحياتي انتي هل مارت سيء لهذا الحد
دفنت رأسها داخل الوسادة رفعت فاتن شعرها الأعلى "ارفعي رأسك وانظري الي أصبحتي كبيرة عيب ولله" رفعت رأسها مستسلمه "لا ليس سيئ مارت جيد جيدا جداً ولكن خائفة"
ليلى :لاداعي للخوف لن يفعل شيئ يزعجك او يخيفك ابدا
فاتن :مارت يحبك خدي وقتك للتفكير به وان لم يعجبك يمكن أن ترفضي
ليان :ولكنه سيحزن لااريد ان احزنه
فاتن :اذا عليك الخروج والتكلم معه لانه حزين جدا
ليلى :هيا ياحلوتي سوف اسرح لك شعرك ولنخرج
وافقت ليان بعد إلحاح ليلى وفاتن خرجتا وتبعتهم بعد نصف ساعة وقفت مرتبكة وقف مارت مقابل لها "انا اسف حقا اعتذر منك لم اقصد ان اخيفك هل يمكن أن اسحب كل ماقلته ذالك اليوم؟" هزت رأسها بالرفض "لا تسحب شي مما قلته كان جميل جداً ولكن يمكن الرفض ان لم يعجبني هكذا قالت فاتن" ابتسم الجميع براحة اخيرا حلت المشكلة واكتمل الحفل نهاية اليوم غادرت فاتن مع جهاد الذي ظل ينتظرها في سيارته وسألته " لما لم تصعد قليلاً "
- ليس مناسب لأستاذ الاختلاط كثيرا بالطلبة برأي وانت عليك فصل هؤلاء عنك قليلاً
-هؤلاء!! انهم أصدقائي جهاد مابك
-لست في مثل سنهم إنهم طلبة يافاتن وهم مستأجرين عندك ليس مناسب ان تسهري معهم وكأنك مراهقه
-لا تأخذني ولكن عشت مع هؤلاء سنوات وقد أصبحنا عائلة كما أن فرق العمر بيننا ليس بكثير محال ان افصلهم عن حياتي إنهم عائلتي
-افعلي ماتردين افضل ان احافظ على مسافة مع عائلتك الغريبة
بلعت فاتن كلمات جهاد بصعوبة حتى لا تحدث مشكلة
غادرت ليلى مع مراد لم تصحب معها سائق ولم ترد الإتصال بعمر في هذا الوقت المتأخر تمنت لو انه ينام خارجا هذه الليلة حتى لا يحاسبها على تأخرها آثارها الفضول فسألة مراد "أين زوجتك؟"
-عند اهلها منذ البارحة ستبقي لبضعة ايام
-هناك مشكلة ام انها زيارة عائلية
-زيارة عائلية و.. نارين متوترة قليلا هذه الأيام تتصرف بعصبيه لااعرف اعصابها متعبه قليلاً
-الحق معها طالت مسئلة الحمل عليك أن تخبر العائلة بالحقيقة حتى لاتضع زوجتك تحت هذا الضغط الهائل
-وانت أيضا تعلمين بالأمر! من أخبرك عمي عمر؟
-لا دخل لعمر بالأمر كل شي واضح يامراد
-بكل الاحوال سأفعل ذالك عند عودتها ربما نهاية الأسبوع سأخبر الجميع بنفسي واريح زوجتي من هذا العبئ
توقفت السيارة أمام القصر ونزلت ليلى ومراد ودعته متمنية له ليلة سعيدة وتوجهت الي الداخل رفع رأسه لينظر الي عمر الوقف في الفيراندا ابتسم له ولوح بيده قبل أن يركب سيارته ويغادر دخلت ليلى غرفتها لتتفاجئ بزوجها يقف ويعقد يديه حول صدره "كم الساعة الان؟" أجابت بفتور "اهلا بك أيضا انا بخير شكرا لك" وتابعت لتقف على المرايا وتنزع زينتها وقف خلفها مثل شبح يستعد لانقضاض عليها "تجاوزنا الساعة الواحدة ليلى هانم" جف حلقها وهي تشعر بقدوم العاصفة أجابت بهدوء محاولة ان تمتص غضبه "معك حق تأخرت اخدنا الحديث انا اسفة "ولكن عمر لم يستطع ان يسيطر على غضبه سحبها من يدها ليديرها اليه "طالما تعرفين انه خطأ لما تعيدينه دائما كم مرة اخبرتك ان تتصلي بي إذا تأخرتي ماذا لو شاهدك احد مع مراد" افلتت يدها بغضب "هذا مايهمك ان يمسك بي أحد أفراد عائلتك مع مراد وماذا عنك الا تخاف ان يراك احد مع بيران؟" تراجع بضع خطوت ليمرر أصابعه على شعره بغضب "بيران هنا لأن بناتي هنا لاشئ اخر يجمعني بها "
-لم يبدو كذالك عندما اخدتها معك مساءً لعشائك الخاص
-هل تحاسبيني ياليلى!
-احسابك لأنك تحاسبني على النفس وقد ضاق صدري
-انا فقد من يطرح الأسئلة هنا وانا من يحاسب ياعزيزتي اوضحت هذا منذ اول يوم لنا
- حقي أن احاسبك أيضا طالما انا زوجتك لما تخرج مع إمرأه لاتطيقها وقد افسدت كل حياتك
-كما تعيشين انتي مع رجل لا تطيقينه وقد أفسد كل حياتك ياليلى
ضاق نفسها لكلماته التي تشبه الخنجر تنهدت حتى تتنفس فهربت بضع قطرات من الدمع على خديها مسحتها بسرعة محاولة ان تفهم سبب الضيق والألم الذي تشعر به لم يكن صوته عالي بل حاول تمالك اعصابه قدر الإمكان شعر بضعفها وعجزها فتحول غضبه الي هدوء واقترب منها ببطئ مسح باصابعه دموعها ونظر الي عينيها ليتحدث بهدوء "لا عليك انسي الامر" ولكنها استمرت بالبكاء وكأن مافعله جعلها تتألم اكثر "انا تعبت أشعر بالضياع والخوف عائلتك تضغط من طرف بناتك من طرف وبيران من طرف اخر لااستطيع التحمل" شعر بالريبة "اخبرتك ان تنسي الأمر ماذا يمكن أن أفعل بعد؟" رمت بنفسها دون تردد بين يديه وضعت رأسها على صدره وطوقته بذراعيه "يمكنك أن تحظنني الحظن مريح اكثر بعد كل هذا التعب "ازدادت ضرابت قلبه لف يديه على جسدها بحذر هدأت وهداء قلبه ابتسم برضى متمنى ان تدوم هذه اللحظة للأبد هذه المرة ليلى تشاركه الامية أغمضت عينيها براحه متاجهلة كل شي اخر حولها.

العمر ليلىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن