البارت نبذة عن جنون دانيال
البدر يتوسط السماء, بعض الغيوم تعانقه, والنجوم تفرقت في السماء كحبات اللؤلؤ من عقد مكسور, اضواء المنازل منطفئة لتترك ضوء القمر يتسلل اليها عبر النوافذ المفتوحة, شبه مغلقة الستائر, صورة جميلة للمراقبة, هادئة, لكن الخطى الخائفة المتتابعة قطعت ذلك الهدوء, رجل بالثلاثينيات, يضع سيجارة داخل فمه, يمسك حقيبته, يلتفت يمنة ويسرى, خوفا منه, ما هو ذلك, سريع للغاية, لقد امسك به, يحرك قدميه ويديه محاولا الهرب, لكن لا فائدة, شيئا فشيئا توقف عن المقاومة, ذلك تأثير المخدر الذي اجبر على استنشاقه باستخدام المنديل الموضوع على انفه.
فتحت تلك العينين على مصراعيها, عندما تعرض لضربة قوية على بطنه, ليقابل ذلك الرجل, ذو عرف الديك الازرق, بشرة بيضاء كاشعة القمر, عينين سوداوين حالكين, لكنهما ليستا بظلمة قلبه وروحه, كان يمسك بيده شيء ما, حديدي, وجهه نحو عينه, ثبتها, والتف الى المنضدة البيضاء التي يوجد عليها عدة قطع حديدية, غريب شكلها, امسك بقطعة مماثلة, وثبتها على عينه الاخرى, لم يفهم الشاب ما يرمي اليه هذا الديك امامه, لماذا يثبت عليه هذه الاشياء, امال راسه قليلا بغير فهم, ليقول الفتى "لا تتحرك والى جعلت الامر مؤلم" صمت قليلا وامسك باسلاك كهربائية, قال اثناء تسبيتها على جسد الاخر"اذا, اليك قواعد اللعبة, سوف اطلق بعض التيارات الكهربائية على جسدك, ان صرخت, ساقتلع احدا عينيك, عندما افعل, سننتقل للعبة ثانية, سوف اقوم باطلاق بعض الرصاصات على جسدك, سوف اتفادى نقاطك الحساسة لكي تبقي حيا, عندما تجتاز ذلك, اي عند نزيفك ل4 التار من الدماء, سنتقدم للعبة اخرى, ساشرحها لاحقا, لنبدا اللعب" قال وعلى وجهه تعلو تلك الضحكة المجنونة. توجه نحو الطاولة الموصولة بالاسلاك, بدا بزيادة السرعة تدريجيا, الا ان وصل لل100, بدا بتغييرها بسرعة كبيرة, من الصفر الى ال100, مما جعل الشاب راغبا بالبكاء والصراخ, لكنه خائف, خائف بان يحدث ذلك, عض على اسنانه, ودعا الرب ان يبقى حيا, ليعيش يوما اخر, لا يزال يملك ابنته الصغرى, هي بحاجة اليه, هي ضعيفة, لن تتحمل فقدانها لامها وابيها واحدا تلو الاخر. بعد ربع ساعة زاد التيار الكهربائي الى ال110, لقد صرخ,صرخ بكامل قوته, اوقف دانيال الكهرباء, توجه مسرعا نحو الطاولة المليئة بالعدة الحديدية, امسك بملقط كبير, كما يعتقد الشاب, وجهه نحو عينه, غتحت عينيه على مصرعيها, ليظهر الخوف والصدمة عليها بوضوح اكثر من وضوح اشعة الشمس في ظهيرة احد ايام آب, تلك النظرة, اعجبته, اعجبت دانيال كثيرة, لذلك اسرع بادخال الملقط وسحب عينه, ووضعها في العلبة المليئة بماء تلون اصفرا, صرخ, صرخ صراخا قطع هدوء الليل, يكاد يسمع من نصف الكرة الارضية الاخر.ايقظ الفتاة الصغيرة, ركضت مسرعة نحو غرفة ابيها, تريد ان تحاول, عسى ولعل جدها يجعل اخيها يتوقف, حاولت ايقاظه, لكنها سمعت صوت رعبها, صوت المسدس, مما جعلها تضرب على بطن جدها, ليخرج الدود, عرفت بذلك ان جدها الذي تعتبره والدها مات,تناديه ابي, تحترمه كاباها, تراه قدوتها, حبيبها هو, قالت بصوتها الناعم الانوثي "ابي..ابيييي.. ابي لماذا؟لماذا يا ابي؟ الم يك هناك شخص اخر ليموت, ارجوك يا ابي, استيقظ, ابيييييييي" الدموع لم تفارق وجهها. ركضت متوجهة الى الخدم, قالت.. قالت بعيون دامعة"خذوني الى الغابة المملوكة من اخي.." حاولوا فهم ما جرى, لكنها لم تنطق بحرف واحد طوال الطريق, تهز راسها بحسرة, تمسح دموعها كل عدة ثواني, عندما وصلت السيارة الى الغابة, ركضت مسرعة نحو الوسط, توجهت مسرعة نحو الشجرة, الشجرة الضخمة, لمست الشجرة بيدها, فتحت الارض قربها, مقر اخيها, المكان الذي يتعذب به, ويموت به ,مئات الناس, نهاية مليون شخص ربما, وما ذنبهم؟ ما ذنبهم؟ حزنهم؟ بكائهم؟ موت احبائهم؟..نعم, انه كذلك. قاطع ركضها طلقة نار اخرى, لقد رعبها, رعبها هذا الصوت مذ طفولتها, مذ رات امها يطلق النار عليها, بدون عينين بسبب سحب والدها لعينيها, امام اعين الاطفال الذين يبكون طالبين الرحمة لامهم. طلقة نارية اخرى اعادتها من ذكراها المرة, وعاودت الركض, حتى وصلت الى المكان, الغرفة الزجاجية تلك, رات اخيها يطلق النيران على قدمي ويدي الرجل, يعض على شفتيه حتى جرحتا, الدماء تتقطر من شفتيه الرقيقتين, عيناه شلالان ملونان, احمر وشفاف, يديه وساقيه, مليئة بالثقوب جراء طلقات النارية, حتى ان احد اصابعه قد فقد, اطلق دانيال طلقة اخرى, لتنطلق صرخة متألمة, حزينة, ضعيفة من ثغر الرجل الّذي صار يتمنى الموت, وضع دانيال المسدس على الطاولة, كانه قطعة زجاجية, وامسك بالملقط مرة اخرى ليسحب العين المتبقية, ويضعها قرب العين السابقة.
اخته الصغيرة انهارت وبدأت بالبكاء بشكل هيستيري, مما جعله ينظر اليها بصدمة, توجه نحوها وامسك كتفيها, وبدا بهزها قائلا بقلق :"ماذا حدث؟اانت بخير؟"-انفصام-, نفت الصغيرة براسها ليتحرك شعرها بطريقة انسيابية وجميلة, الدموع تناثرت مع حركة راسها السريعة, مما جعل من شكلها اجمل واجمل, ضمها الى صدره قائلا" احدث شي ما؟" , قالت بتأتأة والشهقات تضغم كلماتها:"ما..ت.. م..ات..لق..د..مات... م..ات.. ج..دي..." ضمها لصدره اقرب, رغم كونه قاسيا بدون قلب, اخيها يعرف جيدا كم انها تحتاجه وجده, جعلها تبكي على كتفه اثناء حملها مغادرا المكان, آمرا اعضاء العصابة ان يضمدوا جراح ضحيته, لانه لا يريد موته, يريد تركه يتعذب اكثر. ذلك التناقض بشخصيته, نتيجة قتل والده لامهم امام اعينهما, بعد انتزاع عينيها, كانت اخته تريد الصراخ والبكاء, لكنه منعها بقدر استطاعته, يعرف والده, سوف يموتون ايضا, لطالما راقب ابيه يعذب ويقتل الخدم, لانهم نظروا الى زوجته, او لانهم نظروا اليه, كان يقتلع الاعين دائما قبل القتل, وان حاول احد مساعدة الاخرين, سيقتله بطرق اشنع واقبح.